تأجيل الانتخابات الليبية قد يعقد المشهد السياسي في البلاد وينذر بمزيد من التوتر
تأجيل الانتخابات الليبية قد يعقد المشهد السياسي في البلاد وينذر بمزيد من التوتر

د. إيلي أبو عون

أخفق سانتا كلوس ولم يأت لليبيا عشية 24 ديسمبر 2021 برئيس منتخب كما كانت تأمل غالبية الشعب الليبي المعذب منذ ما يزيد عن 50 عاما. 

ورغم التوق إلى تسوية سياسية تجيز التفرغ لمتطلبات الحياة الكريمة، لا يزال المجتمع الليبي منقسما، ليس بسبب قلة الموارد، أو عقيدة أو دين أو أحزاب قوية تجسد الاستقطاب السياسي. الحقيقة أن هناك حالة من الشرذمة تسود المشهد السياسي الليبي، حيث تتحكم به مجموعة من اللاعبين المحليين القبليين والجهويين والإقطاعيين (سياسيا) والميليشياوين وأصحاب النفوذ المالي. لذا يصعب تحديد القضية او المشروع السياسي الذي يتقاتل من أجله الليبيون. ففي الحد الأدنى، إن النزاع في ليبيا ليس واحدا بل هو طبقات متعددة من نزاعات محلية ومناطقية ووطنية بعضها له أبعاد أثنية ولغوية وثقافية وغيرها. باستثناء النزاع السياسي الظاهر للعيان بين معسكري الشرق والغرب، لم تحظ النزاعات الأخرى بعد بالاهتمام المطلوب لذا تبقى جمرا تحت رماد وسيفا مسلطا على أي تسوية سياسية مستقبلية.

في ظل هذا الواقع، إن مجرد حصول انتخابات في ليبيا مكسب بحد ذاته، أقله كوسيلة لاستكمال بلورة صيغة سياسية وعقد اجتماعي جديدين يجمعان أبناء وبنات ليبيا ويوفران الإطار العام لدولة ليبية ذات مشروعية.  

رغم أهمية إجرائها في أقرب وقت ممكن، تتجسد أخطار ما بعد العملية الانتخابية- في حال رفض فريق من الأفرقاء النتائج – بأن يتم استخدام العنف للتعامل مع تلك النتائج. فسيناريو الاقتتال عقب انتخابات عام 2014 لا يزال جاثما أمام الليبيين وكثيرون يخشون تكراره، ولو بشكل مختلف. 

وفي هذا السياق لا تزال مكونات أساسية من الشعب الليبي (كالأمازيغ والطوارق والتبويين وغيرهم) التي عانت تحت النظام السابق تشعر بالإقصاء السياسي والتهديد الوجودي فتعبر عن هواجسها تارة باللجوء إلى أعمال عنف وطورا بالتهديد بمقاطعة العملية الانتخابية أو حتى السياسية. لذا، يجب أولا أن تكون الانتخابات المقبلة شاملة إلى أقصى الحدود، وألا تعمق الشرخ بين المكونات الشعب الليبي بكل أطيافه السياسية والعرقية واللغوية وغيرها. ويمكن تحقيق هكذا شمولية من خلال الإطار القانوني للانتخابات بشكل يضمن أكبر مشاركة وأفضل تمثيل ممكن لجميع مكونات المجتمع الليبي بما فيهم تلك التي تشعر بالتهميش.

من جهة أخرى، اكتسبت مسألة حسنات وسيئات إجراء الانتخابات قبل حل موضوع المجموعات المسلحة أو بعده أهمية كبرى. لو أخذنا المعايير الموضوعية التقليدية، لكان الجواب على هذه المسألة سهلا إذ أنه لا يمكن التغاضي عن تأثير آلاف من المسلحين المنتشرين يمينا ويسارا على مجريات العملية الانتخابية، تماما كما رأينا في الأسابيع الماضية من نشاطات مريبة لبعض المجموعات المسلحة.

