Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

بعد توالي سنوات الجفاف.. هل تنقذ أمطار مارس الموسم الفلاحي بالمغرب؟
يواجه المغرب أزمة جفاف حادة

لا تزال أزمة الجفاف وندرة المياه التي يشهدها المغرب ترخي بتداعياتها أمام تصاعد الاحتجاجات، مؤخرا، في العديد من المناطق بسبب "انقطاعات متكررة في التزود بالماء الصالح للشرب وضعف جودته"، وفق السكان المحتجين، مما يثير مخاوف من تفاقم أزمة العطش في فصل الصيف.

وأعربت فعاليات المجتمع المدني بمدينة خريبكة، عقب وقفة احتجاجية الخميس، عن "استيائها وتنديدها بالانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب دون سابق إنذار"، منتقدة في بلاغ لها "الاستهتار في تدبير قطاع الماء باعتباره مادة حيوية".

ويأتي ذلك بعد أن نددت أزيد من 40 جمعية بهذه الانقطاعات المتكررة بالمدينة، ووجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني سؤالا إلى وزير التجهيز والماء بالحكومة المغربية حول معاناة السكان من هذه الانقطاعات "التي تهدد صحتهم وتربك معيشهم اليومي" وفقها، داعية إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة لتفادي حدوث احتقان اجتماعي".

وشهدت العديد من المدن والمناطق القروية (خريبكة وأكادير وإفران وبني ملال وتاونات...) خلال الأسبوع الجاري، احتجاجات للسكان عبروا فيها عن مخاوفهم من أزمة العطش واستنكارهم للانقطاعات المتكررة في الماء الصالح للشرب.

ويعرف المغرب جفافا يعد الأسوأ من نوعه منذ 40 عاما، ما دفع  العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى توجيه تحذير مؤخرا من "أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي واللا مسؤول للماء"، كما دعا خلال العام الماضي إلى "القطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي وغير المسؤول لهذه المادة الحيوية".

وفي هذا السياق، كانت الحكومة المغربية قد رصدت ما مجموعه 10 ملايير درهم (حوالي مليار دولار) لمواجهة أزمة المياه ضمن مشروع قانون المالية لعام 2023، كما أطلقت البلاد في شهر ماي الماضي، خطة عمل لمكافحة آثار الجفاف عبر تخصيص اعتمادات إضافية لرفع إجمالي ميزانية البرنامج الوطني إلى 143 مليار درهم (15 مليار دولار).

"عجز غير مسبوق"

وتعليقا على الموضوع، يرى الخبير المغربي في قضايا الماء والبيئة، عبد الحكيم الفلالي، أن المغرب يعرف أزمة جفاف للسنة الثالثة على التوالي أدت إلى تراجع الموارد المائية، منبها إلى أن "المشكل الكبير يكمن في اعتماد العديد من المناطق على المياه الجوفية".

ويتابع الفلالي حديثه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أنه أمام تزايد ظاهرة الجفاف والضغط الكبير على المياه الباطنية "وصلت البلاد إلى مستويات قياسية في ما يخص حفر الآبار وعجز غير مسبوق في نسبة ملء السدود إلى أقل من 30٪، مشيرا إلى أن ذلك انعكس "بشكل سلبي على التزود بالمياه الصالحة للشرب مؤخرا".

وبشأن مدى حدة أزمة العطش، يعتبر الخبير أن المغرب يمكنه أن يتجاوزها بحلول فصل الخريف والشتاء خاصة إذا كانت هناك تساقطات في بداية الموسم، مؤكدا أن "المشكل يمكن حله جذريا بإعادة النظر في الموارد المائية التي يستغلها القطاع الفلاحي بنسبة 88٪ مقارنة مع النسبة الضعيفة من المياه الصالحة للشرب التي يحتاجها السكان".

