عاطلون يطالبون بالمساواة في فرص الشغل (أرشيف)
عاطلون يطالبون بالمساواة في فرص الشغل (2013)

في سنة 1999، صدر أمر ملكي مهد لتنفيذ قانون سُمي بـ"قانون مكفولي الأمة" بالمغرب، والذي يحدد شروط تصنيف المواطنين إلى "مكفولين من طرف الدولة".

ويشرّع القانون لهذه الفئة من المغاربة الاستفادة، بشكل استثنائي، من بعض الامتيازات، خاصة تلك الممنوحة للعمل في مناصب بالإدارات العمومية، والاستفادة من مجانية التطبيب في المستشفيات العمومية.

فمن هم مكفولو الدولة؟ وهل تدخل هذه الامتيازات ضمن الريع؟

أبناء المقاومين

يقدم الفصل الأول من القانون رقم 97-33، المحدد لحقوق وامتيازات مكفولي الأمة، لمحة عن هوية هؤلاء الأشخاص الذين تكفلهم الدولة.

​​القانون حصر هؤلاء في الأطفال المغاربة الذين قُتل آباؤهم أو أولياء أمورهم الرئيسيين بسبب مشاركتهم في "الدفاع عن المملكة" أو أثناء قيامهم بمهام المحافظة على السلم أو عمليات إنسانية بأمر من القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، وفق النص القانوني.

هل هو ريع؟

أستاذ العلوم السياسية، محمد زين الدين، لا يعتبر هذه الامتيازات ريعا، "والسبب أنها مؤطرة من الناحية القانونية".

ويرى زين الدين، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، أن هذه الامتيازات سليمة من الناحية القانونية، وإعادة النظر فيها يتطلب تعديلا على مستوى البرلمان، مضيفا أن المبدأ المعتمد في منحها يبقى متعلقا بـ"اعتبارات وطنية وليست فئوية"، وفق تعبيره.

​​وتوجه ملاحظات إلى الأولوية التي تُمنح لأبناء "قدماء المقاومين الذين ساهموا في الدفاع عن الوطن"، وفق تعبير النصوص التي تتحدث عن مكفولي الأمة، وذلك خلال الترشح لوظائف عمومية.

إلا أن محمد زين الدين لا يتفق مع الملاحظات والتحفظات التي تتعلق بهذه الأولوية، معتبرا أن الأمر لا يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور، معللا ذلك بـ"الاعتبارات الوطنية".

الاستمرارية تنتج الريع

في المقابل، يرى أستاذ القانون الدستوري، بنيونس المرزوقي، أن استمرار هذه الامتيازات في الزمن وعدم انتهائها بمجرد وصول أبناء الفئة المذكورة إلى سن معينة يفتح الباب أمام منطق الريع.

"استمرار هذه الامتيازات يقيم نوعا من التمييز بين المغاربة، إذ نتحدث عن توريث للامتيازات إلى الأبناء دون حق"، يقول المرزوقي، الذي يتحفظ على تخصيص امتيازات بأبناء أشخاص يقدمون على أنهم مقاومون سابقون.

​​"جميع المغاربة شاركوا في التضحية والمقاومة من أجل الوطن، بدليل ثورة الملك والشعب، وليس فقط أعضاء جيش التحرير والمقاومة"، يردف المرزوقي.

استفادة فئة المقاومين وأبنائهم من امتيازات وتحديد نسبة مئوية خاصة بهم تسهل عليهم ولوج المناصب العمومية، "أمر مرفوض" لدى المرزوقي، الذي يعتبر أن "تقسيم المناصب والامتيازات بين جميع الفئات التي قدمت شيئا لهذا الوطن ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص الذي ينص عليه الدستور".

الكثيري: موقف سطحي

أمام الطرح المُطالب بالقطع مع هذه الامتيازات، هناك صوت مضاد يزيل صفة الريع عن الامتيازات الممنوحة لمكفولي الأمة.

والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى كثيري، واحد من المدافعين عن هذه الامتيازات.

ويرى كثيري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الحديث عن الامتيازات كريع ليست إلا "موقفا تبسيطيا يتم عن نوع من التعميم والتسطيح؛ إذ ليس كل امتياز ضرب من الريع"، وفق تعبيره.

​​المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يؤكد أن هذه الامتيازات، "مظهر من مظاهر الرعاية الاجتماعية، من خلال تعليم أبناء المقاومين وتكوينهم وإعدادهم نفسيا وماديا لإدماجهم في محيط عائلي واجتماعي تكفلت به الدولة والمجتمع كواجب من الواجبات الوطنية".

ويضيف الكثيري أن هذا التعامل "يمثل لمسة روحية وإنسانية قبل أن يكون امتيازا ماديا، تقتضيه الوضعية الاجتماعية لهذه الشريحة من المجتمع، تجسيدا لقيم التضامن والتكافل الاجتماعي".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

صناعة الطيران بالمغرب
صناعة الطيران بالمغرب

بعد أن ضمن مركزه ضمن الدول الـ20 المصنعة لأجزاء الطائرات، بدأ المغرب يتطلع لصناعة طائرة كاملة بحلول عام 2030 مستفيدا من الخبرات التي راكمها طيلة السنوات الأخيرة من خلال شراكاته مع عدد من الفاعلين الدوليين في المجال.

هذا التحدي أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، بمجلس النواب (الغرفة الأولى) في ماي الماضي، ضمن مسعى جديد لترسيخ مكانة الرباط كأحد أبرز الوجهات الرئيسية في صناعة الطيران.