لكن، في الوقت الذي يستحيل فيه توقع نزع السلاح غير الشرعي وانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون أشهر قليلة، ينبغي على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية- من خلال التواصل والضغط إذا لزم الأمر على حلفائهم الليبيين- تحريم استعمال السلاح وتحت أي عذر قبل وخلال وبعد التصويت.  لو لم يجد الليبي أن الجهد الدولي في هذا المجال جدي ورصين، لفقد الأمل تماما بأي حل سياسي حالي أو مستقبلي. 

إن التصور العام حاليا هو أن أي مجموعة سياسية أو عسكرية يمكنها تعطيل العملية السياسية واستعمال الشارع والسلاح لفرض إرادتها. وأغلب هذه المجموعات معروفة. فالمجتمع الدولي مطالب بأخذ إجراءات عقابية صارمة ضد كل من ساهم باضطرابات الأسابيع الماضية ضمانا لأجراء الانتخابات في مواعيدها. الإخفاق في مساءلة ومعاقبة المعطلين سيفتح باب الابتزاز السياسي مستقبلا ويفقد الأمل بنجاح أي تسوية سياسية مستقبلية. 

يتساءل البعض– حتى درجة التشكيك- عن حوافز الولايات المتحدة للاستثمار السياسي في حل النزاع الليبي، في ظل استراتيجية أميركية معدلة محورها التركيز على آسيا والتقليل من المجهود السياسي والعسكري المخصص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بينما يعتبر أصحاب هذا الرأي أن ليبيا هي "مشكلة أوروبا" بالدرجة الأولى، يخفى عليهم – أو يتناسون- أن موقع ليبيا على المتوسط – مع شاطئ يتجاوز طوله 1700 كم- يمكن أن يتم استخدامه من قبل القوى نفسها التي تعتبرها الولايات المتحدة خطرا عالميا عليها كروسيا والصين. 

يشكل تفاقم نفوذ روسيا في جنوب المتوسط (مصر، الجزائر والآن ليبيا) والذي يصور كمحاولة لتطويق أوروبا من الجنوب مصدر قلق متزايد للديبلوماسيين الأوروبيين. بغض النظر عن الإحباط من الانقسام الأوروبي حول ملفات إقليمية عديدة أهمها الملف الليبي، يبقى أن أضعاف أوروبا والقبول بنفوذ روسي جنوب المتوسط يؤثر سلبا على مقومات نجاح عملية احتواء التمدد الروسي والصيني على حد سواء وعلى قدرة الولايات المتحدة في الحد من هذا التمدد من دون حلفاء أقوياء. من جهة أخرى، يظهر سلوك روسيا بشكل عام أن عين بوتين – وخلفه منظومة التصنيع العسكري- على جيوش المنطقة إذ تستمر محاولة إبعادها عن الغرب وخلق أطر تعاون وتسليح مع روسيا. لذا افساح المجال أمام الدب الروسي في حوض المتوسط له انعكاسات تتعدى أوروبا ومصالحها لتطال عنصرا أساسيا من استراتيجية الولايات المتحدة والمتمثلة بعلاقة وثيقة وشبه حصرية مع أغلب جيوش المنطقة. أخيرا وليس أخرا، رغم التقدم الكبير الذي أنجزته الولايات المتحدة في حماية الداخل الأميركي من عمليات إرهابية كبيرة، منظمة ومصدرة من الشرق الأوسط أو من أوروبا، لا تزال المنظومة الأمنية الأميركية تتوجس من قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود والقيام بعمليات يمكن أن تستهدف المصالح ألأميركية. لذا يهتم البنتاغون ووكالة المخابرات وغيرها من الجهات بليبيا كأحد بلدان العبور أو حتى التجمع لتلك المجموعات. 

رغم أن جل ما يكتب عن ليبيا منذ أشهر هو عن الانتخابات والتحضير لها والمرشحين وغيرها من الأمور التي قد تبدو بديهية في أي بلد أخر لكنها قد تكون مصيرية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يبدو واضحا أن حدا أدنى من الاستقرار في ليبيا فيه مصلحة لأكثر اللاعبين الإقليميين والدوليين ليبقى التساؤل الرئيسي عن قدرة القوى الليبية الأساسية ملاقاة هذا الواقع الإقليمي والدولي والتقدم بالعملية السياسية من أجل استقرار وازدهار ليبيا ورفاهية من يدعون تمثيلهم.

