تقارير

مشروع قانون الإعلام الجديد يثير نقاشا بالجزائر.. تنظيم أم تضييق؟

29 مارس 2023

صادق المجلس الشعبي الوطني في الجزائر، الثلاثاء، على مشروع القانون العضوي للإعلام وذلك بعدما أدرجت لجنة الثقافة والاتصال بالمجلس 16 مقترح تعديل على المشروع من أصل 54 مقترحا، بحسب ما أوردت قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية.

ومنذ الكشف عن مضامينه في أواخر العام الماضي أثار مشروع القانون المذكور نقاشا وجدلا واسعين بسبب عدد المقتضيات التي دافع عنها البعض معتبرين أنها تهدف إلى "تنظيم" القطاع في حين انتقدها آخرون واعتبروا أنها تستهدف "التضييق" على حرية الإعلام. 

ومن بين المقتضيات المثيرة للجدل والتي تم الإبقاء عليها في النسخة المصادق عليها اشتراط الحصول على تصريح من وزارة الاتصال لممارسة الصحافة في الوقت الذي اقترح تعديل إسناد تلك الصلاحية لسلطة الضبط، ومنع مزدوجي الجنسية من الاستثمار في قطاع الإعلام. 

وبعد مصادقة المجلس الشعبي عليه أعلنت الكتلة البرلمانية لـ"حركة مجتمع السلم" (إسلامي معارض) أنها صوتت بـ"لا" على مشروع القانون، وأرجعت ذلك إلى "عدم توسيع الاستشارة، وتكريس الأحادية، ورفض معظم الاقتراحات" إضافة إلى "التضييق على الممارسة الإعلامية" من خلال ما وصفتها بـ"إجراءات بيروقراطية معقدة".

أما وزير الاتصال، محمد بوسليماني، فقال، عقب جلسة التصويت، إن القانون جاء ليساهم "في بناء منظومة قانونية قوية تعزز حرية التعبير وتضمن حق المواطن في الحصول على المعلومة الموثوقة"، مضيفا أن الأحكام التي تضمنها "حرصت على ضمان الممارسة الإعلامية الحرة والمسؤولة في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية وتعزيز الاحترافية في مجال الإعلام".

معراف: لا يرقى لجعل الصحافة سلطة رابعة

ينتقد المحلل السياسي إسماعيل معراف عددا من مقتضيات مشروع القانون الجديد للإعلام، مشيرا كمثال إلى "منع الرأسمال الأجنبي من الاستثمار في القطاع بما في ذلك مزدوجي الجنسية". 

ويرى معراف في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن ذلك المقتضى "يترجم غياب إرادة حقيقية للحكومة في فتح قطاع الإعلام بالجزائر أمام الاستثمار الخاص، وعدم السماح لوسائل الإعلام بتحرير المهنة من أي عوائق".

وبحسب معراف فإنه "بالرغم من أن القانون يركز على حرية التعبير وحماية مصادر الخبر إلا أنه يفتقد إلى الضمانات السياسية للحريات الإعلامية"، معتبرا أن "القانون لغاية الآن لا يرقى لأن يجعل من الصحافة سلطة رابعة". 

ويخلص المتحدث ذاته إلى اعتبار أن القانون الجديد "لا يلبي حاجة الإعلام الحالي في الجزائر" مرجعا ذلك إلى كونه "يترجم توجها يكرس غياب حرية الإعلام الحقيقية" وفق تعبيره.

بنحمو: يمكن استدراك النواقص والثغرات لاحقا

وخلافا لذلك يصف الإعلامي فاتح بن حمو، مشروع القانون الجديد بـ"الخطوة الجيدة"، مضيفا أنه سيكون "المرجعية القانونية التي تنظم الإعلام في الجزائر ويحتكم إليه الجميع حكومة وصحفيين ووسائل إعلام".

ويعرب بن حمو في تصريح لـ"أصوات مغاربية" عن أمله في أن "تمتثل الحكومة ومنتسبي الإعلام للقانون الجديد"، داعيا إلى أن "يخضع الجميع لتطبيقه من أجل تأطير قطاع الإعلام وتنظيمه بالشكل الحسن".

ويشدد الإعلامي الجزائري على ضرورة "عدم العودة إلى آليات التسيير النمطي لوسائل الإعلام التي كانت سائدة خلال المرحلة السابقة"، داعيا إلى "محاسبة الصحفي أو وسائل الإعلام من خلال القوانين المنظمة للصحافة والإعلام بصفة عامة وليس استنادا إلى قانون العقوبات".

وتعليقا على الجدل الذي تثيره مقتضياته يقول المتحدث إنه "مهما كان حجم الخلاف حول القانون الجديد فإنه يمكن استدراك النواقص والثغرات لاحقا"، مشيرا إلى أن مهنيي القطاع "مازالوا في انتظار حزمة قوانين جديدة لضبط نشاط الصحافة الإلكترونية والمطبوعة وقانون الإشهار".

يذكر أنه بعد المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني سيعرض مشروع القانون الجديد على مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) للنقاش والمصادقة، وذلك قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية موقعا من طرف الرئيس الجزائري.

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية