اعمار درنة
البحث عن المفقودين والتحقق من هويتهم لايزال مستمرا بعد عام من إعصار درنة الليبية

أقر مجلس النواب الليبي الثلاثاء قانونا لإنشاء جهاز "إعادة تأهيل المناطق المتضررة" جراء العاصفة دانيال التي ضربت شرق البلاد، وذلك وسط جدل محلي وانتقادات دولية لغياب التنسيق بين السلطات في شرق البلاد وغربها حيال مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار.

ومنذ أن ضربت العاصفة شرق ليبيا في وقت مبكر من 11 سبتمبر الماضي، لم تتوقف قوافل الإغاثة لضحايا الفيضانات في مدينة درنة (المنطقة الأكثر تضررا) والمناطق المنكوبة دون أن تتمكن حكومتا الشرق والغرب من تشكيل آلية أو جسم موحد لمواجهة تداعيات الكارثة.

دعوة إلى توحيد الجهود

وظهرت أصوات تنتقد غياب التنسيق منذ الأيام الأولى للكارثة، خاصة بين حكومتي أسامة حماد شرقاً وعبدالحميد الدبيبة غرباً اللتين اتخذتا جملة من الإجراءات أحادية الجانب في التعامل مع الكارثة.  

وعادت نفس الانتقادات والأصوات القلقة من تشتت الجهود وضياع أموال الإعمار، مع الحديث عن إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الكارثة، بما في ذلك أصوات أهالي المناطق المتضررة من الفيضانات في شرق البلاد.

وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا،  عبد الله باتيلي، بدوره عن قلقه من عرقلة جهود إعادة الإعمار بسبب "مبادرات أحادية الجانب ومتضاربة" من قبل مختلف الأطراف والمؤسسات الليبية. 

وشدد باتيلي، في بيان نشرته البعثة الأممية الاثنين، على الحاجة الماسة إلى إرساء "آلية وطنية موحدة" من أجل المضي قدماً بجهود إعادة الإعمار بفعالية وكفاءة في المناطق المتضررة من الفيضانات.

ويخشى كثيرون في ليبيا من أن يطال الفساد ملف إعادة الإعمار، وسط مطالبات بتسليم المهمة إلى جهات دولية موثوق في شفافيتها وخبراتها في التعامل مع كوارث مشابهة.

وأشار باتيلي إلى مخاوف الشعب الليبي إزاء "تقديرات التكلفة التعسفية، ومبادرات إعادة الإعمار أحادية الجانب التي أعلن عنها دون شفافية ومن دون تأييد جميع السلطات المعنية وأصحاب الشأن".

أصوات غربية داعمة

وبدورها انضمت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا إلى البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد بشأن إنشاء آلية ليبية موحدة للاستجابة للفيضانات في شرق البلاد.

وأعربت البعثة في بيان لها عن تأييدها القوي لدعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء آلية وطنية ليبية موحدة للاستجابة للفيضانات المدمرة في شرق ليبيا، وحثت القادة الليبيين على الاتفاق على مثل هذه الآلية دعما للشعب الليبي.

وشددت البعثة الأوروبية على ضرورة تنسيق الآلية المذكورة مع الشركاء المحليين والدوليين لـ "توجيه جهود الإغاثة الشفافة والقائمة على الحقوق والخاضعة للمساءلة ومعالجة احتياجات إعادة الإعمار في أعقاب الكارثة".

وفضلاً عن المواقف الدولية المعلنة، يتخوف نشطاء في الداخل الليبي من أن تؤثر الفوضى والانقسام السياسي في البلاد على ملف إعادة إعمار المناطق المنكوبة في ظل تنافس الحكومتين في الشرق والغرب على إدارة الملف.

وكانت حكومة حماد أعلنت عن الدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة من العاصفة "دانيال" في 10 أكتوبر الجاري، قبل أن تعلن عن تأجيله إلى بداية شهر نوفمبر المقبل.

وكشفت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عن رسالة موجهة إلى البنك الدولي في 12 سبتمبر الماضي، أي بعد يوم واحد من وقوع الكارثة، تطلب  المساعدة في عدة مجالات من بينها إدارة أموال إعمار المناطق المنكوبة جراء الفيضانات.

وفي هذا الصدد رأى المستشار القانوني للمنظمة الليبية لحقوق الإنسان، أبو عجيلة علي العلاقي، أن "حكومة أسامة حمدان في بنغازي تسعى إلى فرض وجودها في الأزمة الحالية من خلال الاستفراد بمجموعة من القرارات والإجراءات، كما يحاول فريق طرابلس الإقدام على الممارسات نفسها".