وقال حينها إن "المغرب يقوم بصناعة أصعب المكونات التي يحتاجها قطاع الطيران، وهناك طموح مشروع اليوم، لإنتاج أول طائرة ستقلع من المغرب.. سيتم تجميع جميع أجزائها في المملكة.. هذا هو الهدف الذي يعمل المغرب لتحقيقه".

ويأتي هذا التصريح لينضاف للازمة يرددها المسؤولون المغاربة في اجتماعاتهم مع كبار المستثمرين الأجانب وهي أن المغرب حقق نجاحا في صناعة الطائرات حتى باتت "كل طائرة تجارية تحلق في السماء تضم على الأقل قطعة واحدة تم تصنيعها بالمغرب".

وتستند هذه التصريحات إلى تقارير وطنية ودولية أكدت تحول المملكة في العشرين سنة الماضية إلى منصة دولية لإنتاج وصناعة أجزاء الطائرات وباتت صادرات القطاع تحقق ملياري دولار سنويا.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الصرف (مؤسسة مغربية رسمية) حقق قطاع صناعة الطائرات خلال النصف الأول من العام الجاري نموا بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وذكر التقرير أن صادرات القطاع بلغت 15.34 مليار درهم (1.5 مليار دولار) نتيجة ارتفاع مبيعات التجميع بـ32 في المائة ومبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية بنسبة 2.2 في المائة.

وبلغ مجموع الشركات المستثمرات في القطاع أزيد من 142 شركة باندماج محلي يزيد عن 40 في المائة، ويعمل في هذه الوحدات الصناعية 20 ألف عامل مؤهل، 42 في المائة منهم نساء، وفق معطيات رسمية.

قوانين واستقطاب

وخلال العشرين سنة الماضية، زادت الاستثمارات الأجنبية في القطاع ما دفع المغرب مؤخرا إلى مواكبة هذا التطور، باعتماد قوانين جديدة.

وصادقت الحكومة المغربية في أبريل الماضي على مشروع مرسوم يتعلق بتصميم الطائرات وإنتاجها، يتم بموجبه تحديد معايير تصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها.

ويحدد هذ المشروع المواصفات التقنية التي يتعين احترامها من قبل الراغبين في الحصول على الاعتماد الذي تسلمه السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني، من أجل اتصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها بالمغرب، وفق بيان لوزارة النقل واللوجستيك المغربية.

وينقسم نشاط الشركات العاملة في القطاع بين شركات متخصصة في صناعة الأسلاك الكهربائية للاتصال البيني، وشركات متخصصة في الصيانة والإصلاح والفحص وأخرى تنشط في مجال هندسة الطائرات.

ومن بين تلك الشركات، شركة سافران الفرنسية الرائدة في مجال صناعة محركات الطائرات التي تتوفر وفق وزارة الصناعة المغربية، على أكبر موقع إنتاجي لصناعة الطيران بالمغرب.

ومنها أيضا شركة بوينغ الأميركية التي زادت من مستوى حضورها بالمغرب في ماي الماضي بمنح شركة كندية تستقر بالمغرب شهادة التوريد، مما سيسمح للأخيرة بتزويد بوينغ بالأجزاء المصنعة لطائراتها.  

كما قررت شركة "هيكسيل" الأميركية لصناعة هياكل الطائرات أن تزيد من مساحة مصنعها بالمغرب، وقالت في تصريحات عام 2021 إن القرار راجع لليد العاملة المؤهلة ولمناخ الاستثمار الذي توفره المملكة للشركات الأجنبية.

ورفعت الشركة من مساحة مصنعها الواقع في المنطقة الحرة "ميد بارك" بالدار البيضاء لتصل إلى 24 ألف متر مربع، كما قررت الرفع من عدد العاملين في المصنع إلى 400 مستخدم، بحلول عام 2023.

بدورها، تعتمد شركة إيرباص الأوروبية على المغرب مؤخرا للرفع من انتاجها، وباتت طائرتها تضم أكثر من 140 مكونا تم تصنيعه بالمغرب، وفق ما أكده هادي عاكوم، نائب رئيس المبيعات لأفريقيا في إيرباص في تصريحات صحفية.

وتستفيد هذه الشركات من الموقع الاستراتيجي للمغرب القريب من أوروبا، وأيضا من توفر البلاد على شبكة مواصلات تربط نقاط الإنتاج بميناء طنجة المتوسط.

تلعب الحوافز الضريبية أيضا دورا محوريا في تشجيع المصنعين على الانضمام إلى هذه السوق، إلى جانب توفر المغرب على أزيد من 20 ألفا من اليد العاملة المؤهلة.

تحديات في الأفق

مقابل ذلك، تواجه القطاع تحديات جمة مرتبطة بتقلبات السوق الدولية ونقص اليد العاملة المؤهلة، وأيضا الضغوط التي باتت تفرضها المنظمات الناشطة في مجال البيئة على الشركات العاملة في القطاع.

ويواجه قطاع الطيران المغربي منافسة شرسة من دول أخرى تسعى هي الأخرى إلى تحقيق الغاية نفسها، استمالة واستقطاب كبار المصنعين حول العالم كمصر والإمارات والسعودية ودول أخرى من أفريقيا جنوب الصحراء.

ويسعى المغرب في المرحلة القادمة إلى الرفع من معدل اندماج صناعاته وتعزيز وتقوية سلاسل التوريد، ضمن جهود أخرى تبذل لمواجهة تلك التحديات.

المصدر: أصوات مغاربية