زبون يعرض "حليب العبار" اشتراه من بائع متجول
زبون يعرض "حليب العبار" اشتراه من بائع متجول

بحي المسيرة بمراكش، جنوب المغرب، عربات مصطفة أمام المساجد، وفي الأحياء الشعبية، وعشرات اللترات من الحليب المخزنة في براميل بيضاء مرصوصة فوقها. شباب بوزرات بيضاء منهمكون في تعبئة الحليب داخل أكياس وقنينات بلاستيكية وتسليمها للزبناء.

عبد الوحيد وزهير، شابان أصبحا شخصين معروفين في هذا الحي بعد حملة مقاطعة "خليه يريب"، والسبب استغلالها حملة مقاطعة الحليب المصنع، عارضين حليبا يشترى من الفلاحين مباشرة للبيع، ويسمى محليا بـ"حليب لعبار".

من الفلاح إلى باعة متجولين

​بعد شرائه من  الفلاحين الصغار بأحد المراعي بنواحي مراكش، يجلب عبد الواحد ما يقارب 100 لتر من الحليب واللبن صبيحة كل يوم.

"أقف على الفلاح الصغير حتى يحلب البقرة، وبعدها أشتريه منه بثمن 4 دراهم (نصف دولار) للتر الواحد. أضعه في الثلاجة، وفي المساء، بعد صلاة المغرب، أجلبه في براميل وأبيعه"، يقول عبد الواحد الخضيري، الشاب الثلاثيني الذي يمتهن بيع الحليب الطبيعي منذ حوالي خمس سنوات.

عبد الواحد يعرض "حليب العبار" للبيع
عبد الواحد يعرض "حليب العبار" للبيع

​​​​​​بعد شرائه بثمن 4 دراهم للتر الواحد، كما يقول، يبيع عبد الواحد الحليب للزبناء بـ5 دراهم. 

وبحسب تصريحات عبد الواحد، فقد ازدادت حصته من البيع بحوالي 20 لترا من الحليب ومثلها من اللبن بعد بدء حملة المقاطعة، موضحا أن هامش تجارته توسع بعد حملة المقاطعة.

أرباح مضاعفة

في حي الضحى الشعبي بمدينة مراكش، يركن زهير مرجاني عربته لبيع الحليب. منذ أن احترف هذا العمل قبل ثلاث سنوات، لم يلحظ ارتفاعا قياسيا في مبيعاته كما حدث عقب حملة المقاطعة.

يقول زهير إنه صار يجلب 70 لترا من الحليب فوق 90 لترا كان يعرضها للبيع بشكل معتاد. "الآن أبيع 170 أو 180 لترا كل يوم، وفي أقل من ساعتين يكون المنتوج قد نفد"، يردف زهير.

حليب "العبار" معروض على إحدى العربات
حليب "العبار" معروض على إحدى العربات

​​

​يتعامل مع زهير مع ما يسميه "الجماع"، وهو الشخص الذي يقوم بشراء الحليب من الفلاحين الصغار ويعمل بدوره على إعادة بيعه للباعة المتجولين كل صباح.

"لا نبدأ في بيع الحليب إلا في حوالي 7 مساء، بعد أن يعتدل الجو. وبعد وضعه في المبردات الصباح كله، نقوم بعزل الحليب عن اللبن والزبدة والجبن ثم نبدأ البيع. بمجرد ما نظهر في هذا الحي حتى يبدأ الإقبال مباشرة"، يستطرد هذا الشاب.

زهير مرجاني أثناء يبيع حليبا لزبون
زهير مرجاني أثناء يبيع حليبا لزبون

​​يبيع زهير اللتر الواحد من الحليب بخمسة دراهم، واللبن والرايب بـ12 درهما للتر ونصف، و60 درهما مقابل كيلوغرام من الزبدة الطبيعية.

وعن نوعية الزبناء الجدد الذين صاروا يترددون عليه بعد حملة المقاطة، يقول زهير: "أتعامل مع بعض الزبناء منذ بداياتي، لكن خلال هذه الحملة أصبح الإقبال من طرف زبناء جدد لم يسبق لي رؤيتهم، وبالتالي اضطررت لأستعين بمساعد في البيع بعد أن أصبح العمل مضاعفا، فتلبية رغبات الزبناء تحتاج السرعة".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

باحة مؤسسة تعليمية مغربية - أرشيف
باحة مؤسسة تعليمية مغربية - أرشيف

في عامه الثاني، يثير برنامج "مدارس الريادة" بالمغرب، وهو مشروع حكومي يروم تحسين جودة التعليم في المدارس العمومي، جدلا وتساؤلات بشأن غايته وأسباب محدودية تعميمه.

ويعد البرنامج من بين المبادرات والخطط الجديدة التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية ضمن خطة شاملة لمراجعة طرق التدريس وتجاوز التعثرات التي يعيشها التعليم العمومي.

وقالت الوزارة غداة إطلاق الموسم الدراسي الجديد إن أزيد من 8 ملايين و112 ألف تلميذة وتلميذ التحقوا بالمؤسسات التعليمية بينهم مليون و300 ألف تلميذ سيتابعون دراستهم في مدارس يشملها برنامج "مدارس الريادة".

