المغرب

صحف إسبانية تكشف معطيات جديدة عن "الهروب الجماعي" لمغاربة من طائرة ببالما

12 نوفمبر 2021

كشفت وسائل إعلام إسبانية عن معطيات جديدة بخصوص الركاب المغاربة الذين فروا من طائرة كانت متجهة من الدار البيضاء إلى إسطنبول وهبطت اضطراريا في مطار مدينة بالما الإسبانية، الجمعة الماضية.

وكانت السلطات الإسبانية قد أعلنت الأسبوع الماضي أنّ مطار بالما دي مايوركا في أرخبيل الباليار، أحد أكثر مطارات البلاد ازدحاما، أُغلق قرابة أربع ساعات بعد أن هرب عدد من ركابها، مستغلين هبوطها اضطراريا لإنزال راكب ادّعى أنه مريض.

وذكرت صحيفة "إلموندو" الإسبانية، الجمعة، أن "التقرير الذي أعدته وحدة مكافحة شبكات الهجرة وتزوير الوثائق وقدمته للمحكمة في بالما، يكشف عن محتوى الملفات الشخصية لركاب الطائرة على الشبكات الاجتماعية وتحديدا الفيسبوك"، مضيفة أنه "في هذه الشبكة سجلوا خططهم وتفاخروا بتحقيق هدفهم كما قدموا معلومات عن وصولهم إلى إسبانيا".

وأوردت الصحيفة، أن "التقرير يشير إلى أن هؤلاء الأشخاص الفارين كانوا منظمين داخل مجموعة على الفيسبوك تسمى "بروكلين""، لافتة إلى أنه "وفق الشرطة الإسبانية فإن هذه المجموعة تضم عشرات الآلاف من المتابعين".

وأوضح المصدر ذاته، أن الشرطة الإسبانية ترى أنه "من المحتمل جدا أن تكون العملية قد نظمت سابقا في مجموعة خاصة على فيسبوك"وهو الاستنتاج الذي تم التوصل إليه "بعد التحقق من وجود نشرة في يوليو تم فيها شرح طريقة العمل بالتفصيل".

من جانبها، قالت صحيفة "لاراثون" الإسبانية، إن "السلطات المغربية زودت نظيرتها الإسبانية في إطار التعاون بين البلدين بالصور الفوتوغرافية التي تخص 13 شخصا فروا بعد هبوط اضطراري في مطار بالما دي مايوركا من طائرةكانت متجهة من الدار البيضاء إلى إسطنبول".

وأضافت الصحيفة، أن "الشرطة والحرس المدني يتعقبان على شبكات التواصل الاجتماعي في حال كان للمختفين نوع من الاتصال في إسبانيا أو أي معلومات أخرى قد تؤدي إلى موقعهم"، مفيدة أنه "لايوجد بين الفارين أي مشتبه في علاقته بالتطرف وليس لديهم أي سجل بجرائم أخرى باستثناء الشخص الذي زيف مرضه وأجبر الطائرة على الهبوط ".

وأشارت إلى أنه من المعروف أن ما لا يقل عن اثنين من المهاجرين على متن الطائرة سافروا إلى برشلونة  وتم فقدان مسارهم"، مبرزة أنه "من المحتمل أن يكون الـ11 الآخرون في مايوركا أو انتقلوا إلى شبه الجزيرة، دون استبعاد أنهم أجروا قبل مغادرتهم للمغرب بعض الاتصالات للاختباء قبل الذهاب إلى الأماكن التي يخططون الاستقرار فيها ، في إسبانيا أو في بلد أوروبي آخر".

وكانت وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) قد نقلت مؤخرا أن السلطات الأمنية الإسبانية ألقت القبض على 11 راكبا فروا من طائرة هبطت اضطراريا في مدينة بالما، في حين يجري البحث عن ١٣ آخرين.

  • المصدر: أصوات مغاربية / صحف إسبانية

مواضيع ذات صلة

Migrants storm a barbed-wire fence as they attempt to cross the land border with Spain's African enclave of Ceuta near Fnideq…
تدفق مئات الشباب والقاصرين على شمال المغرب نهاية الأسبوع في محاولة للتسلل إلى سبتة

تحولت مدينة الفنيدق المتاخمة لجيب سبتة الإسباني، شمال المغرب، إلى مسرح لأحداث غير معتادة، نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن امتلأت شوارعها بمئات الشباب والأطفال القادمين من مختلف أنحاء البلاد، رغبةً في العبور إلى الضفة الأخرى.

