Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عاملة زراعية بالمغرب
عاملة زراعية بالمغرب

“لو كنت أعلم أنني سأتعرض للاختطاف والاغتصاب من طرف مشغلي لما فكرت يوما في العمل بالضيعة”، هكذا بدأت مليكة حكاية قصة عملها في مزارع مغربية بمرارة وتحسر، مؤكدة أن ما يتداول في الإعلام بشأن تعرض العاملات لاستغلال جنسي في حقول الفراولة بإسبانيا، ليس أقل وطأة من معاناتهن في وطنهن الأم. 

اختطاف واغتصاب

تحكي مليكة البالغة من العمر 26 عاما، لـ"أصوات مغاربية"، عما تصفه بالقصص "المأساوية في المزارع". تقول مليكة مرتجفة “التقيت مشغلي من أجل أجرتي، كنت أنتظر مقابلا لعرق جبيني لكن لم أكن أدرك أن الأمر سيصل حد الاختطاف والاحتجاز والاغتصاب لمدة يومين”.

لم تخبر مليكة أحدا رغم أن الاغتصاب نتج عنه حمل. تقول “وعدني بالزواج ليشتري صمتي، كنت خائفة ولا أعرف كيف أتصرف في الموضوع”، منذ ذلك اليوم وهي تواصل عملها في نفس المزرعة "من أجل تحصيل قوت يومي، وإعالة ابني".

مليكة
مليكة

​​تضيف مليكة “واصلت عملي وابني في بطني حتى حان موعد ولادته، لحسن الحظ لم يكن الحمل واضحا، حين حان المخاض وضعته في الخلاء بمفردي، غامرت بحياتي وبحياة ابني”. لما علمت أسرتها بالموضوع لم تستمر في صمتها ورفعت دعوى قضائية ضد المتهم باغتصابها لأن ما تعرضت له "يمكن أن يحدث لأي فتاة أخرى"، على حد تعبيرها. 

عاملة في إحدى الضيعات جنوب المغرب.
عاملة في إحدى الضيعات جنوب المغرب.

​​​​​شهادة صادمة من بين شهادات أخرى، تكشف "سوء المعاملة والابتزاز والاستغلال الاقتصادي والجنسي" في بعض الضيعات الفلاحية، روتها لنا عاملات التقيناهن في منطقتي اشتوكة أيت باها وتارودانت. بعضهن يفضل الصمت من أجل لقمة العيش، فيما الأخريات ينتقلن من مزرعة إلى أخرى في بحث مستمر عن ظروف عمل أفضل.

معاملة 'مهينة'

​​"يعاملوننا كالبهائم" هكذا تلخص فاطمة "معاناتها في المزارع"، التي دامت أكثر من 15 سنة ولا زالت مستمرة، فما الذي يجعلها تقبل بهذا الوضع؟. تجيب فاطمة بعد تنهيدة طويلة: "أنا أم لسبعة أولاد، لم أدرس ولا أفهم العربية.. العمل كله عذاب لكن لا بديل عن المزارع”.

فاطمة
فاطمة

تشتكي فاطمة أيضا من تأخر المشغلين في دفع أتعابها، التي تتراوح في اليوم بين 5 دولارات و7 دولارات في أفضل الحالات، وأحيانا تعمل مقابل القليل مما جنته في المزرعة من خضر وفواكه، تأخذ ما يكفيها وأبناءها لوجبة غداء وتبيع الباقي.

نعيمة عاملة أخرى ليست أحسن حالا من فاطمة، أرملة وأم لولدين أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة.

نعيمة
نعيمة

لم تجد نعيمة وصفا مناسبا لمكان عملها غير "الجحيم"، موضحة أن "عمل ثلاثة أيام نقوم به في يوم واحد، وأي احتجاج يعني الطرد". 

مسؤولة: لم تصلنا شكاوى

في المقابل أكدت مديرة الشغل بوزارة الشغل والإدماج المهني، سليمة عضمي أن الأجيرات في المجال الفلاحي يستفدن من نفس الحقوق التي تنص عليها مدونة الشغل، و"أغلب الشكايات التي تتوصل بها المديرية الجهوية تتعلق بنزاعات في الأجور والتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي".

سليمة عضمي، مديرة الشغل بوزارة الشغل والإدماج المهني.
سليمة عضمي، مديرة الشغل بوزارة الشغل والإدماج المهني.

​​أما بخصوص الاغتصاب والتحرش فمديرة الشغل تنفي في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، وجود شكاية تخص هذه الحالات، مشيرة إلى أنه خلال سنة 2017، تم تسجيل 400 نزاع فردي بإقليم تارودانت، أغلبها يتعلق بالتأخر في أداء الأجور، و70 في المئة منها تمت تسويتها، كما أن مفتشي الشغل قاموا بالإجراءات اللازمة. 

حقوق 'مهدورة'

أما رئيس جمعية فضاء المواطنة والإنصاف، أحمد بوهية، فيؤكد أن حقوق العاملات الزراعيات "مهدورة، ومدونة الشغل لا تحترم من طرف المشغل فيما يخص الحد الأدنى للأجور والتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، إضافة إلى غياب التعويضات عن المرض، والتعويضات العائلية، مطالبا الوزارة الوصية بـ"مراقبة تطبيق المدونة".

أحمد بوهية، رئيس جمعية فضاء المواطنة والإنصاف.
أحمد بوهية، رئيس جمعية فضاء المواطنة والإنصاف.

​​​​​السلامة الصحية للنساء مهددة في المزارع أيضا. حسب الناشط الحقوقي، فالضيعات يستخدمن المبيدات "بشكل مهول، في غياب طبيب يواكب صحة العاملات ويقيهن من أمراض جلدية وتنفسية". 

ويؤكد بوهية أن من الشكاوى التي وردت على الجمعية، شكايات تتعلق بالاستغلال الجنسي والتحرش، خاصة "في وسائل النقل المهترئة التي تنقل النساء إلى المزارع".

المصدر: أصوات مغاربية.

مواضيع ذات صلة

المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية
المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.

وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.

كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.

وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.

قطاع مشغل وتوصيات رسمية

وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.

وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).

وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.

وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".

وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".

بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.

أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية  

تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".

وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".

وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".

وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".

وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".

خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية

بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.

ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.

وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".

ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.

ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".

وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.

وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".

المصدر: أصوات مغاربية