"أخطاء بشرية"

ومن جانبه، يعزو أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد سعيد قروق، أزمة العطش ومعاناة السكان من الانقطاعات المتكررة في المياه الصالحة للشرب إلى "أخطاء بشرية وسوء تدبير الموارد المائية"، لافتا إلى أن الجفاف استقر في المغرب منذ 2018 لكن تأخر الإعلان عنه حتى أواخر عام 2021 بسبب عجز السدود وقلة التساقطات.

وينبه قروق، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى "ضرورة التدخل المستعجل بإعادة النظر في السياسة المائية واستراتيجية تدبير مياه السدود من أجل تدارك النقص الحاد في نسبة المياه والحد من مخاوف تفاقم أزمة العطش بشكل أكثر في الفترات المقبلة"، مشددا على "توقيف الزراعات المستنزفة للفرشة المائية كالبطيخ والأفوكادو".

ويشير المتحدث ذاته إلى أن موجات الحر الشديدة التي يشهدها المغرب "زادت من تعقيد الأمور نحو الأسوأ عبر ارتفاع نسبة تبخر مياه السدود وضغط أكثر في الاستهلاك"، مستدركا أنه "لا يجب الخلط بين الأخطاء التدبيرية للموارد المائية والتغير المناخي".

"تداعيات خطيرة"

ويذكر رئيس الاتحاد المغربي لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، محمد كيماوي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الانقطاعات المتكررة في تزود المواطنين بالمياه الصالحة للشرب "تُفاقم أزمة العطش في العديد من المناطق خاصة أمام ارتفاع درجات الحرارة في الآونة الأخيرة ووصولها إلى مستويات قياسية".

ويحذر كيماوي، في هذا السياق، من "التداعيات الخطيرة لهذه الانقطاعات التي تهدد السلامة الصحية للمستهلك المغربي وتحرمه من قضاء حاجياته الأساسية بما فيها النظافة"، مردفا "مما يشكل اعتداء على صحته وحقه في الماء بالإضافة إلى إلحاق خسائر في عدد من القطاعات أبرزها السياحة".

ويلفت الناشط الحقوقي إلى أن "ضعف صبيب المياه وانقطاعها لا يقتصر فقط على الوكالات المكلفة بتوزيع المياه بل أيضا الشركات والمقاولات المستثمرة في إنتاج المياه المعدنية"، داعيا إلى تدخل الحكومة في اتخاذ تدابير عاجلة تحمي حياة المواطنين من ندرة المياه وتداعيات الجفاف.

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- أرشيف
العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- أرشيف

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين زيارة دولة إلى المغرب تستغرق ثلاثة أيام وتهدف إلى إضفاء زخم جديد على العلاقات الثنائية بعد ثلاث سنوات من تأزمها.

وقال قصر الإليزيه إن الزيارة التي تأتي بعد دعوة في نهاية سبتمبر من الملك محمد السادس "تهدف إلى طرح رؤية جديدة للسنوات الثلاثين المقبلة" في العلاقات الفرنسية المغربية.

بدورها، قالت وزارة القصور الملكية إن البلدين اللذين يتمتعان بـ"شراكة راسخة وقوية"، لديهما "إرادة مشتركة" في "توطيد الروابط" التي تجمعهما.

وتتناقض هذه اللهجة المتفائلة للغاية مع الخلاف الذي لوحظ منذ ثلاث سنوات وتخللته حملات ضد فرنسا في وسائل الإعلام القريبة من السلطات المغربية.

تقول خديجة محسن فينان، أستاذة العلوم السياسية المتخصصة في شؤون المغرب العربي، "لقد بدأ الأمر يغدو شخصيا بعض الشيء (بين الملك والرئيس). العمل هو على تحسين العلاقات ووضع الخلافات جانبا".

واتُهمت فرنسا في المغرب خلال الأزمة باتباع "سياسة النعامة" بشأن الصحراء الغربية و"الازدواجية" و"الانحياز للجزائر"، وغيرها من التهم.

