رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، خلال انتخابه في منصبه الحالي
رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، خلال انتخابه في منصبه الحالي

قبيل صدور دستور المغرب الجديد وبعده ظل النقاش حول الأدوار الجديدة الموكولة للمعارضة السياسية طاغيا، بيد أن التركيز على الدور الجديد للمعارضة تطور مع بدايات السجالات السياسية بين الأغلبية الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية والمعارضة البرلمانية التي يتزعمها حزب الأصالة والمعاصرة.

اليوم يستقيل رئيس الأصالة والمعاصرة رابطا جزءا من أسباب استقالته بأداء فريقه البرلماني، فهل يعني هذا أن المعارضة في مغرب دستور 2011 فشلت؟ وماذا عن المعارضة الأخرى التي تمارس خارج أسوار البرلمان؟ لماذا خفتت بعض أصواتها المعروفة والتي كانت تعارض النظام صراحة مثل جماعة العدل والإحسان؟ هل اختفت المعارضة في المغرب؟

​​معارضة ​​​الشعب

الكاتب الوطني لحزب النهج الديموقراطي (يسار معارض)، مصطفى البراهمة، يوضح، من جهته، أن مشكل المعارضة يكمن فيما سماه "خطيئة أصل المعارضة بالمغرب".

ولتفسير منظوره يرجع البراهمة إلى الوراء، وتحديدا إلى بدايات مغرب ما بعد الاستقلال، إذ يقول إن المشهد الحزبي المغربي كان يقوم على حزبين قويين هما حزب الشورى والاستقلال وحزب الاستقلال، وكان الصراع دائرا مع المؤسسة الملكية حول السلطة، لكن في سنة 1960 تم حسم الصراع لصالح النظام الذي اضطر إلى خلق أحزاب تمثله في الانتخابات، ما دام أنه يتبنى الديموقراطية التي تقتضي الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ويضيف البراهمة، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، عاملا آخر مفسرا لما يعتبره إضعافا للحضور الحزبي: "هناك مشهد خلق الأحزاب الذي تكرر في مرات متعددة بدءا بحزب الدفاع عن المؤسسات الدستورية وصولا إلى حزب الأصالة والمعاصرة".

ويردف المتحدث نفسه أن "غياب المعارضة بالمغرب سببه بنية الأحزاب، التي عوض أن تكون أحزابا تسعى للوصول إلى سلطة تحولت إلى أحزاب تقوم بتأطير المواطنين فقط وتشارك في الحكومة".

"تحولت جميع الأحزاب بمختلف تلاوينها السياسية إلى أحزاب تخدم النظام المخزني وأصبحت تتسابق في هذا الاتجاه، ما جعلنا أمام شعب يمارس المعارضة بنفسه ويرفع مطالبه للملك مباشرة"، يزيد الكاتب الوطني لحزب النهج الديموقراطي. 

البراهمة يسترسل في القول موضحا أن حزبه، إلى جانب فيديرالية اليسار الديموقراطي وجماعة العدل والإحسان، من يقومون بدور المعارضة الحقيقية بجانب الشارع، قبل أن يستطرد أنه ليس لهذه المعارضة بعد القوة الكافية لتأطير الشارع. 

 

في الأغلبية.. أو المعارضة

من جانبه، يعتبر الأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي، أن "الواقع يضع أصنافا مختلفة من المعارضات سواء من داخل النظام السياسي أو خارجه".

"في اللحظة التي تحولنا نحو هيكلة المعارضة دستوريا لأول مرة من خلال الفصل العاشر، يمكن القول إن هذا التحول لم ينجح في فرز معارضة قوية، والعكس أن المعارضة التي لا تتوفر على حقوق ولا امتيازات هي من كانت فعالة"، يردف الشرقاوي. 

ويقر الشرقاوي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن المشهد السياسي المغربي يعرف أزمة معارضة، رغم الكم الهائل من الامتيازات الموفرة لها، سواء عبر الدعم المالي أو الهامش الإعلامي أو رئاسة اللجان الدائمة وغير الدائمة، وفقه.

"لكن على مستوى الأداء هناك تراجع كبير للمعارضة، على الأقل المعارضة التي تشتغل داخل المؤسسات الدستورية"، يضيف المتحدث نفسه.

ويرجع الباحث السياسي واقع المعارضة بالمغرب إلى "غياب الرؤية، فالمعارضة بالمغرب هي المكان الاضطراري لممارسة السياسة وليس اختيارا سياسيا، ما نتج عنه غياب التنسيق والقوة الاقتراحية وغياب الحلول من طرف المعارضة التي تحولت إلى مكان لمن لا يوجد في الأغلبية". 

الأغلبية تقوي المعارضة

أما الباحث السياسي، المهدي الإدريسي، فيرى أن تقييم عمل المعارضة في الفترة الحالية لا يستقيم بالنظر إلى أن وظيفة البرلمان بصفة عامة تأثرت بوضعية "البلوكاج" الحكومي.

ويزيد الإدريسي مفسرا: "لذلك كان العمل داخل قبة البرلمان مرتبكا وافتقد للتنسيق خاصة في ما يخص الأغلبية، بينما عمل المعارضة تأثر بشكل واضح بغياب عبد الإله بنكيران، الذي استطاع أن يوحد المعارضة في مواجهته، وغيابه أثر عليها وأظهرها ضعيفة".

