جانب من المظاهرات الأخيرة في المغرب احتجاجا على ارتفاع الأسعار
جانب من مظاهرة سابقة بالمغرب للاحتجاج على ارتفاع الأسعار

شهدت مدن مغربية، ليلة السبت، تنظيم وقفات احتجاجية ضد "الغلاء والقهر الاجتماعي"، وندد المتظاهرون خلالها بارتفاع أسعار المواد الغذائية كالخضر والفواكه واللحوم بالإضافة إلى المحروقات، مطالبين بتدخل عاجل للحكومة.

ودعت مؤخرا "الجبهة الاجتماعية المغربية" إلى هذه الاحتجاجات، وقالت إن "الغلاء غير المسبوق الذي يكتوي بلهيبه جميع المغاربة هو نتيجة السياسات المعادية لمصالح الشعب والوطن التي طالما نبهت لخطورتها سائر القوى التقدمية بالبلاد".

وكان ائتلاف "الجبهة الاجتماعية المغربية" الذي يضم أحزابا يسارية ونقابات وجمعيات حقوقية ومدنية، قد نظم احتجاجات مماثلة الأسبوع الماضي، بسبب ما وصفته بـ"الغلاء الخطير وغير المسبوق للمواد الغذائية والغلاء الفاحش وغير المبرر لأسعار المحروقات".

وتفاعلت مع دعوات الاحتجاج تنظيمات سياسية ونقابية وحقوقية، من بينها الحزب الاشتراكي الموحد وحزب النهج الديمقراطي العمالي وفيدرالية اليسار الديمقراطي والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم والجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقيقة والإنصاف.

وانتقد المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية المغربية، يونس فيراشن، "لا مبالاة الحكومة لما يعانيه المواطنون من غلاء وإجراءاتها التي جعلت 3 ملايين و200 ألف مغربي ينضافون إلى قائمة الفقراء بالمغرب".

وقال فيراشين، في فيديو على الحساب الرسمي للجبهة في فيسبوك، إن "الاحتجاج هو شكل سلمي للتعبير بوعي ومسؤولية على غضب المغاربة من الأوضاع الاجتماعية التي يعيشونها".

ومن جانبه، اعتبر رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، أثناء وقفة احتجاجية بمدينة خنيفرة، السبت، أن الغلاء في المعيشة "شكل من أشكال اضطهاد الشعب"، مؤكدا أن الوقفات الاحتجاجية تندد بالغلاء وبسياسة الحكومة وغياب إجراءات فعلية للحد من الفقر.

ويأتي تصاعد الاحتجاجات مؤخرا ضد الغلاء في خضم ما يعيشه المغرب على وقع ارتفاع شديد في أسعار المواد الغذائية الأساسية متأثرا بموجة تضخم وصل معدلها إلى نحو 10.1٪ وهو الأعلى منذ التسعينات، وفق المندوبية السامية للتخطيط (حكومية).

إجراءات الحكومة 

وكان رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، قد عقد، الجمعة، سلسلة اجتماعات مع وزراء ونقابات في الفلاحة وإنتاج وتصدير الخضر والفواكه لمناقشة سبل إعادة التوازن لسلاسل الإنتاج والتطرق للحلول الكفيلة بخفض أسعار المنتجات الفلاحية ورفع مستوى التزويد المستمر للسوق الوطني. 

وفي بلاغ لرئاسة الحكومة، حث أخنوش المهنيين على السهر على التموين المستمر للسوق الوطنية بالمنتجات الفلاحية والحرص على الحفاظ على توازن سلاسل الإنتاج من أجل  ضمان وفرة المنتجات بأثمان معقولة، والتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار على المواطنين.

وأكد أخنوش أن "الحكومة تسهر بفضل ميكانيزمات التتبع مع المهنيين على خلق توازن بين التصدير وتزويد السوق الوطنية"، معلنا عن عقد اجتماعات قادمة لمتابعة سير التموين المستمر للسوق الوطنية بالمنتجات الفلاحية، والعمل على الرفع من العرض من المنتجات الفلاحية وخفض أسعار المدخلات الفلاحية.

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

أمطار فيضان زاكوة المغرب
مناطق جنوب وجنوب شرق المغرب شهدت عواصف وفيضانات غير مسبوقة خلفت 18 قتيلا على الأقل

تستفيد العديد من الواحات المغربية من الأمطار الغزيرة الاستثنائية التي هطلت نهاية الأسبوع الماضي في الجنوب مع ارتفاع مستوى تعبئة السدود وتغذية المياه الجوفية، لكن الجفاف متواصل في باقي أنحاء البلاد، وفق خبراء.

