في سنة 1999، صدر أمر ملكي مهد لتنفيذ قانون سُمي بـ"قانون مكفولي الأمة" بالمغرب، والذي يحدد شروط تصنيف المواطنين إلى "مكفولين من طرف الدولة".
ويشرّع القانون لهذه الفئة من المغاربة الاستفادة، بشكل استثنائي، من بعض الامتيازات، خاصة تلك الممنوحة للعمل في مناصب بالإدارات العمومية، والاستفادة من مجانية التطبيب في المستشفيات العمومية.
فمن هم مكفولو الدولة؟ وهل تدخل هذه الامتيازات ضمن الريع؟
أبناء المقاومين
يقدم الفصل الأول من القانون رقم 97-33، المحدد لحقوق وامتيازات مكفولي الأمة، لمحة عن هوية هؤلاء الأشخاص الذين تكفلهم الدولة.
القانون حصر هؤلاء في الأطفال المغاربة الذين قُتل آباؤهم أو أولياء أمورهم الرئيسيين بسبب مشاركتهم في "الدفاع عن المملكة" أو أثناء قيامهم بمهام المحافظة على السلم أو عمليات إنسانية بأمر من القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، وفق النص القانوني.
هل هو ريع؟
أستاذ العلوم السياسية، محمد زين الدين، لا يعتبر هذه الامتيازات ريعا، "والسبب أنها مؤطرة من الناحية القانونية".
ويرى زين الدين، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، أن هذه الامتيازات سليمة من الناحية القانونية، وإعادة النظر فيها يتطلب تعديلا على مستوى البرلمان، مضيفا أن المبدأ المعتمد في منحها يبقى متعلقا بـ"اعتبارات وطنية وليست فئوية"، وفق تعبيره.
وتوجه ملاحظات إلى الأولوية التي تُمنح لأبناء "قدماء المقاومين الذين ساهموا في الدفاع عن الوطن"، وفق تعبير النصوص التي تتحدث عن مكفولي الأمة، وذلك خلال الترشح لوظائف عمومية.
إلا أن محمد زين الدين لا يتفق مع الملاحظات والتحفظات التي تتعلق بهذه الأولوية، معتبرا أن الأمر لا يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور، معللا ذلك بـ"الاعتبارات الوطنية".
الاستمرارية تنتج الريع
في المقابل، يرى أستاذ القانون الدستوري، بنيونس المرزوقي، أن استمرار هذه الامتيازات في الزمن وعدم انتهائها بمجرد وصول أبناء الفئة المذكورة إلى سن معينة يفتح الباب أمام منطق الريع.
"استمرار هذه الامتيازات يقيم نوعا من التمييز بين المغاربة، إذ نتحدث عن توريث للامتيازات إلى الأبناء دون حق"، يقول المرزوقي، الذي يتحفظ على تخصيص امتيازات بأبناء أشخاص يقدمون على أنهم مقاومون سابقون.
"جميع المغاربة شاركوا في التضحية والمقاومة من أجل الوطن، بدليل ثورة الملك والشعب، وليس فقط أعضاء جيش التحرير والمقاومة"، يردف المرزوقي.
استفادة فئة المقاومين وأبنائهم من امتيازات وتحديد نسبة مئوية خاصة بهم تسهل عليهم ولوج المناصب العمومية، "أمر مرفوض" لدى المرزوقي، الذي يعتبر أن "تقسيم المناصب والامتيازات بين جميع الفئات التي قدمت شيئا لهذا الوطن ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص الذي ينص عليه الدستور".
الكثيري: موقف سطحي
أمام الطرح المُطالب بالقطع مع هذه الامتيازات، هناك صوت مضاد يزيل صفة الريع عن الامتيازات الممنوحة لمكفولي الأمة.
والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى كثيري، واحد من المدافعين عن هذه الامتيازات.
ويرى كثيري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الحديث عن الامتيازات كريع ليست إلا "موقفا تبسيطيا يتم عن نوع من التعميم والتسطيح؛ إذ ليس كل امتياز ضرب من الريع"، وفق تعبيره.
المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يؤكد أن هذه الامتيازات، "مظهر من مظاهر الرعاية الاجتماعية، من خلال تعليم أبناء المقاومين وتكوينهم وإعدادهم نفسيا وماديا لإدماجهم في محيط عائلي واجتماعي تكفلت به الدولة والمجتمع كواجب من الواجبات الوطنية".
ويضيف الكثيري أن هذا التعامل "يمثل لمسة روحية وإنسانية قبل أن يكون امتيازا ماديا، تقتضيه الوضعية الاجتماعية لهذه الشريحة من المجتمع، تجسيدا لقيم التضامن والتكافل الاجتماعي".
يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.
حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.
استكمالا للقاء الذي جمع جانب من نشطاء دينامية "نداء من أجل فتح نقاش عمومي من أجل الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" انعقد...
وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.
استقبل الاخ الرئيس الدكتور نورالدين مضيان مساء يومه الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 ، بمقر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية...
كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.
وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".
وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.
قطاع مشغل وتوصيات رسمية
وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.
وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).
وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.
وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".
وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".
بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.
أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية
تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".
وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".
وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".
وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.
ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".
وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".
خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية
بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.
ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.
وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".
ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.
ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".
وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.
وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".