-------------------------------

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

تصاعد السخط الاجتماعي في المغرب من ارتفاع الأسعار ولهيب نار الغلاء
تصاعد السخط الاجتماعي في المغرب من ارتفاع الأسعار ولهيب نار الغلاء

عبد الرحيم التوراني

تسود منذ فترة ليست باليسيرة حالة من الاستياء العام ومن تصاعد السخط الاجتماعي في المغرب، تطفو نبرته الحادة على ألسنة الناس في أحاديثهم اليومية، وتعبيرهم عن شكواهم الصريحة من ارتفاع الأسعار ولهيب نار الغلاء.

في هذا الصدد عرف الأسبوع الأخير الدعوة لمظاهرات احتجاجية، تم تفريقها في عدد من مدن وجهات المغرب. مظاهرات ومسيرات احتجاجية دعت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمختلف الأقاليم، مسنودة بالأساس من تحالف الجبهة الاجتماعية المغربية، وضمنه أحزاب فيدرالية اليسار المغربي، والحزب الاشتراكي الموحد، وحزب النهج الديمقراطي العمالي، إضافة إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهيئات حقوقية ومدنية أخرى.

في بيان خاص نبهت المركزية النقابية إلى "الارتفاع المهول للأسعار بشكل غير مسبوق، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، واتساع دائرة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية في ظل توالي الأزمات وإصرار الحكومة على نفس الاختيارات السائدة منذ عقود".

وبالرغم من كونها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها المغاربة إلى الاحتجاج بالنزول إلى الشارع، فإن الأمر أصبح يدفع باستمرار إلى طرح سؤال حارق قد يبدو للبعض أن به مبالغة: - هل يسير المغرب في اتجاه انفجار اجتماعي؟

إلا أن السلطات الأمنية عمدت إلى منع هذه المسيرات الشعبية، بدعوى "الحفاظ على الأمن العام". ما أفضى بتحول الاحتجاجات ضد الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية، إلى التنديد بالقمع وخنق حرية التعبير، والممارسات التي تتنافى وتتعارض مع نص الدستور.

صادف هذا الحدث إحياء الذكرى 12 لـ لانتفاضة "حركة 20 فبراير" المنبثقة عن ثورات الربيع العربي، وقد تمت استعادة شعاراتها المركزية المتمثلة بالأخص في المطالبة بـ"إسقاط الفساد"، ورفض "زواج المال والسلطة"، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي المقدمة سجناء حرية التعبير من صحفيين ومدونين ومدافعين عن حقوق الإنسان.

لا شك أن وسائل الإعلام الرقمي الجديد، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي، سهلت إتاحة المعلومات المتعلقة بأغنى الأشخاص الذين يهيمنون على ثروات المغرب، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين، من بينهم رئيس الحكومة الحالية عزيز أخنوش، صاحب محطات "إفريقيا" للمحروقات وأكبر فلاحي المغرب، وزوجته سلوى أخنوش، وذلك فق ما ينشر سنويا في تصنيفات مجلة "فوربيس" الأمريكية المهتمة برصد وإحصاء أرصدة أغنياء العالم.  وبينما ينعم هؤلاء الأغنياء في الرفاه وترف النِّعَم، يعيش ملايين المغاربة في فقر "كاريانات" مدن الصفيح، دون الحد الأدنى من المقومات الأساسية للعيش الكريم. وفي الوقت الذي تتسع فيه فجوة الفوارق الاجتماعية، ويتضاعف فيه معدل الفقر بنسب عالية، تجد حكومة عزيز أخنوش نفسها أمام تحديات كبيرة لاختبار استراتيجياتها وسياساتها التي أعدتها بهدف تجاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

فعلى ضوء ما وعدت به الحكومة الحالية وما قدمته في برنامجها وبيانها الحكومي، فإن حوالي عام ونصف على تنصيب عزيز أخنوش على رأسها (7 أكتوبر 2021)، هو زمن كافٍ لإجراء تقييم لإنجازاتها. إلا أن المؤشرات هنا توضح مدى ضعف الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الحكومة، في خضم ما يعانيه العالم اليوم من تضخم قوي ناتج عن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، وعن ذيول ومخلفات الأزمة الاقتصادية المترتبة عن وباء كورونا في 2020.

