Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

المغرب

التقاضي عن بعد في المغرب..هل يؤثر في شروط المحاكمة العادلة؟

حليمة أبروك
05 مايو 2020

انطلق في عدد من محاكم المغرب، قبل نحو أسبوعين، العمل بتقنية التقاضي عن بعد، وذلك كإجراء احترازي يهدف إلى محاصرة انتشار فيروس كورونا المستجد. 

ويرى البعض أن اعتماد هذا الإجراء، سيكفل حماية المتقاضين في ظل الظرف الاستثنائي الذي يمر منه المغرب والعالم بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، خصوصا بعد تسجيل إصابات بالفيروس في بعض السجون.

غير أن غياب إطار قانوني لهذا الإجراء -والذي حاولت الوزارة تداركه بإعداد مشروع قانون ذي صلة- كان سبب رفضه من طرف قانونيين وحقوقيين، عبروا أيضا عن خشيتهم من أن يكون لذلك الإجراء أي تأثير على شروط المحاكمة العادلة. 

إشكال المشروعية والشرعية

بالنسبة للمحامي محمد أغناج فإن "أول إشكال يتعلق بعملية التقاضي عن بعد في المغرب هو غياب المشروعية" وذلك بسبب "غياب الأساس القانوني".

ويوضح أغناج ضمن تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن النصوص المعتمدة حاليا تتضمن حضور المتهم إذا كان في حالة سراح وإحضاره إذا كان في حالة اعتقال، كما أن الاعتقال الاحتياطي "موجود في القانون لضمان حضور المتهم ومثوله أمام العدالة". 

من جهة أخرى، يرى المتحدث أن هذا الإجراء سيكون له تأثير على المسطرة، "من حيث تلقي أقوال المتهم وتسجيلها وهو ليس أمام المحكمة، ومن حيث وصف الحكم، هل هو حضوري أم غيابي؟" كما سيكون له "تأثير على طرق الطعن في الحكم".

وإلى جانب الإشكال المرتبط بـ"المشروعية"، يطرح أغناج أيضا إشكالا آخر مرتبط بـ"الشرعية" ومدى الاستجابة لـ "المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة" والمتمثلة في"الحضورية والتواجهية". 

فانطلاقا من تلك المبادئ يؤكد المتحدث على ضرورة أن "يحضر المعني أمام المحكمة وأن تشعر به"، خصوصا أن "المحاكمة الزجرية لا تنبني ولا يجب أن تنبني على الوثائق بل على الاقتناع الصميم والوجداني"، مشددا على أهمية "التواصل المباشر بين المحكمة والمتهم" في هذا الإطار والذي "يُحرمان" منه في ظل ذلك الإجراء. 

وإذا كانت بعض الأنظمة القانونية أقرت هذا النظام، يقول أغناج، فهي "ليس لديها مشكل مع المشروعية" مادامت تتوفر على إطار قانوني، أما من الناحية الشرعية فإن تلك الأنظمة، وفق المتحدث نفسه "أقرت ذلك الإجراء بضوابط أهمها أنه ليس مطلقا وليس لجميع الجرائم". 

قفزة نوعية..ولكن!

من جانبه، ينبه الناشط الحقوقي، عبد الرزاق بوغنبور، إلى "الظروف الخاصة والاستثنائية" التي فرضت اللجوء إلى هذا الإجراء، والذي يرى أنه "يمكن أن يكون قفزة نوعية بين المحاكم الكلاسيكية والمحاكم الرقمية الحديثة". 

ويتابع المتحدث مبرزا إيجابيات هذا النوع من المحاكم التي "ستمكن مرتفقي القضاء من مواصلة دعاويهم القضائية دون تواجدهم المادي". 

