أقر مجلس النواب الليبي الثلاثاء قانونا لإنشاء جهاز "إعادة تأهيل المناطق المتضررة" جراء العاصفة دانيال التي ضربت شرق البلاد، وذلك وسط جدل محلي وانتقادات دولية لغياب التنسيق بين السلطات في شرق البلاد وغربها حيال مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار.
ومنذ أن ضربت العاصفة شرق ليبيا في وقت مبكر من 11 سبتمبر الماضي، لم تتوقف قوافل الإغاثة لضحايا الفيضانات في مدينة درنة (المنطقة الأكثر تضررا) والمناطق المنكوبة دون أن تتمكن حكومتا الشرق والغرب من تشكيل آلية أو جسم موحد لمواجهة تداعيات الكارثة.
دعوة إلى توحيد الجهود
وظهرت أصوات تنتقد غياب التنسيق منذ الأيام الأولى للكارثة، خاصة بين حكومتي أسامة حماد شرقاً وعبدالحميد الدبيبة غرباً اللتين اتخذتا جملة من الإجراءات أحادية الجانب في التعامل مع الكارثة.
وعادت نفس الانتقادات والأصوات القلقة من تشتت الجهود وضياع أموال الإعمار، مع الحديث عن إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الكارثة، بما في ذلك أصوات أهالي المناطق المتضررة من الفيضانات في شرق البلاد.
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله باتيلي، بدوره عن قلقه من عرقلة جهود إعادة الإعمار بسبب "مبادرات أحادية الجانب ومتضاربة" من قبل مختلف الأطراف والمؤسسات الليبية.
مخاطبا الأهالي المتضررين في المناطق المنكوبة.. رئيس الوزراء #عبدالحميد_الدبيبة يؤكد عزم #حكومة_الوحدة_الوطنية العمل على إعادة إعمار #درنة وجميع المناطق المتضررة.#حكومتنا #ليبيا pic.twitter.com/wfZcYnBai3
— حكومتنا (@Hakomitna) October 3, 2023
وشدد باتيلي، في بيان نشرته البعثة الأممية الاثنين، على الحاجة الماسة إلى إرساء "آلية وطنية موحدة" من أجل المضي قدماً بجهود إعادة الإعمار بفعالية وكفاءة في المناطق المتضررة من الفيضانات.
ويخشى كثيرون في ليبيا من أن يطال الفساد ملف إعادة الإعمار، وسط مطالبات بتسليم المهمة إلى جهات دولية موثوق في شفافيتها وخبراتها في التعامل مع كوارث مشابهة.
وأشار باتيلي إلى مخاوف الشعب الليبي إزاء "تقديرات التكلفة التعسفية، ومبادرات إعادة الإعمار أحادية الجانب التي أعلن عنها دون شفافية ومن دون تأييد جميع السلطات المعنية وأصحاب الشأن".
أصوات غربية داعمة
وبدورها انضمت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا إلى البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد بشأن إنشاء آلية ليبية موحدة للاستجابة للفيضانات في شرق البلاد.
وأعربت البعثة في بيان لها عن تأييدها القوي لدعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء آلية وطنية ليبية موحدة للاستجابة للفيضانات المدمرة في شرق ليبيا، وحثت القادة الليبيين على الاتفاق على مثل هذه الآلية دعما للشعب الليبي.
وشددت البعثة الأوروبية على ضرورة تنسيق الآلية المذكورة مع الشركاء المحليين والدوليين لـ "توجيه جهود الإغاثة الشفافة والقائمة على الحقوق والخاضعة للمساءلة ومعالجة احتياجات إعادة الإعمار في أعقاب الكارثة".
وفضلاً عن المواقف الدولية المعلنة، يتخوف نشطاء في الداخل الليبي من أن تؤثر الفوضى والانقسام السياسي في البلاد على ملف إعادة إعمار المناطق المنكوبة في ظل تنافس الحكومتين في الشرق والغرب على إدارة الملف.
الدكتور أحمد الجهاني معلقاً علي "كثرة صناديق إعادة إعمار #درنة في #شأن_عام
— Mohamed Zeidan محمد زيدان (@_mohamedzidane) September 23, 2023
" الناس هم وسيلة الضغط الوحيدة ❗️كلهم خايفين منهم ،كلهم يبحثوا علي مخرج ،عارفينها حصله" pic.twitter.com/J0A4QbOFO9
وكانت حكومة حماد أعلنت عن الدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة من العاصفة "دانيال" في 10 أكتوبر الجاري، قبل أن تعلن عن تأجيله إلى بداية شهر نوفمبر المقبل.
وكشفت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عن رسالة موجهة إلى البنك الدولي في 12 سبتمبر الماضي، أي بعد يوم واحد من وقوع الكارثة، تطلب المساعدة في عدة مجالات من بينها إدارة أموال إعمار المناطق المنكوبة جراء الفيضانات.
رئيس مجلس وزراء الحكومة الليبية - رئيس اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة د. أسامة حماد يدعو المجتمع الدولي للمشاركة في فاعليات مؤتمر إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة من إعصار دانيال، الذي سيتم تنظيمه يوم الثلاثاء الموافق 10 أكتوبر 2023 في مدينة درنة pic.twitter.com/qQRA23w4K4
— Dr. Osama Hamad - د. أسامة حماد (@DrOsamaSHamad) September 23, 2023
وفي هذا الصدد رأى المستشار القانوني للمنظمة الليبية لحقوق الإنسان، أبو عجيلة علي العلاقي، أن "حكومة أسامة حمدان في بنغازي تسعى إلى فرض وجودها في الأزمة الحالية من خلال الاستفراد بمجموعة من القرارات والإجراءات، كما يحاول فريق طرابلس الإقدام على الممارسات نفسها".
وشدد المتحدث في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية"، على ضرورة البحث عن "حل ثالث" يسمح بتفعيل مشروع إعادة الإعمار بعيدا عن حكومتي طرابلس وبنغازي.
ويطالب أهالي مدينة درنة والمناطق الأخرى المنكوبة في شرق ليبيا بـ"رقابة دولية" وتكليف شركات عالمية يشهد لها في مجال الإعمار، مبدين مخاوفهم من أن يطال الفساد مشاريع إعادة الإعمار المنتظرة والميزانيات المرصودة لذلك.
المصدر: أصوات مغاربية + إعلام محلي