تأمل باريس أن تكون تلك الفترة مجرد ذكرى سيئة. وتعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى هذه الدولة الحليفة في المغرب العربي إلى أبريل 2013 في عهد فرنسوا هولاند.

وقد أجرى إيمانويل ماكرون زيارة عمل إلى المملكة عام 2017 في بداية ولايته الأولى، قبل أن يعود إليها عام 2018 لتدشين خط القطار الفائق السرعة طنجة-الدار البيضاء مع الملك، لكن الأمر توقف عند ذلك الحد.

"السيادة المغربية"
بمناسبة الزيارة الهامة، سيرافق الرئيس وزوجته بريجيت وفد واسع يضم وزيري الداخلية برونو ريتايو والجيوش سيباستيان ليكورنو.

ويستقبل محمد السادس شخصيا ضيفه بالمطار على صوت 21 طلقة مدفع. وسيتوجها بعد ذلك إلى القصر الملكي على متن سيارة احتفالية للقاء ثنائي يليه توقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة والمياه والتعليم والأمن الداخلي.

كما سيقيم الملك الثلاثاء مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس وقرينته. وفي اليوم نفسه، سيلقي إيمانويل ماكرون خطابا أمام البرلمان ويحضر توقيع عقود خلال منتدى أعمال.

وفي محور النقاشات مكافحة الهجرة غير النظامية، وهي نقطة خلاف بين البلدين، فضلا عن ملف الصحراء الغربية.

هذه المستعمرة الإسبانية السابقة التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي"، موضوع نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ نحو نصف قرن.

وبعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الإقليم الصحراوي، زادت الرباط ضغوطها على فرنسا لتفعل الشيء نفسه.

في 30 تموز/يوليو، اعتبر إيمانويل ماكرون أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية"، ما فتح الطريق أمام التقارب مع الرباط على حساب أزمة جديدة مع الجزائر.

وفي ما يتعلق بالهجرة، يعتزم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه استئناف النقاشات "بروح الحوار" لتسهيل ترحيل المغاربة الذين صدرت بحقهم قرارات طرد من فرنسا.

ووعد بارنييه قائلا "لن نقوم بذلك بشكل عدواني، بل من خلال عرض جميع أدوات التعاون الثنائي". وفي سبتمبر 2021، قررت باريس خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، لإجبار المملكة على التعاون في هذا الموضوع، وهو قرار استهجنته الرباط بشدة.

"نقطة وصل"
أشار الإليزيه إلى أن المغرب لديه "رغبة في أن يشكل نقطة وصل بين أوروبا وإفريقيا"، وهو أمر استراتيجي ومهم أيضا على مستوى البنى التحتية، لا سيما في ما يتعلق بمشاريع الربط الكهربائي.

وترى خديجة محسن فينان أن "فرنسا ستعتمد على المغرب في إفريقيا ومنطقة الساحل"، حيث فقدت الكثير من نفوذها بينما تواصل المملكة اكتساب النفوذ.

ويفتح تحسن العلاقات الفرنسية المغربية آفاقا جديدة أمام الشركات الفرنسية التي تضررت جراء الخلافات السياسية.

ومن ثم، يمكن لشركة "إيرباص هليكوبترز" بيع ما بين 12 إلى 18 مروحية كاراكال للقوات المسلحة المغربية خلال الزيارة، وفق مصادر متطابقة.

كما سيستضيف المغرب مسابقة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم عام 2025 ثم كأس العالم لكرة القدم عام 2030، وكلتاها فرصة لفرنسا لتقديم خبراتها بعد أولمبياد باريس، خصوصا في مجال البنى التحتية.

وفرنسا هي المستثمر الأجنبي الأول في المغرب مع نحو ألف شركة، تشمل كل شركات مؤشر كاك 40 في بورصة باريس تقريبا. لكن الصين وإسبانيا تحسنان أيضا حضورهما في السوق المغربية. 

المصدر: فرانس برس