رئيس موريتانيا يدعو لاستئصال الصور النمطية المضرة باللحمة الاجتماعية
قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إن حكومته تعمل على تنقية التراث الموريتاني عبر "استئصال" جميع الصور النمطية الزائفة والتي تضر باللحمة الاجتماعية، وذلك بعد أيام قليلة من ضجة شهدتها البلاد بعد فتوى دينية اعتبرت مسيئة لفئة الفنانين.
جاء ذلك خلال افتتاح "المؤتمر الدولي للسيرة النبوية"، الذي انطلق السبت، في العاصمة نواكشوط، بحضور عدد كبير من الضيوف من بلدان إسلامية عدة.
وأضاف ولد الغزواني أن الصور النمطية "الزائفة" التي تنتشر في المجتمع الموريتاني، تصادم "مقاصد الشرع الإسلامي ومقتضيات قانون البلاد" كما أنها تضر باللحمة الاجتماعية وتتخذها أطراف عدة لخدمة "أجندات مشبوهة".
وتأتي تصريحات الرئيس الموريتاني، بعد أيام من ضجة عرفتها البلاد بخصوص دعوات تطالب بالمساواة والتخلي عن التراتبية الاجتماعية، وذلك إثر نشر فتوى لرجل دين بارز يدعو فيه لعدم الصلاة على المنتسبين لفئة الفنانين الذين وصفهم بـ "أهل المجون".
وأثارت تلك الفتوى موجة تعاطف واسعة مع هذه الفئة من قبل عدد كبير من رواد منصات التواصل الاجتماعي كما طالب البعض الدولة بفرض سلطتها على الجميع وتحقيق العدل بين جميع فئات المجتمع.
مطالبات بالمساواة
وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت بموريتانيا دعوات المطالبة بالمساواة والتخلي عن التمييز في هذا المجتمع المتشكل من قبائل وفئات مجتمعية مختلفة، ما زاد من الحاجة لوجود جمعيات عاملة في هذا الإطار.
وأعلن في نوفمبر الماضي بالعاصمة نواكشوط، عن تأسيس منظمة حقوقية غير حكومية تحمل اسم "سياني" (سواسية)، وافتتحت أنشطتها بتنظيم منتدى حول مبدئ المساواة في "الشريعة الإسلامية والقانون الموريتاني.
ولا يزال المجتمع العربي في موريتانيا يحتفظ بهوياته التاريخية التي تنقسم إلى (لعرب) وهم من قبائل من المحاربين الذين شكلوا في السابق القوة العسكرية في البلاد، و(الزوايا) وهي المجموعات القبلية التي اهتمت بنشر العلم والتراث والأدب.
كما يتكون المجتمع العربي الموريتاني من مجموعات أخرى ترى نفسها تعرضت لظلم تاريخي من بينهم (لمعلمين) وهم الصناع التقليديون، و(يكاون) وهي الأسر الفنية التي اهتمت بالشعر والفن التقليدي.
ويطالب هؤلاء منذ مدة بفرض قوانين تجرم المساس من حقوقهم، وتعاقب من يكرسون "النظرة الدونية تجاههم"، وذلك رغم وضوع قوانين البلاد في هذا الصدد.
وإلى جانب المكون العربي، توجد في موريتانيا ثلاثة عناصر أفريقية غير عربية معروفة محليا بـ "لكور"، وهم "الولوف" و"البولار" و"السونونكي"، ويتحدثون لغات محلية منصوص عليها في الدستور تحمل نفس مسميات الفئات الثلاث.
إجراءات حكومية
وعلى المستوى الحكومي، كان الرئيس ولد الشيخ الغزواني دعا في خطاب عام ٢٠٢١ إلى الوقوف في وجه ما سماه "النفس القبلي المتصاعد" في البلاد، والذي عده "منافيا لمنطق الدولة الحديثة".
وتحدث ولد الغزواني أيضا عن الفئات الاجتماعية الهشة معتبرا أنها ساهمت بشكل كبير في "صمود المدن القديمة"، وأردف في خطاب بمدينة وادان التاريخية: "يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات في مجتمعنا تاريخيا من ظلم ونظرة سلبية".
وفي يونيو من العام الماضي، أعلنت البلاد إنشاء قرية مخصصة للصناعة التقليدية في العاصمة نواكشوط، بهدف دعم الصناع التقليديين (لمْعلمين)، وهم فئة من المجتمع امتهنت الصناعة التقليدية وترى أنها تعرضت لظلم وتهميش تاريخيين في البلاد.
وستُعنى هذه القرية، بحسب وزارة الإسكان في البلاد، بتطوير وتفعيل أداء الصناعة التقليدية وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الموريتاني، وستكلف خزينة الدولة 4 مليارات و314 مليون أوقية قديمة (حوالي 120 مليون دولار).
المصدر: أصوات مغاربية/ مواقع محلية