بعد أن كان الحصول على معلومة بشأن أنشطة الوزراء رهينا بندوات صحفية أو تصريحات مباشرة على هامش بعض الأنشطة الرسمية، ظهر العديد من المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم رئيس الحكومة، على مواقع التواصل الاجتماعي لبث هذه الأخبار والتعليقات.
ولجأ رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الأسبوع الماضي إلى موقع تويتر للتعليق على شكوى للناشطة في حراك الريف سليمة الزياني، الملقبة بـ"سيليا"، من عدم تسلمها جواز السفر من السلطات.
@StitouImad ليس هناك منع من إعطاء الجواز، والملف بصدد المعالجة وخصوصا ان الطلب صادف شهر غشت
— EL OTMANI Saaddine (@Elotmanisaad) 4 septembre 2017
وقبل هذا، كان العديد من الوزراء في الحكومة الحالية قد باشروا الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل وزير الصحة الحسين الوردي، الذي يصل عدد متابعي صفحته على فيسبوك إلى أزيد من 100 ألف متابع.
فما هي أسباب هذا التحول في أسلوب تواصل الوزراء المغاربة؟
محاولة للتكيف
أستاذ العلوم السياسية، محمد الهاشيمي، يعتبر أن لجوء الفاعلين السياسيين إلى مواقع التواصل الاجتماعي "مجرد محاولة للتكيّف مع معطى جديد يتمثل في بروز حقل اجتماعي افتراضي مواز للواقع".
ويوضح الهاشيمي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن أدوات التواصل والدعاية الكلاسيكية لم تعد قادرة على اختراق الحقل الاجتماعي الافتراضي، أي مواقع التواصل الاجتماعي، لكون مرتاديها غير منجذبين ومهتمين به أساسا.
وينفي المتحدث ذاته أن يكون قد حصل تغيير في مضمون الخطاب الصادر عن هؤلاء الفاعلين السياسيين الذين اختاروا الدخول إلى العالم الافتراضي، مؤكدا أن الخطاب هو نفسه لكن ما تغير هو الشكل فقط؛ أي قنوات تمريره.
مقارنة منسوب التواصل عبر الوسائل الحديثة لدى السياسيين في الغرب مع الفاعلين السياسيين المغاربة، لا تبدو، حسب الهاشمي، عادلة.
يقول: "التواصل في الأنظمة الديمقراطية واجب المؤسسات المنتخبة تجاه الناخب، لكنه في السياق السلطوي يتم خارج المنطق الديمقراطي ويتخذ غالبا شكل محاولة من السلطة للترويج لرؤية معينة، وبالتالي فهو أقرب إلى الدعاية منه إلى التواصل".
حتمية التوجه
التوجه نحو منصات التواصل الرقمية "سيكون أمرا حتميا وضروريا"، حسب أستاذ الإعلام والتواصل عبد الوهاب الرامي، الذي يعتبر أنه سيكون لزاما على السياسيين إتقان التواصل عبر هذه الوسائط في المستقبل القريب، لقدرتها على خلق جدل سياسي يعد مقدمة لبروز رأي عام سواء في العالم الافتراضي أو الواقعي.
ويوضح الرامي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن "استهلاك المعطيات بات يتم غالبا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة بالنسبة للفئة الشابة من المجتمع، وليس عبر الوسائل الكلاسيكية، وبالتالي يمكن تفسير اختيار السياسيين لهذا التوجه".
المتحدث ذاته يشير إلى استفادة السياسيين من مستوى تقبل الآراء الذي تتمتع به شبكات التواصل الاجتماعي، وقدرات هذه الأخيرة على الترويج لها، فضلا عن إمكانية تتبع الجدل القائم بشأنها بشكل مستمر.
رؤية التواصل
من جانبه، يعتبر الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال عبد الوهاب العلالي، أن هذا الاتجاه نحو التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للوزراء "يعد قفزة نوعية للتفاعل مع مشاكل وقضايا الناس والمجتمع"، محذرا في الوقت ذاته من أن تبقى المسألة "مجرد شكل من أشكال التسويق السياسي".
ويؤكد المتحدث ذاته، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن التوجه نحو الوسائط الجديدة من شأنه "حل أزمة التواصل الحكومي والرسمي في ظل غياب هيأة مختصة تقوم بذلك".
المصدر: أصوات مغاربية