بيان الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حمَّل حكومة أخنوش "كامل المسؤولية عما قد يترتب عن الوضع الاجتماعي المأزوم من ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي"، أمام تجاهل آثار هذه الأزمة الاجتماعية الخانقة. وأكد على ضرورة اتخاذ مبادرات وإجراءات جريئة وهيكلية لإيقاف ضرب وتدمير القدرة الشرائية لأغلبية المواطنات والمواطنين، و"محاربة كل أشكال الفساد والريع والمضاربات بدل مواصلة الانحياز للرأسمال الريعي والاحتكاري، وخنق الحريات". كما طالب بتنفيذ كافة الالتزامات الاجتماعية، وعدم المساس بمكتسبات التقاعد.

لكن الحكومة تبدو وكأنها غير آبهة بما يجري ويحدث أمام أنظارها من تفاعل وصراعات، وقد تآلفت أسماعها مع مثل هذه اللغة الاحتجاجية الموغلة في السلبية  والتشاؤم.

إلا أن نقابي من قطاع التعليم من مدينة طنجة، أبى إلا أن يذكرنا بالتاريخ القريب جدا، ففي الصيف الماضي فقط (يوليوز 2022) انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو ظهر في رئيس الحكومة عزيز أخنوش مصحوبا بوزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، وهم في مهرجان موسيقي. فجأة تعالت أصوات تردد: (أخنوش.. ارحل.. ارحل). إثرها شوهد رئيس الحكومة وهو يغادر المكان مسرعا ويركب سيارة.

ليلتها كانت ساكنة مناطق الشمال في المغرب تعاني من ويلات حرائق مهولة، ضمن سلسلة حرائق شملت الجنوب الأوروبي، فرنسا واليونان واسبانيا والبرتغال. وفي الوقت الذي هرع فيه رؤساء ومسؤولو حكومات تلك الدول باتجاه مناطق الكوارث ببلدانهم  للتضامن مع ضحايا الفجيعة الإنسانية، أدار رئيس الحكومة المغربية ظهره للآلاف من المغاربة الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مشردين وسط الغابات المحترقة، وقد دمرت قراهم وحقولهم، إذ فضل رئيس الحكومة المغربية النزول جنوبا لافتتاح مهرجان موسيقي راقص، في المدينة التي يشغل فيها مهمة عمدة، ولم يدر بخلده أنه سيواجه بمثل تلك المعاملة من جمهور مشتعل بالغضب، لم يتردد في تأسيس زلزال تحت المنصة التي وقف عليها المسؤول الحكومي الأول.

وللإشارة فقد اشتهرت هذه المدينة الجنوبية الساحلية بالزلزال الذي ضربها بتاريخ 29 فبراير 1960 وخلف أزيد من 15 ألف قتيلا، ومن تاريخها كلما وقعت هزة أرضية عنيفة على سطح الأرض، مثلما وقع أخيرا في تركيا وسوريا، تذكر العالم مدينة أغادير وزلزالها العنيف.

لم يعد أخنوش يأبه بشعارات المطالبة برحيله، منذ تصدر وسم "أخنوش ارحل" مواقع الفيسبوك والتويتر في المغرب، على خلفية ارتفاع أسعار الوقود. حيث يعد الرجل المحتكر رقم واحد للمحروقات في البلاد. ويتهمه الرأي العام في المغرب بكونه وراء ارتفاع أسعار المحروقات رغم هبوطها في الأسواق العالمية، باعتباره رئيسا للوزراء ثم بصفته صاحب أكبر شركة لبيع وتوزيع الوقود في المغرب (افريقيا غاز)، وطبعا هو دائما أكبر المستفيدين من ارتفاع الأسعار.

لقد تحول الشعار الذي خاض به حزب أخنوش الانتخابات الأخيرة إلى مسخرة لدى الناس، يهزؤون به كما يثير حفيظتهم، والشعار الموجه للناخبين والمواطنين عموما أثناء الحملة الانتخابية البلدية والبرلمانية صيف 2021، هو "تتساهل أحسن"، وترجمته الفصيحة: "أنت تستحق الأفضل". وكان رئيس حزب الأحرار عند كشفه للمرة الأولى لـ"شعار المرحلة" كما أسماه، قال في تجمع انتخابي بالدار البيضاء: (إن المغاربة "يستاهلو" حكومة قادرة أن تكون في المستوى الّلي بغا صاحب الجلالة).

