سهرة للفنان بوطبول (صورة قناة SOUNDOFMOROCCO على اليوتيوب)
سهرة للفنان بوطبول (صورة قناة SOUNDOFMOROCCO على اليوتيوب)

"قفطانك محلول"، "هاكا ماما"، "صدرك على صدري"، هذه وغيرها الكثير من الأغاني القديمة مازالت حاضرة رغم مرور عقود طويلة على خروجها إلى الوجود، مازالت تطرب الآذان وترددها الألسن، ولكن دون أن يدري الكثيرون أنها أغاني أبدعها فنانون مغاربة يهود كانوا في وقت من الأوقات يحظون بشهرة واسعة كما كانت أغانيهم تتردد في المغرب وخارجه.​

تزخر المكتبة الموسيقية المغربية، بكم هائل من إبداعات الفنانين المغاربة اليهود، كزهرة الفاسية، وسامي المغربي، وفيليكس المغربي، وحاييم بوطبول، وغيرهم الكثير من المطربين الذين تألقوا في فترة يمكن اعتبارها العصر الذهبي للأغنية اليهودية المغربية والممتدة من أربعينيات إلى ستينيات القرن الماضي، قبل أن يختفي كثير من الفنانين وتختفي كثير من الإبداعات التي تشهد على التعايش الذي طالما ميز المجتمع المغربي، يهودا ومسلمين..

غياب أم تغييب؟

هل يتعلق الأمر بغياب أم بتغييب؟ الآراء مختلفة، فهناك من يرى أن اختفاء الأغنية اليهودية مرتبط باختفاء مبدعيها من المطربين الكبار سواء ممن توفوا أو ممن هاجروا المغرب، وهناك فنانون يؤكدون على أنهم حاضرون بإنتاجاتهم الجديدة وبالحفلات المختلفة التي يحيونها داخل وخارج المغرب، غير أنهم "مغيبون" من وسائل الإعلام الوطنية المغربية.

​​المطرب المغربي، مكسيم كاروتشي، يؤكد أن "الأغنية اليهودية المغربية عرفت أوج ألقها في أواسط القرن الماضي".

وعن سبب غياب كثير من الأغاني والمغنيين المغاربة اليهود عن الساحة الفنية خلال السنوات الأخيرة، يقول كاروتشي إن "الأمر يتعلق بتغييب وليس  بغياب".

كاروتشي، يبرز في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" أنه "لا تتم دعوة كثير من الفنانين الموجودين حاليا من طرف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية كما لا يتم بث أغانيهم".

"الجديد موجود، ونحن موجودون، لكن نادرا ما تتم دعوتنا من طرف القنوات والإذاعات وحتى المهرجانات" يقول كاروتشي، مشيرا إلى أن الأغاني الجديدة وحتى مجموعة كبيرة من الأغاني القديمة "لا يتم بثها".

وحسب كاروتشي فإن هذه مشكلة تعانيها الأغنية المغربية بشكل عام، مبرزا أن مجموعة من أغاني الرواد المغاربة، "يتم الاحتفاظ بها في الرفوف ولا يتم بثها".​

​​من جهته، يرى الباحث المغربي في الموسيقى اليهودية، محمد الحداوي، أن الاختفاء التدريجي، للأغاني اليهودية والمطربين المغاربة اليهود من الساحة الفنية المغربية، يرجع إلى ثلاثة أسباب  أولها وفاة كثير من النجوم، وثانيها هجرة بعضهم، وثالثها على حد تعبيره "أنه في هذا البلد شعار الشخص المناسب في المكان المناسب لا يتم العمل به " بحيث يؤكد أن "ترامي بعض من ليست لهم علاقة بالميدان الفني عليه أسهم في تغييب تلك الأغاني وبعض المطربين".

