رغم تحركات حكومية وإقالات مسؤولين، ما تزال مناطق موريتانية عدة تواجه أزمة شح المياه، وسط ارتفاع أسعارها واختفاء كميات كبيرة منها في مدن شمال البلاد على غرار العاصمة الاقتصادية نواذيبو.
وتعهدت الحكومة مجددا باتخاذ إجراءات عدة لتزويد السكان بالمياه، وإصلاح مضخات معطلة منذ أشهر، بالإضافة إلى توفير صهاريج للسكان ومنع المضاربات في الأسعار.
اختفاء المياه يوميا في نواذيبو
ووفّرت وزارة المياه، الخميس، خمسة صهاريج لتزويد بعض أحياء نواذيبو بالمياه، مشيرة إلى "اختفاء 5000 متر مكعب من المياه يوميا" بالمدينة.
وقال وزير المياه والصرف الصحي، إسماعيل ولد عبد الفتاح، في تصريحات صحفية إنه "لا أثر لهذه الكمية من المياه على وثائق الفوترة لدى الشركة"، وأن "الأمر قد يكون من بين أسباب الأزمة" الحالية بشمال البلاد.
وشدد على أنه أصدر أوامره إلى المدير العام للشركة الوطنية للماء من أجل "التحقيق في الأمر، وتقديم نتائج التحقيق في أسرع وقت ممكن"، مردفا: "في حال تعلّق الموضوع بسرقة أو فوضى فإن المتورطين سينالون جزاءهم".
لكنه لم يستبعد أيضا أن يعود سبب اختفاء هذه الكميات الكبيرة إلى "تسرب في شبكة التوزيع".
"حزمة" إجراءات
إلى ذلك، قال الوزير الموريتاني إن السلطات ستتغلب على على مشاكل العطش بالمدينة "في القريب العاجل"، مضيفا أن الصهاريج الخمسة التي وفرتها الوزارة ستعمل على "إيصال المياه مجانا إلى الأحياء التي لا تصلها بسبب الارتفاع أو تلك التى لا تصلها الشبكة.
وأشار إلى أن السلطات قررت "إغلاق كافة نقاط بيع المياه بالمدينة ما عدا اثنتين تم وضع إحداهما تحت سلطة الإدارة والثانية تتبع للبلدية، وذلك لتوزيع المياه المتوفرة بشفافية بين المواطنين".
وإلى جانب ذلك، تحدث الوزير عن إصلاح محطة كبيرة تعطّلت منذ سبتمبر العام الماضي، مؤكدا أن الأخيرة "تساهم في ضخ 60 بالمئة من المياه إلى المدينة".
كما اتخذت الوزارة إجراءات أخرى منها "العمل على تقليص الكميات المهدرة من المياه"، و"وضع عدادات لقياس الاستهلاك"، و"التوزيع العادل للكميات المنتجة من الماء بين مختلف الأحياء"، بالإضافة إلى "اقتناء مولد كهربائي لمحطة تحلية مياه البحر، ومجموعة من الصهاريج لإيصالها إلى الأماكن غير المغطاة بشبكة التوزيع".
ضغوط رئاسية على المسؤولين
ويأتي كل هذا بعد أيام قليلة على إعلان مجلس الوزراء إقالة مسؤولين على خلفية أزمة مماثلة شهدتها أحياء عدة بالعاصمة نواكشوط.
حينها، ارتفع سعر قنينة مياه من سعة 20 لترا من 70 أوقية (نحو دولارين) إلى 200 أوقية (5 دولارات ونصف)، كما ارتفعت أسعار الصهاريج المائية بنسبة كبيرة.
وتحرّك الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، عبر إقالة المدير العام للشركة الموريتانية للمياه، محمد محمود ولد جعفر، ونائبه وعين خلفين لهما، كما زار بشكل مفاجئ مشروع آفطوط الساحلي الذي يغذي العاصمة بالمياه.
وفي الفترة نفسها، جمَع الرئيس الغزواني عدداً من الوزراء والأمناء العامين للوزارات بالقصر الرئاسي، متوعدا المسؤولين المتورطين في "الفساد"، بالتأكيد أنه لن يتسامح مع أي "اختلال".
وأضاف: "لن يكون هنالك بعد اليوم أي تسامح من طرفنا مع أي اختلال للصلاحيات والإمكانيات التي أعطيت لخدمة المواطن ولإنجاز المشاريع في الوقت، ومن استغلها في غير ذلك ستُسحب منه وسيُسأل عن أي تفريط".
أزمة متعددة الأبعاد
وتعاني البلاد من أزمة جفاف حادة وضعف الاستثمار في البنى التحتية، لكن الحكومة تسعى إلى تذليل هذه العقبات عبر جمع التمويلات الدولية، وذلك في أفق تمكين كل السكان من الولوج الكامل للمياه بحلول عام 2030.
وأعلنت الحكومة، نهاية مارس الماضي، اكتمال إنشاء بنية تحتية لمياه الشرب في 670 بلدة، ومد 1400 كلم من الأنابيب، وتوفير المياه لـ150 ألف أسرة وإكمال 19 حوضا جديدا لتخزين وحفظ مياه الأمطار.
كما ضاعفت الحكومة الموريتانية الموارد المالية المخصصة لقطاع المياه في موازنة العام الحالي، في إطار خطة لإيصال الماء إلى مئات التجمعات المحلية في المناطق الريفية قبل عام 2025.
وبحسب منظمات دولية، فإن معدلات ربط المناطق الريفية وشبه الحضرية بالمياه جد ضعيفة، إذ لا تتجاوز أحيانا 19 في المئة.
ووفقا لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، في فبراير الماضي، فإن الظروف المناخية القاسية تعمق مشاكل الإجهاد المائي، مشيرا إلى أن تغير المناخ يؤثر سلبا على الفرشة المائية الجوفية للبلاد، ما يؤثر أيضا على الزراعة.
المصدر: أصوات مغاربية/ وسائل إعلام موريتانية