تتوالى التكنهات والتسريبات عن احتمال مشاركة العاهل المغربي محمد السادس في القمة العربية بالجزائر المقررة بداية شهر نوفمبر المقبل، في وقت لم يصدر عن القصر الملكي المغربي أي بيان حول الموضوع.
وبعد تقرير نشرته المجلة الفرنسية "جون أفريك" في 12 سبتمبر الماضي، عادت المجلة نفسها لتؤكد مجددا في تقرير صدر قبل يومين، نقلا عن مصادر جزائرية، مشاركة محمد السادس في القمة برفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن.
ولفتت المجلة الفرنسية، إلى أن مصادرها "تؤكد أن رئاسة الجمهورية ترحب بدورها بزيارة الملك المغربي".
وفي 27 سبتمبر الماضي، حل وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي، بالرباط، حاملا الدعوة الموجهة إلى الملك للمشاركة بالقمة العربية المقررة بالجزائر، وكانت تلك أول زيارة رسمية يقوم بها مسؤول جزائري إلى المغرب منذ إعلان السلطات الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط في 24 أغسطس 2021.
وتعود آخر زيارة للعاهل المغربي إلى الجزائر، إلى مارس عام 2005، حين شارك في قمة الـ17 لجامعة الدول العربية، وكانت تلك القمة، آخر قمة يحضرها محمد السادس.
سياق قمة 2005
شهدت الأسابيع الثلاثة التي سبقت القمة إشاعات وتكهنات حول احتمال مقاطعة العاهل المغربي للقمة، فيما رجحت مصادر إعلامية أخرى أن يشارك محمد السادس وأن تنجح القمة في إعادة الدفء إلى العلاقات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر.
وفي 11 مارس من العام نفسه، جمع لقاء الرئيس الجزائري الراحل، عبد العزيز بوتفليقة، والعاهل المغربي محمد السادس، والرئيس الموريتاني حينها معاوية ولد الطايع بمدريد، إثر مشاركتهم في مراسم تخليد ذكرى ضحايا هجمات إرهابية في مارس 2004.
ونقلت وسائل إعلام حينها، صورا تظهر الثلاثة يتبادلون أطراف الحديث، ما أعطى إشارة إلى إمكانية مشاركة العاهل المغربي في القمة المرتقبة.
وقبل انعقاد قمة الجزائر بأسبوع وتحديدا يوم 16 مارس، تبادل سفير المغرب بجنيف حينها، عمر هلال، وممثل الجزائر الاتهامات حول مسألة الصحراء الغربية، واعتقد البعض حينها أن ذلك التوتر يمكن أن يعرقل مشاركة العاهل المغربي في القمة.
وفي 20 مارس من ذلك العام، أعلنت وزارة القصور الملكية رسميا خبر مشاركة محمد السادس في قمة الجزائر، مشيرة إلى أن العاهل المغربي الذي كان يقوم حينها بزيارة خاصة إلى فرنسا، سيتوجه من باريس إلى الجزائر للمشاركة في القمة العربية.
رسائل ود وجولة ليلية دون حراسة
بعد وصوله إلى الجزائر، حظي العاهل المغربي باستقبال حافل من الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بتفليقة، كما حظيت مشاركته بإشادة عدد من الزعماء العرب المشاركين في القمة.
وجاءت الزيارة بعد نحو 14 عاما من آخر زيارة لوالده الراحل، الحسن الثاني، إلى الجزائر، التي شكلت هي الأخرى محطة أساسية في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وخلال جلسات القمة، تبادل الجانبان مجاملات وإشارات بإمكانية تجاوز مشكلات الماضي، وقيام شراكة ثنائية بعيدا عن مسألة الصحراء.
وعكس عدد من الزعماء العرب الذين اختاروا الإقامة في فنادق العاصمة، اختار العاهل المغربي حينها الإقامة في فيلا فاخرة في زرالدة (غربي العاصمة)، وهي المنطقة نفسها التي تحتضن إقامة الرئيس الجزائري.
ولعل ما ميز إقامة الملك المغربي بالجزائر، قيامه في أول ليلة من وصوله بزيارة خاصة إلى عدد من أحياء العاصمة، متنقلا على متن سيارة السفير المغربي بالجزائر، ودون حراسة، وفق ما أفادت به صحيفة "تيل كيل" المغربية.
وقالت النسخة الفرنسية من الصحيفة، فإن العاهل المغربي تجول في وقت متأخر من الليل في أحياء العاصمة الجزائرية وسارت سيارته على إيقاع حركة المرور، مفيدة بأن محمد السادس "كان من الشخصيات القليلة التي آمنت بنجاح الجزائر في التصدي للإرهاب".
وأفاد المصدر ذاته، أن الرئاسة الجزائرية رحبت بالعاهل المغربي الذي مدد إقامته بعد انتهاء القمة لـ24 ساعة إضافية، لعقد لقاء قمة مع عبد العزيز بوتفليقة.
وخلف اللقاء، الذي انعقد في 24 مارس 2005 تفاؤلا كبيرا بين شعبي البلدين، كما توج بعد أيام من عقده بإعلان الجزائر إلغاء التأشيرة المفروضة على المواطنين المغاربة من 11 عاما، في رد ودي على قرار مماثل اتخذه العاهل المغربي أواخر يونيو من عام 2004.
وقالت وسائل الإعلام حينها، إن القمة الثنائية تمحورت أيضا حول ضرورة إرساء منهج عمل لتسوية عدد من الملفات العالقة، كالحدود المغلقة منذ عام 1994 ومسألة الصحراء الغربية.
وفي السياق نفسه، نقلت منبار إعلامية عربية أن محمد السادس وعبد العزيز بتفليقة اتفقا على وقف المواجهة بينهما على المستويين السياسي والإعلامي وتجنب كل ما من شأنه أن يزيد من توتر العلاقات بينهما، لكن سرعان ما تسلل التوتر والفتور إلى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أشهرا بعد انعقاد القمة.
المصدر: أصوات مغاربية