وشهدت مناطق جنوب وجنوب شرق المغرب عواصف وفيضانات عنيفة غير مسبوقة خلفت 18 قتيلا على الأقل، بحسب أحدث حصيلة نشرت مساء الاثنين.

وهي مناطق صحراوية وشبه قاحلة تأثرت بظاهرة مناخية "استثنائية" مرتبطة بصعود للجبهة المدارية التي تتميز بكتلة هوائية حارة ممطرة للغاية وتلاقيها مع كتل أخرى باردة قادمة من الشمال.

يوضح الخبير في شؤون المناخ والموارد المائية محمد جليل لوكالة فرانس برس أن "هذه الأحداث تذكرنا بمظهر تم تجاهله لتغير المناخ، إذ إنه لا يؤدي فقط إلى قلة الأمطار بل أيضا إلى ارتفاع كبير في معدلات هطول الأمطار".

ويحذّر المهندس الزراعي محمد الطاهر السرايري من أن "هذه الأمطار ستعطي متنفسا للواحات وزراعتها المعيشية، لكنها لم تهطل في أي مكان آخر. لا تزال البلاد تعاني من جفاف هيكلي شديد".

يواجه المغرب أسوأ موجة جفاف خلال قرابة 40 عاما، وهي مستمرة منذ ست سنوات وتهدد القطاع الزراعي الهام (11 إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من ثلث السكان العاملين)، ما يؤدي إلى تفاقم إجهاده المائي.

ووفق خبراء، تحتاج المياه الجوفية إلى هطول أمطار مستدامة حتى تعود إلى مستوياتها الطبيعية بعد فترة جفاف طويلة.

ولكن على المستوى المحلي، مكنت هذه الأمطار النادرة من رفع منسوب بعض السدود، وستساهم على تجديد المياه الجوفية التي قاربت على النضوب وتبشر بمحصول زراعي أفضل.

يقول يوسف بن حمو مدير وكالة الحوض المائي لهذه المنطقة لفرانس برس إن الخزانات الأربعة لحوض درعة واد نون التي تغطي عدة مناطق متضررة من سوء الأحوال الجوية، "شهدت ارتفاعا في مناسيبها، من 23 أغسطس إلى 9 سبتمبر، من 101 مليون متر مكعب إلى 191 مليون مكعب، أي بنسبة امتلاء 19 بالمئة".

في هذه المنطقة، استحوذ سد ورزازات الكبير على بعد 500 كلم جنوب الرباط، وحده على 70% من التساقطات بمعدل 69 مليون متر مكعب، حسب ما أفاد بن حمو، موضحا أن سد فاصك الجديد الذي بدأ تشغيله منذ مارس 2024، حصل على 10 ملايين متر مكعب من المياه في غضون أربع وعشرين ساعة.

"أمل"
يؤكد يوسف بن حمو أن "هذه الأمطار تعتبر نعمة للمنطقة لأن هذه الاحتياطيات ستكون قادرة على ضمان أمن إمدادات مياه الشرب التي تظل أولوية".

كما ستعيد تغذية منسوب المياه الجوفية في المناطق المتضررة من الفيضانات جزئيا على الأقل، الأمر الذي من شأنه أن ينعش النشاط الزراعي المحلي.

بدوره، يؤكد الخبير محمد جليل أن "هذه المناطق تعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية، وستعمل الأمطار الغزيرة على تجديد طبقات المياه الجوفية وتحسينها، ما سيعطي متنفسا للواحات، خاصة بالنسبة للزراعة".

ورغم الظروف المناخية الصعبة، تنتشر الزراعة (أشجار النخيل، البستنة، الحبوب) على نطاق واسع في المنطقة.

يشير جليل إلى أن "التأثير النفسي مهم. فهذه الأمطار الأولى تعطي الأمل، ولكن الموسم قد بدأ للتو، ولن نتمكن من إجراء تقييم إلا بحلول مارس".

من جانبه، أعلن وزير الفلاحة محمد صديقي الثلاثاء، خلال زيارة إلى ورزازات، أنه سيتم تعبئة ميزانية تزيد على 3.7 مليون يورو من أجل "إنعاش الأنشطة الفلاحية وفك العزلة عن الساكنة المتضررة" وإعادة تأهيل البنى التحتية المائية المتضررة بسبب الفيضانات.

وفي المستقبل القريب، لا تتوقع مصالح الأرصاد الجوية المغربية فترات ذروة جديدة من الأمطار الغزيرة في الجنوب. لكن أستاذ علم المناخ محمد سعيد كروك حثّ على "الاستعداد لظواهر جديدة لا يعرف تواترها وعنفها، مع الأخذ في الاعتبار تأثيرات التغير المناخي".

المصدر: فرانس برس