​​المتحدث نفسه يزيد قائلا، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن المعارضة تأثرت كذلك بوضعية الأحزاب التي تشكلها.

"فمثلا حزب الاستقلال ما زال لم يحسم بعد في موقفه رغم وجوده في المعارضة، ما جعل حزب الأصالة والمعاصرة يظهر وحيدا على رأس الأحزاب المعارضة، كما أنه في بعض الأحيان تلعب الأغلبية دور المعارضة، ما يؤكد أن هذه المرحلة هي مرحلة التيه في العمل البرلماني"، يردف الإدريسي.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

هل أنت مع المساوات في الإرث
تظل المساواة في الإرث من ضمن القضايا الخلافية لتعديل مدونة الأسرة بالمغرب

بعد دعوة العاهل المغربي الملك محد السادس، الثلاثاء، إلى مشاورات من أجل تعديل "مدونة الأسرة" (قانون الأحوال الشخصية المغربي) في غضون الأشهر الستة المقبلة، يتوقع أن يتجدد الجدل حول طبيعة التعديلات المطلوبة وحول مرجعياتها الفكرية والأخلاقية.

 وتأتي الدعوة الملكية بعد أزيد من سنة على خطاب العرش الذي قال فيه العاهل المغربي إنه "إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية"، مضيفا أن "التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها".

وفي هذا السياق، تتباين مطالب المنظمات النسائية والحقوقية وتثير نقاشا واسعا حول المقتضيات التي يجب أن تتضمنها تعديلات مدونة الأسرة، لاسيما ما يخص المساواة في الإرث وفي الولاية القانونية على الأبناء وحذف تعدد الزواج وتجريم زواج القاصرات.

وأمام الخلاف المستمر بين محافظين يدافعون عن ضرورة ارتباط هذه التعديلات بالمرجعية الإسلامية، وحداثيين يشددون على ضرورة استجابتها للاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب، تثار تساؤلات حول إمكانية أن تكون 6 أشهر كافية للحسم في أي مرجعية ستعتمدها عليها مدونة الأسرة الجديدة.

رفض الحلول الترقيعية

وفي هذا الصدد، تعتقد رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، سميرة موحيا، أن مدة ستة أشهر كافية لبلورة تلائم وتوافق بين مختلف الفعاليات بالنسبة للتعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، مستدركة أن "ما يلزم فقط هو إشراك حقيقي للحركة النسائية التي تتوفر على تصورات جاهزة لهذه التعديلات".

وتشير موحيا في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن تعديلات مدونة الأسرة يجب أن تنطلق من "واقع معاناة النساء ومكانتهن داخل المجتمع ولا يجب أن تكون مجرد حلول ترقيعية أو مبتورة على حساب قضايا أخرى"، مؤكدة على اعتماد العدل والمساواة ومعالجة المشاكل الآنية للنساء مع استشراف المستقبل.

وبشأن المرجعية التي يجب أن تستند إليها هذه التعديلات، توضح موحيا أن الدستور قد حسم في مصادر التشريع عند حديثه بأن القانون هو أسمى تعبير عن الأمة، داعية إلى الاستناد إلى الدستور والاتفاقيات والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، تقول موحيا "لا ننفي أن الدين الإسلامي هو هوية وليس مرجعية لكن نطالب بأن يتم اعتماد فقه متنور ينطلق من واقع معاناة النساء المغربيات ويرتكز على مبادئ المساواة لما لذلك من تعزيز للاستقرار والتماسك الأسري".

وتؤكد المتحدثة ذاتها، أنه "لم يعد مقبولا مثلا تعدد الزواج لما فيه من إهانة للمرأة أو زواج القاصرات باعتباره عنفا واعتداء على حقوق الأطفال"، وتضيف أن "عدم المساواة في الإرث لم يعد هناك مبرر لها بعد أن أثبتت المرأة مشاركتها في إنتاج الثروة داخل أسرتها وفي المجتمع بخلاف ما كانت عليه في العصور القديمة". 

التشبث بالمرجعية الإسلامية

وفي المقابل، ترى رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، بثينة قروري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن مدة ستة أشهر هي فقط لصياغة ومحاولة إيجاد التوافقات المعنية بتعديل مدونة الأسرة، مبرزة أن "النقاط التي لم أو لن يتم فيها الوصول إلى توافق سيكون أمرها بيد الملك بصفته أمير المؤمنين".

وتوضح قروري أن الحسم في الخيارات المتاحة لتعديل مدونة الأسرة "ستكون محكومة بالالتزام الصريح لجلالته بصفته أمير المؤمنين بأنه لن يحل ما حرم الله ولن يحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية".

وتضيف قروري أن "الملك أكد حرصه أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية".

وتبرز الناشطة الحقوقية أن "المنهجية التي جاءت في الرسالة الملكية هي مواكبة للتطور المؤسساتي الذي عرفه المغرب بعد إقرار مدونة الأسرة باعتبارها نصا تأسيسيا غير قابل للمراجعة إلا في الجوانب القانونية والقضائية بما لا يخل بمرجعيتها التشريعية القائمة على الإسلام".

وتؤكد قروري أن المقتضيات الشرعية تبقى من اختصاص أمير المؤمنين، لافتة إلى أن إمكانيات الاجتهاد تبقى دائما متاحة في إطار الشريعة الإسلامية من طرف علماء مختصين.

المصدر: أصوات مغاربية