ولما حصل حزب عزيز أخنوش (التجمع الوطني للأحرار) على المرتبة الأولى في انتخابات 8 سبتمبر 2021، وتم تعيينه رئيسًا للوزراء من قبل الملك محمد السادس، أكد أخنوش أنه سيلتزم بالرعاية الاجتماعية ودعم الأسر الأكثر ضعفا وتعزيز الصحة العامة والتعليم، والنهوض بالاقتصاد الوطني المتضرر من الوباء. ثم  أعلن مباشرة عن خطة طارئة لدعم السياحة، باعتبارها القطاع الرئيسي في الاقتصاد المغربي. ووافقت حكومته على برنامج حمل اسم "أوراش"، يهدف إلى خلق 250 ألف فرصة عمل بين عامي 2022 و2023. كما تكلم عن تقنين الإنفاق العام وتعزيز مشاريع البحث العلمي. والاتجاه نحو تقليص الفوارق الاجتماعية بين المغاربة.

وما يراه المواطنون اليوم هو تراجع واضح عن الوعود التي تضمن تحقيق "المغرب الديمقراطي الجديد"، كما جاء على لسان أخنوش دائما.

من بين تلك الوعود التي تعهدت بها الحكومة وظلت مجرد وعود: - "إخراج مليون أسرة من الفقر وانعدام الأمن"، ومكافحة البطالة عن طريق "خلق مليون فرصة عمل"، وتوفير ضمانات الرعاية الاجتماعية، ومنها "دخل الكرامة" الذي يصل إلى 400 درهم (حوالي 34 دولار أمريكي)، لمساعدة كبار السن، و300 درهم (حوالي 25 دولار أمريكي) لدعم الأسر الفقيرة ومساعدتها على تعليم أطفالها، والتزام مدى الحياة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. ناهيك عما قيل عن إحداث ثورة في قطاع التعليم، "ثورة تجعل المغرب ضمن أفضل 60 دولة في العالم من حيث جودة التعليم".

ولم يرِد أي كلام هام في بيان حكومة أخنوش يخص محاربة الفساد، غير أن آخر ما حصل في هذا المجال هو  فضيحة "بيع تذاكر المونديال"، وقد تورط فيها رجال أعمال ونواب برلمانيين من الأحزاب المتحالفة ضمن الحكومة الحالية، وحتى اليوم لا زال الرأي العام في انتظار نتيجة التحقيقات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء في هذا الشأن. وقد سبقت هذه الفضيحة قضية امتحانات ولوج سلك المحاماة.

وآخر وليس الأخير بهذا الصدد، فضيحة استيراد الأبقار من البرازيل، وما رافقها من شبهات تسريب قبلي لعزم الحكومة إلغاء الرسوم على استيراد الأبقار المعدة للذبح، وكانت المفاجأة أن مستوردين "محظوظين" بعلاقاتهم مع جهاتٍ حكومية، استطاعوا أن يستوردوا من هذا البلد اللاتيني  قطعانا من العجول والأبقار المعفية من رسوم الاستيراد، بعد فترة زمنية قصيرة تناهز أسبوعين فقط، مباشرةً بعد تاريخ اتخاذ قرارالإعفاء في المجلس الحكومي. ما يعزز بقوة الشكوك والشبهاتحول وقوع عملية تسريب المعلومة المذكورة قبل اتخاذ القرار رسميا من طرف الحكومة"، وقد طرحت المسألة في مجلس النواب.

هكذا، مهما بلغت حاجة الناس لمشاعر النصر والابتهاج، لم تستطع كرة القدم والإنجاز الكبير للمنتخب المغربي في مونديال قطر، تبديد الاضطرابات الاجتماعية، والخوف كل الخوف من أي استقرار أو سلام اجتماعي هش، ومن ضعف المعارضة، فلا شيء مضمون لاستبعاد تطور مسار الأحداث وانجرافها نحو انفجار كبير!

================================================================

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).