أخصائي نفسي مغربي: الخوف الشديد من كورونا قد يؤدي إلى توهم أعراضها
بعد إعلان العديد من البلدان، بما فيها المغرب، عن حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي المنزلي بهدف محاصرة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، بدأ الحديث عن الآثار النفسية المحتملة لهذا الظرف.
الطبيب والمحلل النفساني المغربي، جواد مبروكي، بدوره ينبه إلى الآثار التي يمكن للحجر أن يتركها على نفسية الخاضعين له، مقترحا مجموعة من الحلول لتفادي تلك الآثار.
ويشدد الأخصائي النفسي في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" على ضرورة الإبقاء على عادات ما قبل الحجر والقيام بأنشطة مختلفة داخل المنزل، مع تفادي العوامل التي تسبب القلق في ظل هذه الظروف.
هل هناك آثار نفسية يمكن أن تظهر على الأشخاص نتيجة الحجر الصحي؟
بطبيعة الحال، فهذا الظرف أدى إلى فقدان مفاجئ لحرية الخروج من المنزل، التنقل بين المدن، وحتى زيارة الأهل، وهو ما يصعب على البعض تقبله، وبالتالي قد تكون له آثار نفسية عليهم.
في الوقت نفسه، تجب الإشارة إلى أنه بالرغم من أن جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه يخضعون لهذا الحجر، إلا أن ظروفه تجعل آثاره تتفاوت من شخص إلى آخر.
تلك الظروف ترتبط بعدة عوامل من بينها عامل السكن، فأسرة تقطن مثلا في سكن تبلغ مساحته 100 متر أو 1000 متر، لا يعيشون الحجر كأسرة تقطن في بيت تبلغ مساحته 50 مترا أو غرفة لا تتوفر حتى على النوافذ.
بالنسبة لكثير من الناس الذين يعيشون في منازل ضيقة ومفتقدة لشروط السكن اللائق، فإن الحي أو الشارع بمثابة مساحة إضافية للبيت ويمثابة متنفس لهم، وبالتالي فإن افتقادهم لهذا المتنفس يجعل الحجر أصعب بالنسبة لهم.
إلى جانب عامل السكن، هناك أيضا العامل الاقتصادي، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين فقدوا عملهم نتيجة لهذه الظروف، وهو ما يشكل ضغطا كبيرا عليهم، وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية القرارات التي اتخذتها الدولة لفائدة هذه الفئات، والتي سيكون لها أثر كبير في تخفيف ذلك العبء النفسي.
كيف يمكن تفادي الآثار النفسية التي قد تنتج عن هذا الظرف؟
أول شي لا بد من إعطاء معنى لهذا الحجر، بمعنى أن يفكر كل شخص في أن هذا الحجر ليس سجنا بل إنه واجب وطني واجتماعي وإنساني وأنه بالتزامهم به سيساهمون في محاربة وباء عالمي.
الشيء الآخر يتعلق بكيفية تدبير الوقت خلال هذه الفترة، وهنا أشدد على ضرورة الإبقاء على عادات ما قبل الحجر، ويشمل ذلك النوم والاستيقاظ في وقت مبكر، تناول وجبات الطعام بشكل منتظم، تغيير الملابس، حلق الذقن بالنسبة للرجال، وغير ذلك من العادات التي قد يؤدي الإخلال بها إلى اضطرابات نفسية حتى عضوية.
كيف يمكن جعل الأطفال يتأقلمون مع هذا الوضع؟
إذا كان من الصعب على الكبار التأقلم مع هذا الظرف، فإن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأطفال، لذلك يجب إيلاءهم عناية خاصة في هذا الظرف، وهنا أيضا أشدد على ضرورة الإبقاء على عادات ما قبل الحجر بالنسبة لهم، بمعنى إيقاظهم في الصباح وتغيير ملابسهم وكأنهم سيذهبون إلى المدرسة.
كذلك يجب اعتبار هذا للظرف فرصة للآباء للتقرب أكثر من أطفالهم وتقوية الروابط العاطفية بينهم، وذلك بقضاء وقت أطول معهم، الحرص على متابعتهم حصصهم الدراسية، مع تخصيص أوقات للاستراحة يلعبون خلالها رفقتهم.
من جهة أخرى، أود أن أشير إلى وضعية المرضى النفسيين الذين يصعب عليهم أيضا استيعاب ما يجري في هذا الظرف، ولذلك يجب على العائلات أن توليهم رعاية وعناية خاصة، وأن تحرص على حصولهم على أدويتهم ومتابعة أي يتطور يطرأ على وضعهم مع أطبائهم أو مع الأطباء الذين تطوعوا في إطار شبكة استماع تنتشر في مختلف الجهات.
هل صحيح أن الخوف الشديد من الإصابة بالمرض قد يؤدي إلى توهم أعراضه؟
بالفعل، هذا صحيح، وهذه الحالة تسمى بـ"الإيحاء الذاتي" (auto-suggestion)، حيث أنه من شدة الخوف من المرض ومحاولة الشخص التأكد من عدم إصابته به عبر إسقاط الأعراض على نفسه تترسخ لديه فكرة المرض ويشعر بأعراضه.
من الأمور التي تساهم في هذه الحالة الأخبار الكثيرة المتدفقة عن مستجدات الوباء في مختلف أنحاء العالم، والتي تسبب الخوف من المرض وأيضا الخوف من المستقبل، ما يؤدي إلى قلق شديد قد يتسبب في اضطراب النوم وحتى في الاكتئاب.
لذلك يجب الانتباه إلى تأثير هذا الفيض من الأخبار خصوصا على الأطفال، الذين أنصح آباءهم بتجنيبهم متابعتها.
كما يجب على الناس الانتباه أكثر من الأخبار الزائفة التي تنشر المشاعر السلبية والتي يتم التوصل بها عبر تطبيقات التراسل ومواقع التواصل، لأنه حتى إن لم يصدقوها فإنهم يتأثرون بها.
- المصدر: أصوات مغاربية