وشدد المتحدث في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية"، على ضرورة  البحث عن "حل ثالث" يسمح بتفعيل مشروع إعادة الإعمار بعيدا عن حكومتي طرابلس وبنغازي.

ويطالب  أهالي مدينة درنة والمناطق الأخرى المنكوبة في شرق ليبيا  بـ"رقابة دولية" وتكليف شركات عالمية يشهد لها في مجال الإعمار، مبدين مخاوفهم من  أن يطال الفساد مشاريع إعادة الإعمار المنتظرة والميزانيات المرصودة لذلك. 

المصدر: أصوات مغاربية + إعلام محلي

مواضيع ذات صلة

جانب من مظاهرة في ليبيا للمطالبة بتنظيم الانتخابات
يطالب الليبيون الأطراف السياسية بإتمام الإطار الدستوري وإجراء الانتخابات للخروج من الأزمة

وجهت 50 شخصية ليبية، الجمعة، رسالة للقائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، اقترحوا فيها تشكيل حكومة مصغرة لقيادة البلاد نحو تنظيم الانتخابات.

وجاء في الرسالة التي وُجهت أيضا لسفراء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين، أنه أن الأوان لوقف حالة الانقسام السياسي التي تمر به البلاد ولاستعادة ليبيا وحدتها.

وقال الموقعون على الرسالة، بينهم سياسيون ونشطاء حقوقيون، إن الانقسام المؤسساتي بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب لا يعدو أن يكون مجرد مرحلة ضمن مخطط طويل الأمن يستهدف، وفقهم، تقسيم ليبيا إلى مناطق متفرقة.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراعات سياسية، تتنافس حاليا فيها حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى برئاسة أسامة حماد عينّها مجلس النواب في فبراير 2022 ويدعمها الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.

واعتبرت الرسالة أن حالة الانقسام الذي تشهده البلاد "تسهم في تفشي الفساد، وضعف آليات الرقابة المالية والإدارية، وعدم تنفيذ أحكام القضاء الوطني. كما تؤدي إلى إبطاء جهود المصالحة الوطنية الشاملة، وترسيخ حكم المجموعات العائلية وبعض المنتفعين على حساب مستقبل الليبيين".

وطالبوا "بأن يتضمن قرار تمديد ولاية البعثة الأممية للدعم الخاص بليبيا نصا صريحا على تشكيل حكومة جديدة مصغرة، يكون هدفها الأساسي الإشراف على الانتخابات الوطنية التي تحتاجها بلادنا".

إلى جانب ذلك، دعا الموقعون على الرسالة الدول المعنية بالملف الليبي إلى لعب "دور إيجابي" حتى يتسنى لهذا البلد المغاربي تجاوز حالة الانقسام السياسي التي يعرفها منذ سنوات. 

مصغرة أم موحدة؟
وطرح مطلب تشكيل حكومة مصغرة في ليبيا لقيادة البلاد لتنظيم الانتخابات أكثر من مرة، ضمن المقترحات المقدمة لإنهاء الأزمة، لكنه قوبل بالرفض من لدن أطراف الصراع.

وكانت بدايات الحديث عن ضرورة تشكيل حكومة مصغرة جديدة للإشراف على الانتخابات قد بدأ منتصف سنة 2023، وذلك ضمن "خارطة طريق" أعلن عنها حينها مجلسا النواب والأعلى للدولة في سبيل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي المؤجل منذ ديسمبر 2021.

وتسعى البعثة الأممية في ليبيا في الأيام الأخيرة لإقناع الفرقاء الليبيين للجلوس من جديد إلى طاولة النقاش، سيما بعد النجاح الذي حققه مؤخرا في وضع حد لأزمة المصرف المركزي التي استمرت لأسابيع.

في المقابل، لم تتطرق خوري في الإحاطة التي قدمتها يوم 9 أكتوبر الجاري أمام مجلس الأمن لمقترح تشكيل حكومة مصغرة كحل لإنهاء الأزمة، بل اقترحت بدله تشكيل حكومة جديدة أو دمج الحكومتين المتنافستين.

وقالت خوري في حوار مع موقع "الأمم المتحدة" بعد تقديمها إحاطتها إنها ستركز في المرحلة المقبلة على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.

وتابعت "سنركز في خطواتنا المقبلة أكثر على الاستشارات كي نقرب وجهات النظر حول العملية السياسية حول أمور مثل +تشكيل+ حكومة موحدة جديدة، أو اندماج حكومتين مثلا. نسمع مثل هذه الأفكار من الأطراف الليبية".

المصدر: أصوات مغاربية