وخلال الأحداث التي شهدتها هذه المدينة الهادئة، كان لافتا، بشكل خاص، الحضور الكبير  للقاصرين والأطفال الراغبين في خوض مغامرة الهجرة، ما أثار تساؤلات بشأن الدوافع والأسباب التي حملت هؤلاء الصغار للمخاطرة بحياتهم في رحلة محفوفة بالمخاطر.

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يؤكد خبراء ونشطاء حقوقيون أن هذه المشاهد تعكس حالة  "الإحباط واليأس" التي تنتاب شريحة من المجتمع المغربي، كما تبرز من جهة أخرى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع فئات القاصرين والشباب للبحث عن فرص خارج وطنهم، حتى لو كان ذلك على حساب المخاطرة بحياتهم.

تفاصيل ما جرى

وفي مواجهة محاولة "الهروب الجماعي"، اتخذت السلطات المغربية إجراءات أمنية مشددة، إذ عززت وجودها في المنطقة، ونشرت قوات إضافية على طول الحدود، وكثفت عمليات المراقبة. كما  رحلت العديد من الأشخاص إلى مدنهم، في محاولة لإحباط محاولات العبور، بحسب تقارير محلية.

ويقع جيبا سبتة ومليلية الإسبانيين على الساحل الشمالي للمغرب، ويشكلان الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي في القارة الأفريقية ويتعرضان بانتظام لمحاولات تسلل مهاجرين.

 

ويصل المهاجرون إلى هاتين المنطقتين إما سباحةً على طول الساحل، وإما من طريق تسلق السياج أو الاختباء في المركبات.

رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بنعيسى، يوضح أن عدد الذين ينوون الهجرة يقدر بالآلاف من مختلف المدن المغربية، لكن عدد الواصلين إلى المدينة كان أقل بكثير.

ويشير الناشط الحقوقي في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن السلطات الأمنية منعت الكثيرين من بلوغ مدن الشمال، خاصة القاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عاما، عبر المراقبة في الحواجز عند مداخل المدن.

ويؤكد أن غالبية المتواجدين حاليا في وسط وأحياء الفنيدق هم من أبناء المدينة أو المدن المجاورة الذين استطاعوا تجاوز الحواجز.

ويلفت الناشط الحقوقي إلى الدور الكبير الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في حشد الآلاف وتنسيق هذه المحاولة، كاشفا عن مساهمة أطراف أجنبية من دولة مجاورة في هذه الحملة عبر صفحات وحسابات عملت على تحريض الشباب، مستدلا بذلك باللغة المستخدمة ومكان إدارة هذه الحسابات والصفحات.

وعملت السلطات الأمنية على مكافحة المنشورات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، حيث تمكنت من ضبط وتوقيف حوالي 60 شخصا، من بينهم قاصرون، للاشتباه في تورطهم في فبركة ونشر الأخبار الزائفة على منصات التواصل الاجتماعي.

ومع ذلك، يشدد بنعيسى على أن هذا التحريض ليس السبب الوحيد وراء الحملة الأخيرة، بل هناك أيضاً منشورات تتعلق بالفقر والرغبة في تحسين المستوى المعيشي.

ويشير إلى استغلال شبكات الاتجار بالبشر لمثل هؤلاء لاستقطاب زبائن جدد.

 

ويضيف أن هذه المنصات تحتوي على عشرات المجموعات والحسابات المخصصة للتنسيق وتبادل المعلومات حول مسارات الهجرة وطرق التعامل مع السلطات المغربية والإسبانية.

ونقلت وسائل إعلام محلية، أن السلطات رحّلت 39 شخصا، معظمهم من المواطنين الجزائريين والتونسيين، الموجودين بشكل غير قانوني في المدينة والمشتبه في رغبتهم دخول سبتة بوسائل وطرق غير شرعية.

"إنذار حقيقي"

ويعد المغرب ممرا تقليديا للهجرة غير النظامية باتجاه إسبانيا، سواء بالنسبة للقادمين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء أو العديد من الشباب المغاربة الذين يرغبون في حياة أفضل في "الفردوس الأوروبي".

