يشتكي عدد من النشطاء الحقوقيين في موريتانيا من مخلفات مصانع دقيق السمك ويدقون ناقوس الخطر من احتمال حدوث كارثة بيئة في عدد من المدن السياحية إذا لم تتدخل السلطات لوقف نشاطها.
ويقود النشطاء في منطقة نواذيبو الواقعة شمال غرب موريتانيا، حراكا للمطالبة بإغلاق نحو 50 مصنعا ويتهمونها بتلويث البيئة وبتهديد الأمن الغذائي للمواطنين.
ورغم حصولها على تراخيص من السلطات الموريتانية، إلا أن النشطاء يقولون إن مصانع دقيق السمك لا تحترم دفاتر التحملات ولا القوانين الدولية المنظمة لاستغلال الثروة السمكية.
مخلفات خطرة
وفقا لدراسة أصدرتها منظمة "غرين بيس" عام 2019، تتسبب مصانع دقيق السمك، المعروفة محليا بـ"شركات موكا"، في "كوارث بيئية" في موريتانيا والسنغال وغامبيا، إذ أنها تستهلك 5 أطنان من الأسماك لإنتاج طن واحد من دقيق السمك.
وأشارت الدراسة إلى أن موريتانيا تستحوذ على حصة الأسد من مصانع دقيق السمك المنتشرة في منطقة غرب أفريقيا، حيث زاد عددها من 6 مصانع عام 2011 إلى 39 مصنعا عام 2015.
ودعت "غرين بيس" موريتانيا وباقي دول غرب أفريقيا إلى سحب التراخيص الممنوحة لمصانع دقيق السمك لكونها تهدد "مقدرات بحار هذه الدول من الأسماك الصغيرة"، كما تهدد البيئة بـ"مخلفاتها الخطرة".
ويستحوذ مستثمرون صينيون وأتراك على نسبة مهمة من التراخيص التي تمنحها السلطات الموريتانية للمستثمرين الأجانب الراغبين في افتتاح مصانع لدقيق السمك في البلاد، بحسب موقع صحراء ميديا المحلي.
جرائم ومجازر بيئية
ويقول منصور إبراهيم بيداها، مؤسس "حراك بيئتي وسمكي في خطر"، إن مصانع دقيق السمك "ترتكب جرائم ومجازر في حق المواطنين الموريتانيين في وقت تصارع فيه البلاد تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية".
ويضيف الناشط الحقوقي "موريتانيا بلد فقير باعتراف رسمي من أعلى سلطة في البلاد، ورغم ذلك يتم استنزاف خيراته من لدن مصانع دولية لا ترحم لا البيئة ولا احتياجات المواطنين".
ويتهم الحراك مصانع دقيق السمك في موريتانيا باستنزاف نحو 3 ملايين طن من الأسماك الطازجة خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما يحملها المسؤولية في أزمة العطش الذي تعاني منه عدد من مناطق البلاد.
ووفق معطيات نشرتها صفحة الحراك على الفيسبوك، تستهلك "مصانع موكا" 20 طنا من المياه الصالحة للشرب لطحن 100 طن من الدقيق، في وقت تعاني فيه نواذيبو والمناطق المحيطة بها من ندرة في المياه.
وإضافة إلى ذلك، يوضح منصور إبراهيم بيداها، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن مصانع السمك مسؤولة أيضا على انتشار أمراض معدية بسبب مخلفاتها التي ترمى قرب المناطق السكنية وفي البحر.
ومن المطالب التي يرفعها "حراك بيئتي وسمكي في خطر"، إغلاق مصانع دقيق السمك "بدون قيد ولا شرط"، وتشكيل لجنة وزارية لفحص المياه في نواذيبو، كما يطالبون بمراجعة اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوروبي وباقي الدول الأخرى.
وفي انتظار تحقيق ذلك، قال الناشط البيئي إن الحراك يستعد لرفع دعوة قضائية ضد "مصانع موكا" في موريتانيا وخارجها، مؤكدا أنه "في ظل الأزمة الغذائية التي تمر بها المنطقة، لم يعد مقبولا أن يعاني المواطن البسيط من المجاعة في وقت تستنزف فيه هذه المصانع ثرواته في واضحة النهار بطرق غير قانونية".
وأغلقت السلطات الموريتانية عددا من مصانع دقيق السمك في السنوات الخمس الماضية، بسبب عدم احترامها لدفاتر التحملات وللمعايير الصحية، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
المصدر: أصوات مغاربية