أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية، اعتماد "نظام حصص ظرفي" للتزود بمياه الشرب، و"تحجير وقتي" لبعض استعمالات المياه ابتداء من اليوم الجمعة وإلى غاية متم شهر سبتمبر القادم وذلك بهدف مواجهة تداعيات موجة الجفاف.
وأفاد بيان للوزارة، نشرته الجمعة، بأن القرار يأتي بسبب "تواتر سنوات الجفاف وضعف الإيرادات بالسدود مما انعكس سلبا على مخزونها المائي الذي بلغ مستوى غير مسبوق وكذلك التأثيرات السلبية على تغذية الموائد المائية الجوفية وتدني مستوى منسوبها".
ويشمل القرار، بحسب المصدر، منع استعمال مياه الشرب الموزعة عبر شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه للأغراض الفلاحية، ري المساحات الخضراء، تنظيف الشوارع والأماكن العامة، وغسل السيارات.
كما أوضح المصدر، أن اعتماد نظام الحصص الظرفي للتزود بالمياه الصالحة للشرب الموزعة عبر شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لكافة المستعملين سيُشرع في تطبيقه ابتداء من تاريخ نشر القرار إلى غاية متم شهر سبتمبر القادم.
وحذرت الوزارة المخالفين لهذه القرارات بأنهم سيكونون معرضين للعقوبات المنصوص عليها بمجلة المياه.
وبدأت السلطات في تونس منذ أكثر من أسبوع في قطع مياه الشرب ليلا، على عدة أحياء سكنية بالعاصمة وبمناطق أخرى في البلاد، في ظل دعوات لترشيد استهلاك الماء وإعلان "حالة الطوارئ المائية".
"صيف عطش"
وفي تعليقه على القرار الأخير، اعتبر الخبير في المياه حسين الرحيلي بأن "هذه الإجراءات جاءت متأخرة في ظل التراجع الكبير لمخزون المياه في السدود".
وحذر الرحيلي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" مما وصفه بـ"صيف عطش" قد يحل بتونس بسبب "حساسية" الوضع المائي في البلاد التي تعيش "وضعا استثنائيا" نتيجة توالي سنوات الجفاف و"تأخر" اتخاذ الإجراءات التي من شأنها ترشيد استهلاك المياه وتنويع مصادره والبحث عن حلول بديلة خاصة لدى الزراعات الكبيرة المستهلكة للماء.
وقال المتحدث إن "إجراءات وزارة الفلاحة دليل فعلي على أن التونسيين مقبلين على صيف صعب حيث يبلغ فيه الطلب على المياه ذروته إذ يتزود أكثر ٦.٥ مليون تونسي بمياه الشرب من السدود"، مضيفا أن "هذا الصيف قد يكون التزود فيه بالماء الصالح للشرب بشكل مقسط كل ساعتين تقريبا مثلما تشهد عدة مناطق ومدن في الشمال والوسط والجنوب خلال هذا الشهر من انقطاع متكرر في التزود بالماء".
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث ذاته، بأن اعتماد نظام حصص ظرفي للتزويد بالمياه الصالحة للشرب "سيؤثر على الحياة اليومية للناس الذين عاشوا طيلة السنوات الماضية مرحلة الرفاه المائي" إذ "سيجدون أنفسهم اليوم أمام انقطاعات في التزود بهذه المادة الحياتية".
ودعا الخبير التونسي سلطات بلاده إلى اعتماد "سياسة اتصالية لمصارحة الناس بحقيقة الوضع المائي" وتوعيتهم بأهمية ترشيد استهلاكه مستقبلا قائلا "أمام تكرر الانقطاع في الماء وفي ظل انعدام المعلومة من الطبيعي أن يشعر الناس بالقلق والتذمر لذلك ينبغي على الدولة اعتماد سياسة اتصالية واضحة".
وكان مجموعة من الخبراء والمهندسين قد دعوا في أكتوبر الفائت السلطات إلى إعلان حالة "الطوارئ المائية".
و أحصى المرصد التونسي للمياه خلال العام الماضي أكثر من 2200 تبليغ عن وجود مشاكل في التزود بالمياه وهو ضعف الأرقام المسجلة في العام الذي سبقه.
وتخشى جمعيات ناشطة في مجال الدفاع عن الحق في الحصول على المياه من حدوث "أزمات عطش" في الأشهر المقبلة خصوصا مع تراجع مخزونات السدود الرئيسية في البلاد.
ولمواجهة هذا الوضع، بدأت تونس عدة مشاريع لتعبئة المياه من بينها إنشاء سدود جديدة كسد "سيدي ملاق" بمحافظة الكاف وإنشاء محطات تحلية مياه البحر على غرار محطة "الزارات" بمحافظة قابس التي تقدمت الأشغال فيها بنسبة 80 بالمئة.
وتخطط السلطات لوضع استراتيجية في قطاع المياه في أفق 2050 عبر مقاربة ترتكز على الاقتصاد في الموارد المائية وتثمين الموارد المائية غير التقليدية، في محاولة للحد من نقص المياه الصالحة للشرب وتداعياته التي تهدد عدة مناطق.
- المصدر : أصوات مغاربية