وفي أغسطس الماضي، منعت السلطات المغربية 14648 مهاجرا من دخول سبتة ومليلية بشكل غير قانوني، إما عن طريق السباحة أو عن طريق تسلق السياج الحدودي، وفقا لأرقام وزارة الداخلية بالمغرب.

كما كشفت السلطات أن 32 في المئة من محاولات التسلل غير القانونية التي تم إحباطها هذا العام استهدفت سبتة ومليلية، في الشهر المنصرم.

الخبير المغربي في شؤون الهجرة، صبري الحو، يوضح أن المشاهد التي نراها في مدن الشمال تكشف عن نمو شعور لدى فئات اليافعين والشباب بأن الهجرة غير النظامية هي "الحل".

ويعتبر الحو في تصريح لموقع "الحرة"، أن هذا الشعور والقرار يمثل في حد ذاته "محاكمة للسياسات الحكومية المتعاقبة"، مشيرا إلى أنه لا يمكن تجاهل الدلالة المجتمعية لهذه المحاولات التي تعكس "اليأس والإحباط" لدى فئات الشباب والقاصرين.

ويضيف المحامي المغربي أن هؤلاء الشباب والقاصرين لم يعودوا يرون مستقبلهم في بلادهم، بل أصبحوا مستعدين للمغامرة وركوب المخاطر من أجل تحقيق ما يتصورونه حلاً.

وكشف استطلاع حديث للرأي، أجراه مركز البارومتر العربي، أن 35 في المئة من المغاربة أعربوا عن رغبتهم في الهجرة، وقال 53 في المئة منهم، إنهم لا يمانعون الهجرة بدون وثائق.

في هذا الجانب، يقول الحو إن الرغبة والدعوات للمغادرة الجماعية وحجم الاستجابة لها تشكل "إنذارا حقيقيا بوجود خطر مجتمعي يستدعي الاهتمام والمعالجة"، معتبراً إياه مؤشرا على أزمة ثقة وعدم رضا لدى هذه الفئات.

ويشير إلى أن خطابات الهجرة والرغبة فيها قد تحولت إلى معطى سيكولوجي ونفسي عام لدى عدد من الفئات، بما في ذلك أفراد ينتمون لفئات مجتمعية ميسورة أو من الطبقة المتوسطة. ويعتبر هذا الأمر مؤشراً مقلقاً في حد ذاته.

بين النفسي والاقتصادي

من جهته، يؤكد أستاذ علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، أن الرغبة في الهجرة سلوك إنساني قديم من الناحيتين النفسية والأنثروبولوجية، مؤكدا أن حرية التنقل لم تقيدها سوى القوانين المحلية والدولية مع تطور مفاهيم الدولة والحدود الوطنية.

وفي الحالة المغربية، يشير بنزاكور إلى وجود دوافع اجتماعية واقتصادية قوية للهجرة، ومن بينها تأثير سنوات الجفاف المتتالية على الوضع الاقتصادي لسكان المناطق الجبلية والقروية، والأضرار الناجمة عن الزلزال الأخير، بالإضافة إلى استمرار تداعيات جائحة كورونا على بعض الفئات.

ويؤكد بنزاكور على عامل أساسي آخر يدفع نحو الهجرة وهو المقارنة التي يجريها الكثيرون بين حياتهم وأنماط العيش في بلدان أخرى، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، موضحا أن هذه المقارنات غالبا ما تفتقر إلى التفكير المنطقي والواقعي.

وبحسب إحصائيات منظمات غير حكومية مغربية وإسبانية، يتراوح عدد القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم في إسبانيا بين 6 و8 آلاف، بينما يقدر عددهم في فرنسا بالمئات، لاسيما في مدينة باريس، وتتباين الأرقام في الدول الأوروبية الأخرى.

ويميز الخبير المغربي بين رغبة البالغين في الهجرة ورغبة الأطفال والقاصرين فيها. فبينما يمكن فهم دوافع البالغين الذين تتوفر لديهم مؤهلات الهجرة، يثير طموح الأطفال للهجرة والمغامرة بحياتهم "تساؤلات بشأن فشل منظومة معينة في المجتمع".

ويشير بنزاكور إلى أن البعض يربط بين رغبة القاصرين والأطفال في الهجرة والتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنه يطرح سؤالاً أعمق حول الأسباب والخلفيات التي تجعل الطفل مستعداً مسبقاً للمغامرة وترك أمان أسرته.

 

المصدر: موقع الحرة