يطبع الغياب الدائم للنواب الجلسات التي يعقدها البرلمان المغربي، بالرغم من الامتيازات التي يكفلها المنصب كالتنقل والإقامة في العاصمة الرباط.
وخلال هذا الأسبوع، صادق البرلمان المغربي على عدد كبير من الاتفاقيات والقوانين الهامة، كما هو الشأن بالنسبة لقانون "وكالة المغرب العربي للأنباء"، وقانون استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل، بالإضافة إلى اتفاقيات لاستكمال انضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي.
خلال جلسة التصويت على قانون "وكالة المغرب العربي للأنباء" مثلا، غاب 305 نائبا من أصل العدد الإجمالي للنواب البالغ 395.
ويأتي هذا الغياب أيضا، رغم أن البرلمان أقر خلال الولاية السابقة، عددا من الإجراءات التأديبية والزجرية في حق النواب المتغيبين، لكن ذلك لم يجبر النواب على الحضور لمناقشة القوانين والقضايا التي تهم المغاربة.
لماذا هذا الوضع؟
يقول الباحث المغربي، عبد المنعم لزعر، في حديث ل"أصوات مغاربية"، إن "الغياب البرلماني أضحى في العصر الراهن يشكل ظاهرة سياسية بامتياز، حيث تشهد بعض الجلسات العمومية أو أشغال اللجان غيابا يصل أحيانا 90 في المائة".
ويرجع لزعر هذه الوضعية لعدد من الأسباب، أبرزها "انشغال النواب بأشياء أخرى غير البرلمان وبالأخص الارتباط بالجمع بين المسؤوليات والانتدابات"، مشيرا إلى كون "أزيد من ثلثي أعضاء مجلس النواب لهم أكثر من انتداب انتخابي".
وكشف المتحدث ذاته، أن نتائج الانتخابات التشريعية لـ 07 اكتوبر 2017 أوضحت بشكل كبير ظاهرة الجمع بين المسؤوليات على مستوى مجلس النواب "وبالتالي فالغياب البرلماني المسجل هو تعبير ونتيجة لاستمرار ظاهرة تراكم المسؤوليات وتفضيل خدمة التمثيل المحلي على خدمة التمثيل الوطني".
وعن الإجراءات التأديبية التي يسلكها البرلمان في حق نوابه، أشار عبد المنعم لزعر، أن هذه الإجراءات "تبقى بدون روح لأنها لا تعالج المشكل الحقيقي المسبب لظاهرة الغياب، وهو وجود مسؤوليات أخرى تزاحم المسؤولية البرلمانية".
وتابع الباحث "رؤساء المجالس الترابية الأعضاء في البرلمان يفضلون العمل الترابي على البرلماني لأن حقل الجماعات الترابية هو حقل الأصوات هو الخزان الانتخابي الذي يمنح شرعية الوجود بالنسبة للبرلماني".
ثقافة سياسية؟
من جانبه،قال المحلل السياسي، المهدي الإدريسي، أن مسألة غياب النواب عن البرلمان، ترتبط بـ"الثقافة السياسية أكثر من القوانين والتحفيزات"، مشيرا أن البرلماني "يعتقد أنه فوق المساءلة وأن الوظيفة البرلمانية لا تستلزم الحضور".
وأشار الإدريسي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه حتى عندما حاول الرئيس السابق لمجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أن يسجل الغائبين ويذكر أسماءهم "لم ينجح في ذلك"، مضيفا أن "امتيازات الفنادق وبطاقات القطار لم تفلح في جلب النواب إلى قبة البرلمان".
وأوضح الإدريسي أن "التغيير الثقافي يبقى صعبا للغاية"، بالنظر إلى أنه سيكون "تغييرا في السلوكات الراسخة التي امتدت لعقود من الزمن، ما يطرح إشكالا كبيرا على مستوى تركيبة البرلمان برمته".
المصدر: أصوات مغاربية