الفنان المغربي، مارسيل بوطبول، المنحدر من عائلة بوطبول الفنية الشهيرة، يؤكد من جانبه أن الجديد موجود، غير أنه يشدد على أن "للقديم سحر خاص" على حد تعبيره، مشددا هنا على "ضرورة بث تلك الأغاني ليتعرف عليها الجيل الحالي".

ومثل كاروتشي، يشير بوطبول إلى مشكلة عدم بث وسائل الإعلام الوطنية كثيرا من الأغاني اليهودية المغربية، مضيفا أن مجموعة كبيرة من أغاني عائلة بوطبول - على سبيل المثال- موجودة في أرشيف الإذاعة والتلفزة المغربيتين ولكنهم لا يبثونها، مبرزا أن "هذه المشكلة لا تقتصر فقط على أغانيهم بل على كم هائل من الأغاني المغربية كأغاني عبد الصادق شقارة".

تجديد أم تشويه؟

في الوقت الذي غابت كثير من الأسماء، وغابت كثير من الأغاني، هناك عدد من الأغاني التي يتم تقديمها من طرف فنانين آخرين، بعضها تم إدخال تغيير بسيط على إيقاعاتها.​

​​مكسيم كاروتشي، يؤيد هذا الأمر، خصوصا وأنه بدوره أعاد تقديم مجموعة من القصائد، وذلك بهدف تعريف الجيل الجديد عليها، مشيرا هنا إلى أن التوزيع الجديد "يحيي" الأغنية، على حد تعبيره.

بدوره، يعتبر مارسيل بوطبول أن هذا أمر إيجابي بل وضروري، غير أنه وبموازاة ذلك يشدد على ضرورة بث الأغاني القديمة على مختلف وسائل الإعلام المرئي والمسموع ليتعرف عليها جيل اليوم.​

​​محمد الحداوي، من جانبه، لا يخفي استياءه من الأغاني المعادة، ويصفها بـ"المسخ"، ويؤكد على أن "زبدة" الموسيقى اليهودية المغربية لا يتم بثها.

مرد استياء الباحث المغربي، حسب تصريحه، هو "ترامي البعض على مجال ليس لهم به علم" على حد تعبيره.

​​ويشدد الحداوي على ضرورة بث الأغاني التي تزخر بها الخزانة  الوطنية، والتي قدمها مجموعة من الفنانين المغاربة اليهود، مبرزا هنا أن "المغاربة اليهود أسدوا الكثير للموسيقى المغربية وخاصة في الطرب الغرناطي وطوروا الملحون ونظموا القصائد وأثروا الخزانة الموسيقية المغربية بإنتاجات غزيرة".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

من مسيرات الحراك الجزائري-أرشيف
من مسيرات الحراك الجزائري-أرشيف

قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، كليمو نياليتسوسي فوول، خلال زيارته للجزائر، إن الهيئة الأممية مهتمة بـ"التحديات والممارسات وطرق التنسيق وضمان برامج إذكاء القدرات في مجال ضمان الحريات والمعرفة القانونية لكل الأطراف المعنية والمتدخلة قبل وخلال وبعد التجمعات والتظاهرات السلمية".

جاء ذلك خلال لقاء جمعه، أمس الإثنين، مع رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد المجيد زعلاني، الذي قدم بدوره شروحات حول "طبيعة تنسيق، تعاون وتفاعل المجلس مع مختلف التنظيمات الجمعوية في الجزائر"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.

وكان مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أشار مؤخرا إلى أن مقرر الأمم المتحدة الخاص سيقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 26 سبتمبر 2023. 

وسيكون "تقييم الامتثال لحقوق الحرية في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بما في ذلك الإطار القانوني المتعلق بهذه الحقوق، والتحديات والفرص المتاحة لحمايتها" محور عمل المقرر الأممي في الجزائر، بالإضافة إلى تركيزه على "قدرة منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والأحزاب السياسية على العمل بحرية، فضلا عن تدابير حماية الحق في التجمع السلمي".

وسيكون للممثل الأممي عدة لقاءات مع نواب في البرلمان ومسؤولين في القضاء وهيئات مدنية وحقوقية وإعلامية أخرى.

