جانب من مقر صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن(أرشيف)
جانب من مقر صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن(أرشيف)

أعلن صندوق النقد الدولي، الإثنين، موافقته على اتفاق يستفيد بموجبه المغرب من خط ائتمان مرن بقيمة 5 مليارات دولار على مدى عامين، موضحا أن الاتفاق "سيعزز الاحتياطيات الوقائية الخارجية للمغرب ويزود البلاد بمزيد من الضمانات في مواجهة المخاطر بعيدة الاحتمال".

وأفادت المؤسسة المالية الدولية في بيان صحفي، بأن السلطات المغربية تعتزم التعامل مع خط الائتمان المرن كإجراء احترازي، مشيرة إلى أن المغرب استفاد من أربع اتفاقيات مماثلة منذ عام 2012 تبلغ قيمة كل منها نحو 3 مليارات دولار.

وكان المغرب قد طلب الحصول على خط ائتمان مرن بقيمة 5 مليارات دولار، بعد خروجه من مسلسل المتابعة المعززة أو ما يعرف بـ"اللائحة الرمادية" المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث كان ذلك أحد الشروط لتوقيع الاتفاق.

وقالت نائبة المدير العام ورئيسة المجلس التنفيذي للصندوق بالنيابة، أنطوانيت ساييه، إن "السياسات الاقتصادية الكلية والأطر المؤسسية القوية للغاية في المغرب سمحت لاقتصاده بالحفاظ على صلابته في مواجهة الصدمات السلبية المتعددة التي وقعت على مدار الثلاث سنوات الماضية".

واستدركت بأنه "رغم هذه الصلابة، لا يزال اقتصاد المغرب معرضا لمخاطر تدهور البيئة الاقتصادية والمالية العالمية، وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، وتكرار موجات الجفاف" بحسب ما جاء في بيان الصندوق.

ويعيش المغرب على وقع تضخم اقتصادي تجاوز 10٪ في نهاية فبراير الماضي، وذلك بسبب ارتفاع ملحوظ في أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية، ما دفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة ليبلغ 3٪.

في المقابل اعتبر المندوب السامي للتخطيط، محمد لحليمي، أن رفع سعر الفائدة "لن يحل مشكلة التضخم" مؤكدا في مقابلة مع موقع "ميديا ٢٤" المحلي، مؤخرا، أن التضخم في المغرب "لم يعد مستوردا بل محلي" و"حقيقة هيكلية".

"الضرورة القصوى"

وتعليقا على الموضوع، يرى الخبير الاقتصادي والمالي المغربي الطيب أعيس، أن الموافقة على خط ائتمان للمغرب "يعني أن اقتصاده قوي بفضل مجموعة من الإصلاحات العشرية التي جعلت المؤشرات الماكرو اقتصادية خضراء بعد أن كانت حمراء قبل 2011".

ونبه أعيس في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى أن "المغرب اليوم يواجه صدمات خارجية بسبب الحرب الأوكرانية وأزمة التوريد وارتفاع المواد الأولية والطاقية وأزمة الجفاف، مما يستدعي بالضرورة تدخلا حكوميا بإصلاحات واسعة للمحافظة على هذه التوازنات".

وأكد المتحدث أنه "يجب على الحكومة المغربية أن تحافظ على قوة الاقتصاد وألا تستعمل الخط الائتماني إلا للضرورة القصوى لكي تتجاوز البلاد أي صدمة أخرى بعد أزمة كورونا"، موضحا أنها "إذا استعملته للاستثمار وخلق فرص الشغل وتقوية الإنتاج سيكون مهما للحفاظ على السيادة المالية، لكن إذا تم توجيهه لما هو استهلاكي ولمواجهة التضخم سيكون سلبيا وسيعمق أكثر مديونية الدولة". 

وشدد أعيس في السياق على ضرورة توجيه الخط الائتماني لتحقيق نسبة نمو مرتفعة، لافتا إلى أن "نسبة النمو اليوم ضعيفة بعد أن كانت في حدود 7.9٪ عام 2021 ووصلت إلى 1.1٪ في العام الماضي بينما يتوقع أن تسجل أقل من 3٪ هذه السنة".

"شروط تيسيرية"

وكان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في المغرب، فوزي لقجع، قد أوضح أن الخط الائتماني الذي طلبه المغرب هو "اتفاق بشروط تيسيرية منخفضة جدا عما يتداول في الأسواق ولا تتعدى 2٪ في مجمل تكلفتها"، مشيرا إلى أن البلدان ذات الاقتصاد الصاعد والتي لديها تدبير مالي أثبت صلابته لمدة سنوات هي التي تستفيد منه.

وأبرز لقجع في ندوة صحفية أعقبت المجلس الحكومي، الشهر الماضي، بأن "طلب خط الائتمان من السوق الخارجية أو الداخلية هو تحكيم تقني لا تستعمل منه الحكومة إلا هامش الدين المرخص لها وفق قانون المالية".

وأضاف أن "خط الائتمان يحتكم إلى مبدأ القانون التنظيمي للمالية الذي يقضي بأن الدين سواء كان داخليا أو خارجيا لن يستثمر أو يستعمل إلا في الاستثمار العمومي الذي يخلق فرص الشغل والثروة والقيمة". 

وأشار المسؤول ذاته، إلى أن" السوق اليوم يشهد ارتفاعا في نسبة الفائدة ويعرف اللايقين ويتغير من يوم لآخر"، مؤكدا في الوقت نفسه بأن "الاستثمار في المغرب لا تكتسيه ولا تطبعه أية مخاطر وأن خط الائتمان الذي طلبته المملكة مهم جدا لتدبير الأمور المستقبلية".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية