انتقدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا ما ورد في الإحاطة التي قدمها المدعي العام للجنائية الدولية، كريم خان، أمام مجلس الأمن، مؤخرا، بخصوص الوضع الحقوقي في هذا البلد المغاربي.
وأعربت المنظمة الحقوقية الليبية، في بيان أصدرته أمس الإثنين، عن "استيائها واستغرابها من آليات التعامل التي ينتهجها فريق عمل المحكمة الخاص بليبيا في التواصل والتعاون والعمل الانتقائي مع المؤسسات الحقوقية والقانونية المستقلة وغير الحكومية الليبية"، كما أبدت تحفظها حيال "التعامل الانتقائي مع المؤسسات الحقوقية الليبية، وهو ما لا يسهم في نجاح عمل المحكمة في الملف الليبي".
اتهامات بـ "الانتقائية"
وطلبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان المدعي العام للجنائية الدولية بـ"التواصل والعمل المشترك مع جميع أصحاب المصلحة من المؤسسات الحقوقية والقانونية المختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة الانتقالية في ليبيا بدون انتقائية وتهميش المؤسسات الوطنية والمحلية الفاعلة".
وخلال تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن، بتاريخ 8 نوفمبر الماضي، أفاد المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بأن الفريق التابع لمكتبه أجرى 15 زيارة في ثلاث مناطق جمع خلالها أكثر من 4 آلاف دليل، بخصوص التجاوزات الحقوقية المرتكبة في ليبيا، تشمل مقاطع فيديو وصورا فضلا عن مقابلة عدد كبير من الشهود.
وأضاف بأن مكتب الجنائية الدولية في ليبيا "استمر في بناء زخم إيجابي بشأن الحالة في ليبيا، وذلك من خلال الشراكة مع المجتمعات المتضررة والسلطات الوطنية والشركاء الدوليين"، مشيرا إلى ما وصفها بـ"النتائج الحقيقية التي قال إنها تحققت خلال الأشهر الستة الأخيرة".
وتطرف خان أيضا إلى "التجاوزات" التي تستهدف المهاجرين الأجانب في ليبيا، مشيرا إلى أنه "حقق تقدما في التحقيقات المتصلة بمناطق الاحتجاز والجرائم ضد المهاجرين في ليبيا".
وأضاف "قمنا بتعميق انخراطنا مع من تأثروا بهذه الجرائم. تواصلنا مع الضحايا ومنظمات الضحايا ومع ممثلين ومنظمات من المجتمع المدني حول الحالة في ليبيا".
ولفت المدعي العام إلى أن "طاقمه المحلي يواجه قيودا كبيرة في الحصول على الموارد"، مؤكدا أن "العامل أضحى يؤثر على قدرة المكتب في تنفيذ ولايته بليبيا".
مشكل التدويل
ويثير موضوع معالجة الجرائم ضد الإنسانية المسجلة في ليبيا خلال السنوات الماضية جدلا كبيرا في الأوساط الحقوقية المحلية، بين من لا يبدي أية ممانعة في ضرورة فتح المجال أمام الهيئات الدولية من أجل القيام بتحقيقات شاملة ومعاقبة مرتكبيها، وجهات أخرى ترى في الأمر تدخلا في صلاحية القضاء المحلي.
في الصدد، شددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على أن القضاء الليبي "يملك القدرة على ملاحقة المسؤولين عن جميع أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والجرائم بجميع أوصافها وأشكالها وتصنيفاتها، معتبرة أن" تحقيق العدالة وضمان حقوق الضحايا والمتضررين وإنصاف الضحايا، اختصاص سيادي للقضاء الليبي لا مجال للتنازل عنه".
وطالبت في الصدد محكمة الجنايات الدولية بـ "تعزيز أطر تعاونها مع السلطات القضائيّة الليبية، ما من شأنه أن يُسهم بشكلٍ كبير في دعم جهود تعزيز المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب وضمان حقوق الضحايا وتعزيز سيادة القانون والعدالة والإسهام في تحقيق السلام والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقاليّة في ليبيا".
لكن منظمات حقوقية محلية أخرى أصدرت، شهر يونيو الماضي، بيانا شددت ضمنه على أن "النظام القضائي الليبي يواجه اليوم أزمة أمنية خطيرة للغاية قد تؤثر سلبا على فعالية عمل السلطة القضائية"، وطالبت بـ"توفير الضمانات اللازمة لاستقلال السلطة القضائية وخاصة لتوفير مناخ آمن للعاملين في مؤسسات الدولة".
وكانت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، حنان صلاح، دعت المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية إلى "التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة في حال عجزت السلطات الليبية عن إجراء مساءلة محلية عن الفظائع ضد أهالي ترهونة"، مؤكدة أن "أقارب المئات من الذين اعتُقلوا تعسفا وعذبوا أو أُخفُوا ووُجِدوا فيما بعد في مقابر جماعية ما زالوا ينتظرون العدالة".
- المصدر: أصوات مغاربية