وكانت منظمة العفو الدولية ذكرت، في تقرير رسمي لها العام الماضي، أن الجزائر أجلت في سبتمبر 2022 زيارة المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وذلك للمرة الثامنة منذ عام 2011.

فما هي دلالات هذه الزيارة الأممية للجزائر؟

أبعاد الزيارة

تعليقا على ذلك، يرى رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (هيئة حقوقية تابعة لرئاسة الجمهورية تم استبدالها بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان)، فاروق قسنطيني، أن الزيارة "تحمل طابعا تفقديا، لكنها ليست ذات مضامين استثنائية أو خاصة بحدث معين استرعى اهتمام المقرر الأممي للتحقيق والاستقصاء"، وهي تعبير "عن جس نبض لترسيخ الثقة بين الحكومة وهذه المنظمات الحقوقية".

وتبعا لذلك، يؤكد قسنطيني في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن الزيارة "تحمل دلالات على التقارب الرسمي مع المنظمات والهيئات الأممية الحقوقية وغير الحكومية"، كما أنها فرصة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان "حتى يضع النقاط على الحروف، بتصحيح النظرة الناقصة والمغلوطة لدى الهيئات الأممية والدولية الحقوقية بشأن الحريات في الجزائر"، وهي نظرة وصفها المتحدث بـ"غير الواقعية والتي استمرت فترة طويلة دون أن تجد طريقها للتقويم". 

ويعتقد المتحدث أنه من دلالات الزيارة ثقة الحكومة بأن "الوضع الحقوقي في البلاد يعرف تحسنا أفضل مقارنة بالسنوات الماضية، خصوصا بإشراك المجتمع المدني والجمعيات في النشاطات المختلفة دون تضييق على حقوقها"،

واعتبر، في سياق حديثه عن هذا الجانب الذي يشمل جزءا من مهمة المقرر الأممي، أن حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تم "وفق قوانين الجمعيات بعدما جمد الأعضاء نشاطها، وأغلقت جل مكاتبها الولائية، وتفككت هياكلها بسبب الخلافات الداخلية بين بعض أعضائها ووجود مؤسسين لها خارج الجزائر"، مضيفا أن الحكومة "مستعدة للتعامل مع كل القضايا الحقوقية المطروحة من قبل المقرر الأممي".

وحلت الحكومة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية في 31 يناير من السنة الجارية إلى أنه تم حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بقرار من العدالة "بسبب غياب مسئوليها المقيمين بالخارج".

خيار الحوار

وفي سياق الحديث عن دلالات زيارة المقرر الأممي، يعتقد الحقوقي يوسف بن كعبة أن الزيارة التي تحققت بعد تأجيل لعدة سنوات "تعكس رغبة رسمية في أن تسلك الحكومة طريق الحوار مع الهيئات الأممية بدلا من المقاطعة والهروب من المواجهة". 

ويضيف الحقوقي بن كعبة أن "الوقت قد حان لمناقشة القضايا الحقوقية بكل شفافية مع الشركاء الدوليين"، معتبرا أن "الحكومة أمام موقف حرج بالنسبة لقضايا حقوق الإنسان بسبب التراجع الكبير ووجود صحفيين في السجون وتغييب الأحزاب وتجاهل المحامين في تعديل قانون الإجراءات الجزائية".

وتبعا لذلك، فإن تراكمات هذه الملفات أصبحت "مزعجة للحكومة التي قبلت أخيرا بفتح ملف حقوق الإنسان بكل تفاصيله مع المقرر الأممي"، بحسب بن كعبة الذي يرى أن الحكومة تسعى لسحب تلك الملفات من يد المنظمات غير الحكومية التي طالما طالبت بزيارة الجزائر للاطلاع على أوضاع حقوق الانسان وناشطي الحراك الشعبي لسنة 2019".

 

المصدر: أصوات مغاربية