وبحسب بوغنبور فإن "المحاكمة عن بُعد لا تتناقض مع قيم المحاكمة العادلة، لا في القانون الوطني ولا في القانون الدولي" ذلك أن "المحاكمة العادلة في فقه حقوق الإنسان تقوم على معايير أساسية هي العلنية والحضورية وضمان حقوق الدفاع ومؤازرة المحامي، والحق في الصمت، والتساوي أمام القضاء، والمحاكمة في أجل معقول"، وهي كلها " قواعد معيارية" يرى أنه "يمكن ضمانها في المادة الزجرية في المحاكمة بالوسائط الإلكترونية". 

بالرغم من ذلك، يؤكد المتحدث أنه "مع انطلاق التجربة تبين أننا أمام جملة من السلبيات التي قد تكون وراء غياب ضمانات المحاكمة العادلة". 

ومن بين تلك السلبيات "غياب التكوين اللازم لكل مكونات هيئة العدالة" و"ضعف البنية التحتية على المستوى الرقمي داخل المحكمة وكذا المؤسسات التي تتعامل مع هيئة القضاء كالمؤسسات السجنية". 

بالإضافة إلى ذلك ينبه الحقوقي المغربي إلى أن "الوضع الرقمي قد لا يؤثر على المتهم ويجعله (أمام غياب هيبة المحكمة ووقارها ) في حل من الاعتراف الموضوعي الذي تحتاجه مكونات العدالة لاتخاذ القرار القانوني المناسب"، أو العكس، بمعنى أن "الوضع الذي يتواجد فيه المتهم عن بعد قد يجعله يعترف بوقائع تحت الضغط والإكراه".

اجتهاد أملته الظروف

رئيس نادي قضاة المغرب، عبد اللطيف الشنتوف، يستحضر بداية الظروف التي أملت "هذا الاجتهاد الذي جاءت به الإدارة القضائية". 

فمن جهة، هناك "فراغ قانوني"، ومن جهة ثانية هناك وضع يتمثل في "ظهور بؤر في مؤسسات سجنية"، وهو الوضع الذي "لا يمكن أمامه نقل أشخاص من السجون إلى المحاكم لأن فيه خطر على السجناء والمخالطين". 

بالتالي، فإن هذا الاجتهاد جاء "حماية لحياة الأشخاص"، يقول الشنتوف الذي ينبه ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن هذا الإجراء "لا يهم جميع القضايا بل فقط المحاكمات الجنائية التي فيها أشخاص معتقلون والتي تكتسي طابع الاستعجالية". 

وعن تأثير هذا الإجراء على شروط المحاكمة العادلة، يرى الشنتوف أن المحاكمة العادلة تكون بتطبيق شروطها في المضمون بغض النظر عن شكلها، وهل هي عن بعد أو عن قرب، مؤكدا انطلاقا من ذلك أن "المحاكمة العادلة ليست لها علاقة بالوسيلة ولكن بتطبيق مبادئها". 

في المقابل، يؤكد المتحدث أن الإشكال الكبير المطروح يتمثل في "غياب نص قانوني يؤطر العملية". 

وكخلاصة، يوضح الشنتوف، أنه "في غياب الإطار القانوني فإن الاجتهاد كان ضروريا لحماية حياة السجناء وكذلك حياة المخالطين لهم". 
في الوقت نفسه، ينبه رئيس نادي قضاة المغرب إلى مطالبتهم "منذ البداية بألا يتم اللجوء إلى توسيع هذا الاجتهاد وأن يُعمل به في إطار ضيق جدا على أن يتم الرجوع إلى النص العادي فور انتهاء سبب الاجتهاد". 

 

  • المصدر: أصوات مغاربية
Halima Abrouk

مواضيع ذات صلة

المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية
المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.

وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.

كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.

وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.

قطاع مشغل وتوصيات رسمية

وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.

وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).

وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.

وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".

وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".

بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.

أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية  

تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".

وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".

وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".

وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".

وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".

خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية

بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.

ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.

وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".

ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.

ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".

وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.

وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".

المصدر: أصوات مغاربية