موريتانيا

هي الأولى.. جائزة سنوية بموريتانيا لتكريس الشفافية ومحاربة الفساد

07 نوفمبر 2023

أعلنت منظمة الشفافية الشاملة الموريتانية (غير حكومية)، الاثنين، عن استحداث جائزة سنوية تزامنا مع الذكرى السنوية لمحاربة الفساد، وذلك في ظل التوجه الحكومي الرسمي لتعزيز حضور البلاد بين الدول لمكافحة الفساد.

وتسعى المنظمة إلى تشجيع الصحافة الاستقصائية ونشطاء التواصل الاجتماعي في مجال الكشف عن الفساد والتوعية بمخاطره، في ظل تسجيل ارتفاع لعمليات التفتيش ضد المؤسسات الحكومية خلال السنوات الماضية.

وتهدف منظمة الشفافية التي رأت النور في يونيو الماضي لمحاربة الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب، إذ قال رئيسها المعارض وعضو مجلس الشيوخ السابق محمد ولد غده، إن المنظمة تتأسس في ظل "اتساع الفساد والإفلات من العقاب نتيجة النهج المتسامح والمتغاضين عنه"، وفق تعبيره.

ووفق المصدر ذاته، ستمنح الجائزة هذا العام وقدرها 4 ملايين 500 ألف اوقية قديمة (نحو ١٢ ألف دولار) يوم 9 ديسمبر القادم، وذلك تماشيا مع اليوم الدولي للشفافية.

وكانت محكمة الحسابات بموريتانيا رصدت في تقريرها لأعوام 2019-2020-2021، "منح عطايا وهبات دون أساس قانوني"، مع وجود "خروقات للقوانين والنظم التي تحكم التصرف في الأموال العمومية" وهو ما أثار جدلا واسعا بشأن سبل مكافحة الفساد.

وذكرت مواقع محلية، إن مجلس الوزراء أقال في اجتماعه نهاية أكتوبر الماضي، عددا من المسؤولين على خلفية تقرير محكمة الحسابات (هيئة رقابية حكومية)، والذي تم الكشف عن فحواه أواخر الشهر نفسه.

وبحسب المصدر ذاته، فقد شملت الإقالات كلا من الأمين العام لوزارة الوظيفة العمومية، والأمين العام سابقا لوزارة البيئة محمد ولد أحمدوا، والأمين العام لوزارة التجارة، والأمين العام سابقا لوزارة البيئة عبدول ممادو باري بالإضافة لمسؤولين آخرين.

وتحدث تقرير المحكمة السنوي عن وجود اختلالات "تقوض شفافية تسيير الأموال العمومية" في عدة مؤسسات من بينها "مفوضية الأمن الغذائي" خصوصا في فترة رئيسيها السابقين محمد محمود ولد بوعسرية، وسلفه نجوى بنت الكتاب، اللذين لا يشغلان مناصب عمومية في الوقت الحالي.

وكانت موريتانيا حققت مؤخرا تقدما على عدة مؤشرات دولية وأممية من بينها تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية اعتبرها من الدول التي حققت "تقدما كبيرا" على مستوى الشفافية الضريبية خلال العام 2022. 

وصنف التقرير الذي أصدره مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية التابع لوزارة الخارجية الأميركية هذا البلد المغاربي من ضمن الدول الـ 27 التي تطورت في مجالات الشفافية الضريبية والوصول إلى بياناتها المالية.

المصدر: أصوات مغاربية/ مواقع محلية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية