بعد ثلاثة أيام على الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليل الجمعة السبت، والذي خلف ما يقارب ثلاثة آلاف قتيل، تتواصل جهود فرق الإنقاذ للعثور على ناجين ولانتشال جثث من قضوا من تحت الأنقاض، في الوقت الذي ما يزال من عايشوا تلك الفاجعة تحت وقع الصدمة وهم يطالعون حجم الخسائر البشرية والمادية التي خلفها الزلزال.
وتحدث فاعلون جمعويون وسكان من المناطق المتضررة لـ"أصوات مغاربية" عن الوضع الذي يبدو أنه يختلف من دواوير إلى أخرى، إذ في الوقت الذي أكد فاعلون جمعويون التوصل بإمدادات مهمة من المساعدات، نبه آخرون إلى أن متضررين بدواوير أخرى لم يتوصلوا بعد بها، في حين اتفق المتحدثون على أن توفير السكن يشكل أولوية في الوقت الراهن خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء الذي يكون صعبا في تلك المناطق.
"تواصل جهود الإنقاذ وتدفق المساعدات"
أكد الفاعل الجمعوي بمنطقة أمزميز بإقليم الحوز (أكثر المناطق تضررا)، عمر بن ثابت، أن "عمليات الإنقاذ متواصلة على قدم وساق وإن كانت في بعض المناطق المجاورة خاصة المداشر والقرى الجبلية بطيئة بعض الشيء".
وقال بن ثابت في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الوضع كارثي بجماعة أزكور والدواوير التابعة لها حيث ما تزال عمليات الإنقاذ تنتشل عشرات القتلى ونسمع عن دفن 80 إلى 100 شخص مما سيرفع الحصيلة أكثر"، مستبعدا أن يكون باقي المفقودين في الزلزال على قيد الحياة بعد مرور 3 أيام تحت الأنقاض.
وبدوره، أكد الناشط الجمعوي حميد أعطوش من جماعة آسني بنفس الإقليم، أن هناك "إنزالا واسعا للقوات المسلحة" نحو المناطق المتضررة إضافة إلى إمدادات الغذاء التي توفرها فعاليات المجتمع المدني والأفراد من مختلف المدن.
وأضاف أعطوش في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أن "معظم ضحايا الجماعة والدواوير التابعة لها تم انتشالهم بالعشرات وأن المداشر تضررت بنسبة 100٪ بعد انهيار جميع بناياتها لأنها تقع في منحدرات"، لافتا إلى أن معظم سكان هذه المناطق "يشعرون بالإحباط والصدمة بعد فقدان البشر وانهيار الحجر وهم في أمس الحاجة للمساعدة".
وفي هذا السياق، أفاد هشام أماديد أحد ساكنة دوار أسلدا بجماعة آسني، بأن "الشباب بالمنطقة انتشلوا 20 قتيلا بينهم أطفال وعند قدوم فرق الإنقاذ كانت عملية البحث قد انتهت"، مشيرا إلى أن السلطات أمدت السكان ببعض الخيام إلا أنها لا تكفي بعد انهيار أزيد من 700 مسكن.
وبمشاعر من الحسرة والألم، تحدث الفاعل الجمعوي محمد أركراك، من دوار أداسيل بإقليم شيشاوة، عن الوضع في هذا الدوار والذي وصفه بـ"الحرج بعد انتشال جثث ستة قتلى وحصيلة مصابين لا تحصى وانهيار جميع المباني ونفوق الأغنام بالمئات".
وبشأن المساعدات، سجل أركراك أن "المنطقة توصلت بما يكفي من الأكل بفضل جمعيات المجتمع المدني من الشمال إلى الجنوب لدرجة أصبح هناك فائض في ذلك"، مستدركا أن السكان في أمس الحاجة إلى الخيام والأغطية والملابس لأنهم يبيتون في العراء.
نفس الشيء شدد عليه الفاعل الجمعوي بدوار تاونغاست بجماعة إيمندونيت من نفس الإقليم، عبد الرحيم ايت ايرو، قائلا إن "سكان الدوار بأكملهم يبتيون في العراء بعد انهيار أزيد من 60 مسكن"، مضيفا أنه بعد انتهاء عمليات الإنقاذ والتوصل بالمساعدات فإن الأولوية هي للحصول على أغطية لمواجهة موجات البرد.
"غياب مساعدات ومعاناة مع الطقس"
وفي الوقت الذي تعرف عدد من المناطق المتضررة وصول فرق الإنقاذ والمساعدات، فإن مناطق أخرى تضررت بدورها من وقع الزلزال يشتكي سكانها صعوبة وصول المساعدات والمواد الضرورية لهم في هذا الظرف.
ففي دوار تنمرت ببلدية إيمندونيت بإقليم شيشاوة، الذي يصل عدد ساكنته إلى 900 نسمة، نبه الفاعل الجمعوي سعيد أقرماش في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن 140 أسرة مهددة بالتشرد وتطالب بإعادة ترميم وبناء مساكنها بعد أن أصبحت غير صالحة للمبيت داخلها.
وذكر أقرماش أن الدوار الذي يقع في منطقة جبلية "لم يشهد تسجيل أي قتلى إلا أن جميع بناياته انهارت وما تبقى منها آيل للسقوط حيث وقع أحد المنازل ليلة أمس وكل السكان يعيشون حالة من الهلع والخوف وهم يبيتون في العراء".
وفي هذا الصدد، أشار أقرماش إلى أن "النساء الحوامل والأطفال يحتاجون للأدوية ويعانون من قسوة البرد وعدم وصول أي مساعدات من الغذاء أو الأغطية والخيام"، منبها إلى أن "حياتهم مهددة بالخطر خاصة إذا هبت أي رياح قوية أو أمطار".
بدورها، أكدت رشيدة أفليتي (أم لأربعة أطفال)، المقيمة بأحد الدواوير المجاورة لبلدية أمرزكان بإقليم ورزازات "لم تصلنا أي مساعدات أو إسعافات وكأننا لم تلحق بنا أي أضرار رغم أن المنازل انهارت وتشققت ولدينا مرضى وأطفال صغار".
وبحسب رشيدة فإن غياب المساعدات يرجع لكون "الدوار لم تقع فيه أي خسائر بشرية وجميع فرق الإنقاذ والمساعدات تتوجه للمناطق التي أسفر فيها الزلزال عن قتلى"، منتقدة "الوضع الخطير الذي يعيشه سكان الدوار إثر مبيتهم في العراء دون أدنى شروط الأمان".
ومن إقليم تارودانت، نبه الفاعل الجمعوي عبد الله العسري من دوار مضيط ببلدية تيسراس، إلى أن "جميع السكان هجروا المنطقة متوجهين إلى الدواوير المجاورة بعد أن انهارت مساكنهم وانتشلوا بأيديهم 12 قتيلا من بينهم ثلاثة أطفال وأربع نساء"، مشيرا إلى "غياب فرق الإنقاذ والمساعدات".
وشدد العسري في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، على ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ الساكنة ومدها بالمساعدات الضرورية تجنبا لتدهور الوضع أكثر واحتمال أي هزات أخرى، لافتا إلى أنهم في أمس الحاجة للخيام والتغذية والمساعدات الأولية.
- المصدر: أصوات مغاربية