وفق معطيات الوزارة انتقل عدد مدارس الريادة منذ انطلاقها العام الماضي من 626 مؤسسة تعليمية إلى 2626 في الموسم الدراسي الحالي واضعة هدف تعميم التجربة على 8630 مدرسة بحلول عام 2028.  

وكان وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، قد أكد في تصريحات صحافية نجاح التجربة الأولى للمشروع العام الماضي، مفيدا بأن التقييم الأولى أظهر أن مستوى التلاميذ بالمستوى الثاني إلى المستوى السادس ابتدئي "سجلوا تحسنا ملموسا في معدلات التحكم في القدرات والكفايات التي تم تقييمها".

وتقوم فكرة هذا البرنامج على تحسين عملية التعلم من خلال اعتماد منهجية تدريسية جديدة متعددة الأبعاد تركز على "الرفع من جودة التعلمات الأساسية والتحكم بها، وتنمية كفايات التلاميذ وتعزيز تفتح المتعلمين".

ويتم ذلك من خلال تدريس كل مادة في المستوى الابتدائي من قبل أستاذ متخصص بدل إسناد عدد من المواد لمعلم واحد وذلك بالاعتماد على تقنيات وأساليب بيداغوجية حديثة.

ووصف بحث ميداني، أجراه المرصد المغربي للتنمية البشرية (مؤسسة رسمية) ونشرت نتائجه في يوليو الماضي، المرحلة الأولى من مدارس الريادة بـ"الايجابية"، لافتا إلى أنه "يعد مكسبا تربويا وجب تثمين نتائجه الإيجابية الأولية وتحصين مكتسباته باعتبارها رهانا جماعيا للنهوض بالمدرسة العمومية خلال السنوات المقبلة".

ودعا البحث الحكومة إلى الاستفادة من "الصعوبات" التي واجهت البرنامج في عامه الأول بغية تعمميه على المدارس العمومية كلها و"استباق حاجيات الأساتذة للتكوين المستمر والمواكبة في مرحلة الاستئناس باستعمال التكنولوجيا الرقمية في العملية التربوية".

افتراضيا، يبدو أن الخطة الحكومية لم تقنع بعد الكثير من النشطاء في الشبكات الاجتماعية، حيث أشار بعضها إلى تسجيل "تعثرات" في الموسم الدراسي الحالي.

وتفاعلا مع هذا انقاش قال الحسين زهيدي، أستاذ التعليم العالي وخبير في السياسات التربوية العمومية في تدوينة على فيسبوك إن حديث الحكومة عن إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج تتزامن مع وجود "مآت" التلاميذ خارج أسوار مدارسهم "العادية" وفق تعبيره.

وقال "في الوقت الذي نتابع روبورتاجات في الاعلام العمومي عن +مدارس الريادة+ وبداية موسم دراسي بهيج ومبهج! نستمع يوميا ونشاهد قصص مآس التلاميذ والتلميذات لم يدخلوا بعد إلى مدارسهم +العادية+ لأنها لم تفتح ابوابها في وجوههم بعد".

وتابع "الأسباب في الغالب تقنية من قبيل عدم تسلم المؤسسات بعد، بمعنى أن تلك المؤسسات لازالت تحت تصرف المقاولين وغيرها من الأسباب التي نجهلها. ولكنها وضعتنا أمام ثانويات فارغة من التجهيزات التعليمية".

وسبق لجمعية "أتاك المغرب" أن انتقدت البرنامج الحكومي في تقرير أصدرته أبريل الماضي وقللت من احتمال نجاحه في وضع حد "اختلالات" يعاني منها التعليم العمومي.

وجاء في التقرير "ليست المدرسة الرائدة سوى صيغة جديدة لوضع التعليم في خدمة الرأسمال، ضمن خارطة الطريق التي تجسد منظور الدولة الحالي للتدخل في توجيه التعليم، وفق ما سبق أن ورد في النموذج التنموي الجديد".

وأضافت "لقد أضحى بديهيا أن الدولة كلما أرادت الاقدام على هجوم جديد، تحاول دائما استثمار الأزمة والبرهنة على أن الأمور لا تسير على ما يرام، وذلك لتسهيل تمرير خارطة الطريق ومشروع المدرسة الرائدة وغيرهما من المشاريع".

وقارنت صفحة بين هذا المشروع والرتب التي بات يحتلها التلاميذ المغاربة في عدد من التقييمات الدولية، وكتبت "مدرسة الريادة: المغرب في المرتبة 77 من أصل 79 دولة من حيث اكتساب الكفايات الخاصة بالرياضيات وفي المرتبة 75 من أصل 79 فيما يخص القراءة ما يؤكد أزمة التعلمات بالمدرسة العمومية".

وتساءل مدون آخر عن أسباب عدم تعميم "مدارس الريادة" على التعليم الخصوصي.

فيما تساءلت مدونة أخرى عن هذه المدارس وعن مميزاتها مقارنة بالمدارس العمومية الأخرى.

المصدر: أصوات مغاربية