تشهد العلاقات الفرنسية الموريتانية تقاربا ملحوظا في الفترة الأخيرة، وذلك في ظل صعوبات تعتري علاقة باريس ببعض العواصم المغاربية، إلى جانب المشاكل التي تواجهها فرنسا في منطقة الساحل الأفريقية.
وفي خضم ذلك التقارب، تعهد المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية ريمي ريو، أمس الخميس بأن فرنسا ستعيد تمويلاتها في موريتانيا التي كانت قد أوقفت سنة 2015، "مما سيمكن من مضاعفة تدخلاتها".
من جهة أخرى، وقع وزير الاقتصاد الموريتاني، أوسمان مامودو كان، أمس الخميس مع ريمي ريو، والسفير الفرنسي في نواكشوط ألكساندر غارسيا اتفاقية تمويل مشروع دعم تنفيذ السور الأخضر الكبير في موريتانيا بقيمة تبلغ نحو ٨ ملايين يورو.
وأكد ريو بعد لقاء بالرئيس الموريتاني محند ولد الشيخ الغزواني في نواكشوط، أن بلاده مهتمة بإعادة تعاونها مع موريتانيا لسابق عهده، ومن ذلك "مشاريع بقيمة 200 مليون يورو، قيد التنفيذ حاليا في عدة مجالات من بينها المياه والتهذيب والمقاولات والطاقة والصحة".
وأضاف المسؤول الفرنسي أنه عبر للرئيس ولد الغزواني عن "كامل الدعم لموريتانيا ولحكومتها"، كما جدد له "التزام فرنسا تجاه الساحل"، مشيرا إلى أن النقاش تطرق بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، للوضعية في المنطقة.
وضعية صعبة
واعتبر المحلل السياسي الموريتاني، محمد عبد الله، أن التسارع في "نمو العلاقات وتطورها بين باريس ونواكشوط يأتي في ظل وضعية صعبة تعانيها الدبلوماسية الفرنسية في شبه المنطقة".
وأضاف عبد الله، في حديث لـ " أصوات مغاربية" أنه منذ مدة، "تعاني العلاقات الفرنسية مع دول في المغرب العربي من بينها الجزائر والمغرب من فتور وحالات شد وجذب وصلت أحيانا لاستدعاء السفراء".
وفي فبراير الماضي، قوضت قضيتان حساستان الدبلوماسية الفرنسية بالمنطقة المغاربية، إذ استدعي السفير الجزائري في فرنسا للتشاور بعد سفر الناشطة الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي المدانة في الجزائر والممنوعة من مغادرة الإقليم، إلى فرنسا.
من جهته، أعلن المغرب انتهاء مهمة سفيره في فرنسا دون تسمية خليفة له، وتعتبر هذه التقلبات الدبلوماسية بالنسبة لعبد الله "فشلا في توازن علاقات باريس مع الجزائر والرباط"، وتشير إلى "فقدان التأثير الاقتصادي لفرنسا في المنطقة".
"قاعدة انطلاق"
من جانبه، يرى الخبير في العلاقات الدولية، البناني اخليفة، أن "فرنسا في ظل وضعها الجديد، تحاول تأسيس قاعدة انطلاق جديدة لإعادة بناء وجودها في المنطقة الأفريقية واسترجاع الألق في علاقاتها المغاربية".
وأضاف، اخليفة، في اتصال مع "أصوات مغاربية" أن فرنسا ما زالت "تعاني من آثار انسحابها غير المدروس من مالي الذي استمرت تداعياته في بلدان أفريقية أخرى أضرت بالنفوذ الباريسي في المنطقة".
وأشار إلى أنه لهذه الاعتبارات، "تعتبر موريتانيا مهمة نظرا لكونها جسرا ثقافيا وسياسيا بين منطقة الساحل والبلدان المغاربية"، كما أن "فرنسا تسعى من جديد أن تخطب ود أصدقائها السابقين عبر ضخ تمويلات ومشاريع بموريتانيا".
واعتبر المتحدث نفسه، أن زيارة قائد الأركان الفرنسي الجنرال تييري بورخارد لموريتانيا مطلع مارس الجاري، في ظل استمرار البحث عن المتشددين الفارين من السجن، كان رسالة على أن "باريس مازالت تهتم بأصدقائها في أزماتهم".
وختم اخليفة، حديثه بالإشارة إلى أن "موريتانيا قد تستفيد اقتصاديا بشكل جزئي من هذا الوضع"، لكنه بالنسبة لفرنسا "يتطلب الوضع إرادة أكبر وفترة زمنية أطول لإعادة وضعها في المنطقة لسابق عهده".
المصدر: أصوات مغاربية