عبر الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس، عن رفضه لما وصفها بـ"إملاءات" صندوق النقد الدولي، في وقت تعيش تونس أزمة اقتصادية خانقة وتعول على اتفاق مع تلك المؤسسة المالية بشأن قرض قيمته 1.9 مليار دولار في مقابل تنفيذ إصلاحات توصف محليا بـ"المؤلمة".
وقال الرئيس سعيّد في كلمة على هامش تخليد الذكرى 23 لوفاة الرئيس الحبيب بورقيبة إن "الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدّي لمزيد من التفقير مرفوضة"، مشيرا إلى أن "البديل هو التعويل على أنفسنا".
وذكر سعيّد أن "الدعم غير موجه إلى مستحقيه كما ينبغي ولا بد من إيجاد تصورات جديدة لكن السلم الأهلي ليس باللعبة والأمر الهين".
وأثارت تصريحات الرئيس التونسي مخاوف خبراء من أن تكون لها تداعيات على اقتصاد البلاد، إذ سبق لمحافظ البنك المركزي مروان العباسي أن أكد أن " الوضع سيكون صعبا إذا لم تتوصل تونس إلى اتفاق مع الصندوق".
"إصلاحات ضرورية"
وفي هذا السياق، لم يستبعد الخبير الاقتصادي معز حديدان أن تكون لتلك التصريحات "انعكاسات سلبية على نظرة المقرضين الدوليين للبلاد"، قائلا "يشترط هؤلاء المقرضون أن تتوصل تونس لاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل تمكينها من الحصول على قروض ومساعدات مالية لأن هذه الخطوة ستكون بمثابة ضمان لهم".
وأوضح حديدان في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أنه في حالة عدم تعبئة تونس لموارد مالية ستكون "معرضة لمخاطر اقتصادية واجتماعية كبرى داخليا وخارجيا" لأنها في إذا لم تتمكن من الحصول على تمويلات فإنها "لن تكون قادرة على تسديد الديون الخارجية وتوفير ميزانية الدعم اللازمة للمواد التي تستوردها بالعملة الصعبة كالطاقة والحبوب".
وعلق المتحدث على تصريحات الرئيس التونسي بالقول "لا أعتقد أن التعويل على أنفسنا سيحل مشكلة تونس في الوقت الراهن، من الأفضل أن تذهب تونس لصندوق النقد الدولي وتقوم بالإصلاحات الضرورية ليتعافى الاقتصاد على المدى الطويل وأي خيارات أخرى ستكون مجرد حلول ترقيعية وظرفية".
واستدرك الخبير التونسي "ربما يعول الرئيس على قانون الصلح الجزائي داخليا، ويراهن على وقوف الجزائر وإيطاليا إلى جانب تونس للخروج من أزمتها المالية لكنني أعتقد أن ذلك غير كافٍ على المدى الطويل في اقتصاد بحاجة إلى إصلاحات ضرورية لينتعش ويتعافى مجددا".
"رسائل سلبية"
من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي أن تصريحات الرئيس قيس سعيد "من شأنها أن تقوض المساعي التي تقوم بها كل من فرنسا وإيطاليا لمساعدة تونس للحصول على التمويلات اللازمة وإقناع صندوق النقد الدولي بضرورة الموافقة النهائية على القرض المزمع إسناده لها".
وبحسب الشكندالي فإن تلك التصريحات "يمكن أن تبعث برسائل سلبية للخارج" مشيرا إلى أن "المساعدات الفرنسية مثلا تشترط موافقة صندوق النقد الدولي".
وأكد المتحدث في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" أنه "يشاطر الرئيس تخوفاته بشأن تداعيات رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية على السلم الاجتماعي" ولذلك "كان من الأسلم" حسب رأيه، أن يذهب الرئيس التونسي في اتجاه "محاولة إقناع الصندوق بتأجيل هذه الخطوة بسبب الظرف الصعب الذي تمر به تونس والتداعيات المحتملة على المناخ الاجتماعي في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع نسب التضخم".
ويرى المتحدث ذاته أن "تخوفات الرئيس سعيد لا يمكن تلافيها بمثل هذه التصريحات لأنه إذا رفض الصندوق إسناد القرض لتونس ولم تتمكن من تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة سيؤدي ذلك إلى تآكل مخزون البلاد من العملة الصعبة وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام بقية العملات وارتفاع نسب التضخم مما يهدد السلم الاجتماعي".
- المصدر : أصوات مغاربية