صار عدد من الشباب المغاربة يقبلون على العمل الحر عبر الأنترنت، دون انتظار وظيفة حكومة.
يعتبرون الأنترنت مجالا غنيا بفرص عمل حقيقية، يلزمها الكثير من الصبر والدراسة والتفرغ، ويرفضون ربط العمل بمكتب قار، وتوقيت اشتغال محدد.
هشام وإسماعيل ومهدي وياسر، أربعة ضمن شباب مغاربة غير الأنترنت حياتهم ومكنهم من جني أرباح كبيرة.
هشام: مجتمعنا لا يشجع على الاستقلالية
استغنى هشام عدي، الحاصل على إجازة مهنية في مجال المعلوميات، عن عمله القار في أحد الفنادق، وقرر التفرغ للعمل عبر الأنترنت إلى أن أنشأ شركته الخاصة بألعاب الهواتف الذكية سنة 2017.
يقول هشام: "البداية لم تكن سهلة، يلزم الكثير من الصبر والعمل الجاد، لا يمكنني التصريح بمداخيلي بالضبط، لكن مدخولي لا يقل عن 2000 درهم (200 دولار) يوميا، وهو مبلغ مكنني من الزواج والاستقرار عائليا".
لا يربط هشام عدي، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، بين العمل، سواء بشكل مألوف أو عبر الأنترنت، وفكرة الاستقرار النهائي، قائلا: "حتى الوظائف التي يعتبرها الجميع آمنة، في أي لحظة يمكن لرب العمل أن يسرحك منها وتجد نفسك في مرحلة الصفر".
"العمل في الأنترنت كالواقع، هناك مبالغ تربحها مقابل مهمة تقوم بها، وهناك مبالغ تربحها شهريا، وهناك من ينشئ مشاريعه الخاصة ويصبح مدير نفسه"، يردف هذا الشاب.
ويرى هشام أن مفهوم النجاح يختلف من جيل إلى جيل، معتبرا أن فكرة نمطية بشأن العمل ظلت سائدة لاعتبارات اجتماعية.
"للأسف، مجتمعنا لا يربينا ولا يشجعنا على الاستقلالية والتفكير في العمل الخاص والمشاريع الخاصة"، يستطرد هشام.
إسماعيل: العمل بالأنترنت يحتاج شجاعة
قصة إسماعيل بحان بدأت بالاشتغال عبر الأنترنت سنة 2013. يحكي إسماعي أنه حصل، في تلك الفترة، على البكالوريا، وبدأ البحث عن مصادر دخل ليعيل بها نفسه، فكان التدوين أول مجال اهتم به، إضافة إلى تطوير "الويب".
"كان هذا المجال الذي أقبل عليه العديد من الشباب المغاربة في تلك الفترة بعد النجاح الكبير للمدون أمين رغيب"، يقول إسماعيل كاشفا عن بداياته الأولى في العمل الحر عبر الأنترنت.
بعد فترة من التدوين بالعربية، اتجه إسماعيل إلى التدوين عبر اللغة الفرنسية، لأنه لم يكن راضيا عن الأرباح التي يحققها، كما يقول.
وبعد مدة من التدوين والاحتكاك بتجارب أخرى، التحق سنة 2015 بواحد من أكبر المواقع التقنية باللغة الفرنسية.
يكشف إسماعيل لـ"أصوات مغاربية" عن هذه التجربة: "هكذا بدأت فعليا في ضمان مدخول عبر الأنترنت يمكنه أن يعيل عائلة، ومعي أشخاص من فرنسا وكندا والكوت إيفوار يعيلون عائلاتهم من العمل نفسه".
"يجب أن يؤخذ العمل عبر الأنترنت على أنه عمل رسمي، فهو لا يختلف عن أي عمل مقاولتي. يجب أن يتوفر الشخص أولا على الحس المقاولاتي، وثانيا على الشجاعة التامة للتخلي عن العمل القار من أجل الأنترنت، خصوصا في دولة كالمغرب"، يردف إسماعيل.
العديد من الشباب، بحسب إسماعيل، يطمحون للعمل عبر الأنترنت، ولهؤلاء يقول: "من له حرفة، كمهندس أو محاسب أو مصمم، فيمكن لدخله اليومي عبر الإنترنت أن يتجاوز بسنوات ضوئية الدخل الذي يمكن أن يحققه بالعمل لدى شخص ما".
ياسر: على الأقل لن تواجه المحسوبية
"انتقلت وضعيتي الاجتماعي من العيش وسط غرفة واحدة مع خمسة أفراد إلى حصول كل فرد من أسرتي الصغيرة على شقته الخاصة بدون ديون، وكل هذا بفضل الأنترنت"، يقول ياسر واعزيز، شاب مغربي آخر بدأ العمل عبر الأنترنت في بداية 2015، إلى أن أنشأ شركته الخاصة بألعاب الهواتف الذكية.
يقول ياسر إنه بدأ العمل في مجال البرمجة دون أن تكون له دراية به، إلى أن أصبح محترفا، كما يقول.
"حياتي تغيرت رأسا على عقب بفضل الأنترنت، وأي شخص لديه عمل قار وأوراق رسمية وتغطية اجتماعية لن يحقق ما حققته أنا على مستوى الأرباح، في هذه المدة القصيرة"، يردف ياسر.
ويضيف ياسر لـ"أصوات مغاربية" قائلا: "الجميل في الأنترنت أنك لن تصطدم بـ'باك صاحبي' وبالزبوينة والمحسوبية.. نشتغل أيضا بجد ولوقت أطول من موظفي المكاتب القارة، لكن نتائجنا أكبر".
يعتبر ياسر أن فكرة البحث عن وظيفة مكتبية قارة صار أمرا متجاوزا، قائلا: "الجيل الذي سبقنا أورثنا وهم أوراق عمل رسمية وتغطية صحية وضمان اجتماعي ،وأي وظيفة لا تتوفر على هذه الشروط، بحسبهم، ليست عملا قارا.. لم يعلمونا تفكير المقاولة".
مهدي: يمكنك أن تصبح غنيا جدا عبر الإنترنت
"كل المجالات الموجودة على أرض الواقع، من تصميم واقتصاد وتسويق تجاري وصحافة وموسيقى، موجودة عبر الإنترنت أيضا، وتوجد وظائف حرة للراغبين في الاشتغال في مجالاتهم"، هكذا يتحدث مهدي كنوني، الحاصل على البكالوريا سنة 2011، انطلاقا من تجربته، على العمل عبر الإنترنت.
ويشير المهدي إلى أن "العمل عبر الإنترنت آمن، وحتى وسائل الدفع عبره آمنة، فهناك عدة مواقع تلعب دور الوسيط بين الباحث عن العمل وبين أصحاب فرص العمل، وهي الضامنة للانتقال الآمن للأموال".
ويرى مهدي أن العمل عبر الإنترنت يتجاوز مجرد وسيلة لإعالة الشخص لعائلته أو نفسه إلى مصدر غنى. "على الإنسان فقطأن يكون مسؤولا عن نفسه، ويجيد تدبير وقته والتعامل مع الإنترنت في كل ما هو إيجابي وقانوني"، يردف ياسر.
وعن الفرق بين عمل المكاتب والإنترنت يقول مهدي: "لا يوجد فرق في المبدأ، فحتى العمل عبر الإنترنت يتطلب مكتبا مجهزا ومريحا لتوفر لنفسك جوا من العمل الصحي. الفرق الوحيد أنه في المكتب التقليدي التواصل يكون ملموسا ومباشرا، وعبر الإنترنت التواصل يكون افتراضيا".
المصدر: أصوات مغاربية