Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عائشة الشنا
عائشة الشنا

يصفها البعض بـ"الأم تيريزا" المغربية، بالنسبة لآخرين هي الفاعلة الجمعوية الأكثر تقديرا في المغرب، بينما يلقبها الكثيرون ببساطة "مي عيشة".

عائشة الشنا، المرأة التي كرست ما يقارب الـ40 عاما من حياتها للدفاع عن حق الأم العازبة في الاحتفاظ بابنها، موضوع شائك تعرضت بسببه لهجوم من قبل من تصفهم بـ"المتشددين".

كثيرون لا يعلمون بأن أول معركة خاضتها عائشة الشنا كانت من أجل الحق في التعليم، كيف مرت عليك هذه الواقعة؟

في الحقيقة، لم أكن أنا من خضت هذه المعركة إنما والدتي. تيتّمت وعمري لا يتجاوز ثلاث سنوات ونصف. حين وصلت إلى سن التعليم أدخلتني والدتي إلى المدرسة المغربية، غير أن أصدقاء والدي من أعيان مراكش كانوا يعلمون أبناءهم في المدارس الفرنسية ولأنهم كانوا يعاملونني كما لو كنت ابنتهم فقد أدخلوني إلى المدارس الفرنسية وتكفلوا بكل حاجياتي.

كنت وحيدة والدتي بعد وفاة أختي الصغرى، كان سن والدتي حين ترملَت لا يتجاوز 20 عاما، وقد تزوجت من أحد أعيان المدينة.

في سنة 1953 بعد نفي الملك محمد الخامس، بدأت النساء المغربيات وخاصة القادمات من الأوساط الوطنية في التخلي عن "الحايك" وعوضنه بالجلباب، فأطلق الباشا الكلاوي "براحا" في المدينة يقول إن المرأة التي تخرج بالجلباب ودون "حايك" ستقدم للمثول أمامه، وآنذاك كان تقديم المرأة أمام دار الباشا الكلاوي بمثابة "العار".

زوج والدتي كان يعاملني كما لو كنت ابنته، خاف علي فطلب من والدتي أن أرتدي "اللثام" بديلا لـ"الحايك"، لأنني لم أكن أعرف كيف أرتديه، تقبلت والدتي الأمر ولكن بعد فترة طلب منها أن أتوقف عن الدراسة، مبرره في ذلك حالة الفوضى التي كانت تشهدها البلاد والمواجهات التي كانت تعرفها بين سلطات الاستعمار والوطنيين.

والدتي لم تتقبل الأمر، وفي زمن كان مجرد خروج المرأة من البيت يتطلب إذنا من الزوج، هربتني دون علم زوجها من البيت وأخذتني إلى محطة الحافلات وأوصت السائق بي، فتوجهت إلى الدار البيضاء للاستقرار في بيت خالي ومتابعة دراستي.

دفاعك عن الأمهات العازبات جعلك مثار انتقادات، ووصل الأمر إلى حد هدر دمك، كيف عشت تلك المرحلة؟

في 1998 جاءت حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وكان حينها سعيد السعدي في الحكومة، وكانوا يعملون على مشروع لإدماج المرأة اقتصاديا واجتماعيا، وقد شنت حينها حرب على السعدي بمجرد حديثه عن مدونة الأسرة، وأنا حضرت معه باعتباري فاعلة جمعوية.

وكنا طالَبنا بأن يشمل المشروع الأم في وضعية صعبة والطفل، وبمجرد ما وضعت عبارة "الأم في وضعية صعبة" في مشروع القانون قامت معارضة قوية ضده من الإسلاميين.

بعد ذلك في سنة 2000، أجريت لقاء مع قناة تلفزيونية، وتحدثت عن الأمهات العازبات والخادمات وزنا المحارم وغيرها من القضايا الاجتماعية التي تعتبر "تابو". هنا انتفض الإسلاميون المتطرفون ضدي وقالوا إنني أشجع الفساد والرذيلة.

حين علمت بالأمر ابتلعت لساني وأمسكت رأسي من شدة الصدمة، وصادف أن اتصل بي أحد الصحافيين وقال لي إنه ينجز بحثا عن الخادمات الصغيرات فأجبته بأنني لن أعطي أي تصريح وسأتوقف عن العمل، صار زوجي وأبنائي جميعا عرضة للخطر.

انتشر الخبر، ولم يتوقف بعدها الهاتف عن الرنين طوال اليوم. وقد وردتني اتصالات من شخصيات جمعوية بارزة طلبوا مني جميعا التراجع عن قراري. آخر مكالمة تلقيتها في منتصف الليل كانت من "كريستين" زوجة "أبرهام السرفاتي". زليخة نصري (مستشارة سابقة للملك الحسن الثاني ثم محمد السادس) اتصلت بي ثلاث مرات في يوم واحد، وقالت لي "ما غاداش تلوحي العود بدخانو كيما تتقولي، غادا تبقاي تستمري فعملك وراك ماشي بوحدك، احنا معاك". وقد كان التضامن الذي لمسته من الكثيرين حينها سببا في استمراري.

كيف حدث الاتصال بينك وبين العاهل المغربي محمد السادس؟

في يوليو من سنة 2004، كان الجو حارا وأذكر أنني كنت أقوم بصب الماء في البيت بسبب تلك الحرارة، رن الهاتف، المتحدث سألني: "هذا بيت الشنا؟" قلت "نعم"، فطلب مني عدم الخروج من البيت.

رن الهاتف مرة أخرى فإذا بالمتحدث سيدي محمد السادس "تصوري بنت الشعب، شادا الكراطة وتنغسل الدار، ويتصل بي الملك"، اضطربت وارتبكت، وحينها خرجت جملة من أعماق فؤادي إذ قلت له: "الله يرحم الكرش اللي ولداتك آسيدي"، ضحك وقال لي "اليوم فالعشية غادا توصلك شي حاجة". 

كنت قد طلبت مبلغ 34 مليون سنتيم، فأرسل لنا شيكا بمبلغ 100 مليون سنتيم (100 ألف دولار) أكملنا به بناء وتجهيز حمام الجمعية الذي شهد أول خرجة رسمية للأميرة للا سلمى رفقة ملكة بلجيكا.

من المعارك المريرة التي خضتها في حياتك أيضا، معركتك ضد السرطان، كيف تقاومين هذا المرض؟

أصابني مرض السرطان سنة 2007، ولم أتقبله، والواقع أنه ليست لي الطاقة المادية لتحمل تكاليف الاستشفاء، ولكن الملك علم بالخبر وتكفل بعلاجي.

المقابلة بالفيديو:

​​​

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية
المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.

وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.

كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.

وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.

قطاع مشغل وتوصيات رسمية

وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.

وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).

وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.

وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".

وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".

بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.

أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية  

تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".

وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".

وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".

وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".

وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".

خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية

بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.

ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.

وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".

ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.

ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".

وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.

وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".

المصدر: أصوات مغاربية