قبل نحو أسبوع نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية على غلافها صورة سيدة مغربية من الناجين من زلزال الحوز مرفوقة بعنوان عريض "أغيثونا نحن نموت في صمت"، ليتضح بعد ذلك أن السيدة لم تكن تحتج على تأخر المساعدات الإنسانية، بل كانت تصرخ "عاش الملك" بحسب نشطاء.
ويتعلق الأمر بصورة التقطها أحد مصوري وكالة الصحافة الفرنسية بمراكش في اليوم الثاني للزلزال ونشرتها الصحيفة الفرنسية يوم الإثنين 11 سبتمبر الجاري، وتظهر الصورة سيدة مغربية في عقدها الخامس تصرخ وخلفها جدار تأثر جزء منه بالزلزال الذي ضرب وسط البلاد.
الصحيفة الفرنسية نشرت الصورة وأرفقتها بعبارة "أغيثونا نحن نموت في صمت" وذلك ضمن ملف خصصته للحديث عن الصعوبات التي تواجه فرق الإنقاذ.
وأثارت تلك الصورة عاصفة من الجدل في المغرب، بعد نشر نشطاء لمقاطع فيديو قالوا إنها من لحظة التقاط الصورة حيث يسمع صوت السيدة وهي تصرخ "عاش الملك".
Incroyable séquence. Au delà de la caricature à vomir publiée par @libe lundi, on s’aperçoit que la femme à qui ils ont fait dire en couverture « aidez-nous. Nous mourons en silence », criait en réalité « vive le Roi ». À quoi joue la presse Française? 🤮 pic.twitter.com/rIETfMVZkz
— Feïza Ben Mohamed (@FeizaBM) September 16, 2023
واتهم نشطاء الصحيفة الفرنسية بخرق قواعد أخلاقيات العمل الصحافي وبـ"استهداف" المغرب، بينما ذكرت وسائل إعلام محلية أن السيدة التي تدعى ثريا وتبلغ من العمر 55 عاما تستعد لمقاضاة الصحيفة الفرنسية بتهمة "التشهير" و"تحريف مضمون صرختها".
ليبراسيون توضح
وبعد نحو أسبوع من الصمت، خرجت "ليبراسيون" أمس الثلاثاء بتوضيح مما جاء فيه أن الصورة تعود لوكالة الصحافة الفرنسية وأن الأخيرة أرفقتها بنص جاء فيه "ردة فعل امرأة تقف أمام منزلها المتضرر من الزلزال في المدينة القديمة بمراكش في 9 سبتمبر 2023".
Des publications accusent @Libe d’avoir manipulé les propos d’une femme après le séisme au Maroc. Origine de la photo, conception de la une, choix du titre : il n'y a bien sûr aucune volonté de manipulation de notre part, voici toutes les explications. https://t.co/aNZCaduEG1
— Libération (@libe) September 19, 2023
وأضافت الصحيفة في توضيح على لسان ألكسندرا شوارتزبرود، نائبة مدير ليبراسيون، "في اجتماع التحرير نبحث عن أقوى الصور التي قد تلفت انتباه القارئ، ومن الناحية الموضوعية، هذه الصورة (صورة السيدة) كانت الأبرز لأنها تقول كل شيء، نرى المرأة الحزينة ووراءها المباني التي هدمها الزلزال، بينما يروي العنوان مأساة الزلزال".
وتابعت متأسفة "لم يتم إبلاغنا في أي وقت من الأوقات أن هذه السيدة كانت تصرخ 'عاش الملك' كان على وكالة فرانس برس توضيح ذلك".
السيدة تعلق
بعد الجدل الذي أعقب نشر "ليبراسيون" للصورة، تمكنت بعثة القناة الفرنسية "BFMTV" بمراكش من العثور على ثريا وسألتها عن رأيها في الصورة التي التقطت لها وفي الجدل الذي أثارته.
🇲🇦 Cette femme en pleurs a fait la une de tous les journaux après le séisme au Maroc
— BFMTV (@BFMTV) September 13, 2023
Notre équipe l'a retrouvée dans la vieille ville de Marrakech
Elle témoigne au micro de @BFMTV pic.twitter.com/zYkXBe5EQ5
وقالت ثريا، "شعرت بالهزة وصرخت انتبهوا الأسقف تنهار، وعندما خرجت من بيتي وجدت أمامي مصورا يلتقط لي صورا".
وتابعت "أنا لست راضية عن التشهير بي، نشروا صورتي وقاموا بالتشهير بي".
"تمرير موقف"
وفي سياق الجدل نفسه، أعلن المجلس الوطني للصحافة في بيان، الأربعاء، أنه تقدم بشكاية إلى مجلس الأخلاقيات بفرنسا ضد كل من صحيفة "ليبراسيون" و"شارلي إيبدو".
وجاء في البيان "سجل المجلس أن صحيفة 'ليبيراسيون' قامت بخرق أخلاقيات الصحافة، على عدة مستويات، الأول، نشر صورة على الغلاف، لسيدة مسنة، من ضحايا الزلزال، ومصاحبتها بتصريح لم تدل به، بل هو من اختلاق الجريدة، بهدف تمرير موقف يضرب في المجهودات التي تبذلها السلطات المغربية، وباقي فرق الإنقاذ من دول صديقة، والمتطوعين".
وتابع "الثاني، نشر أخبار كاذبة وتزوير الحقائق، في ظروف من المفترض أن يحصل فيها تآزر إنساني وأن تتحلى الصحافة فيها بقيم المهنية والتضامن والتعاطف، بدل تصفية الحسابات السياسية، الثالث، من المعروف في مبادئ أخلاقيات الصحافة أن التعامل مع ضحايا الكوارث الإنسانية، يكون مشروطا بعدة احترازات، من أهمها عدم استغلال صورهم قصد الإثارة الرخيصة".
ومن جانبها، كانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد أصدرت الأسبوع الماضي بلاغا عما وصفتها بـ"الحملة الإعلامية التي تخوض غمارها بعض وسائل الإعلام الفرنسية ضد المغرب"، اتهمت فيه جزءا من الإعلام الفرنسي بمحاولة "تصوير الدولة المغربية بطريقة توحي بالعجز والتواطؤ في منع وصول المساعدات".
كما قالت في بلاغ آخر إن "بعض من الصحافيين الفرنسيين والعاملين في هذه المؤسسات الإعلامية الفرنسية، الذين جاؤوا إلى المنطقة التي تعرضت للزلزال المدمر، يقترفون مجموعة كبيرة من المخالفات المخلة بأخلاقيات المهنة".
- المصدر: أصوات مغاربية