قدم وزير العدل الجزائري، عبد الرشيد طبي، خلال اجتماع لمجلس الحكومة، الأربعاء، عرضا تناول محاور مشروع مراجعة القانون التجاري، كان من بين ما تطرق إليه "رفع التجريم عن فعل التسيير والإدارة".
جاء ذلك بعد يوم من نشر وكالة الأنباء الجزائرية قصاصة تضمنت تطمينات للمسؤولين المتخوفين من التعرض لمتابعات قضائية على خلفية أخطاء تسييرية، إذ أشار المصدر إلى أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اتخذ "جملة من القرارات بغرض "رفع التجريم" عن أخطاء التسيير".
"لكن في المقابل" استدرك المصدر أنه "لن تكون هناك أي ظروف مخففة لأي مسؤول يثبت تورطه في قضايا فساد خلال تأدية مهامه".
"لا تصفية حسابات"
وأشارت قصاصة الوكالة الرسمية إلى قضية وزير المؤسسات المصغرة السابق، نسيم ضيافات، الذي أودع الحبس المؤقت، مؤخرا، بتهم فساد، حيث قالت إنه "أساء استخدام منصبه لينتهي به المطاف اليوم بين أيدي العدالة".
وتحدثت القصاصة عن "أخبار كاذبة" جرى تداولها على الانترنت على خلفية تلك القضية والتي كان من بين أهدافها بحسب المصدر "زعزعة ثقة الإطارات من خلال خلق جو من الخوف والريبة".
وفي الوقت الذي تثير المتابعات القضائية التي تطال مسؤولين سابقين بتهم فساد مخاوف مسؤولين حاليين تضمنت القصاصة رسالة طمأنة موجهة لهؤلاء بالقول "فليطمئن الجميع، ليس ثمة تصفية حسابات ولا مطاردات وهمية، ولا حتى وجود لقائمة إطارات في مناصبهم أو بدونها "تحت الرقابة القضائية"".
وأشار المصدر ذاته إلى أن "من بين عشرات آلاف الإطارات ورؤساء المؤسسات في البلاد، لا يوجد سوى بعض العشرات خلف القضبان بسبب تورطهم في قضايا فساد".
"تبديد المخاوف"
وتعليقا على الموضوع، يرى المحلل السياسي عبد الرحمان بن شريط أن المخاوف المتعلقة بعواقب أخطاء التسيير "تأتي على خلفية ممارسات وقرارات سبق وأن ذهب ضحيتها أطر خلال العشرين سنة الماضية"، معتبرا في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن قصاصة الوكالة الرسمية "جاءت في وقتها لتبديد مخاوف المسيرين وتلطيف الأجواء داخل الإدارة الجزائرية من أعلى المستويات إلى أدناها".
وتابع بن شريط أن القصاصة تأتي في إطار "سياسة تطمين كافة مستخدمي الدولة، والتذكير بالتشريعات التي تحمي المسيرين من التعسف الذي يمكن أن يطالهم" مؤكدا في الوقت نفسه أن "القانون فوق الجميع ولا يمكن التحجج بخصوصية قضية الوزير ضيافات المودع رهن الحبس المؤقت للتهرب من المسؤولية".
ولم يستبعد بن شريط أن تؤثر ما وصفها بـ"الحملات الدعائية التي واكبت قضية الوزير نسيم ضيافات على معنويات المسيرين"، معتبرا أن "التوظيف السلبي هو الذي يؤثر على أدائهم وليس مكافحة الفساد".
وبحسب المتحدث فإن "الحملة الدعائية هي التي عجلت بموضوع التوضيح وتطمين الحكومة للإطارات بالتأكيد على أن الأمر لا يتعلق بانتقام أو تصفية حسابات قد تمتد إليهم، بل هي صرامة في مواجهة قضايا الفساد التي لا غبار عليها".
"أخطاء غير مقصودة"
وعن "حدود المسموح" في إطار أخطاء التسيير المشمولة بـ"رفع التجريم"، وتلك التي قد تترتب عنها متابعات، أبرز بن شريط أن "القانون يحمي المسيرين من أخطاء التسيير التي تُرتكب دون قصد"، موضحا أن الأخطاء المشمولة بالحماية من المتابعة "تتعلق بالقرارات التي لا تحمل شبهات فساد ومحاباة ومخالفة قانون الصفقات العمومية وتجاوز الصلاحيات المخولة للمسؤول باتخاذ قرارات تمس بالمصلحة العليا للبلاد".
ومن جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية علي ربيج، أن "رفع التجريم لا يشمل الأخطاء التي تترتب عنها استفادات غير مشروعة أو محاباة في مجال منح الصفقات مثلا أو القرارات الإدارية".
في الوقت نفسه، أكد ربيج في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "المبدأ المعمول به أن المؤسسات الدستورية تحقق في كل ما به شبهة فساد"، وهو الأمر الذي يصفه بكونه "ظاهرة صحية"، مشيرا في السياق إلى أنه في السابق "كانت تتم إحالة المسؤول على التقاعد في حالة تورطه في قضايا فساد عوضا عن إحالته للعدالة".
ويرى المتحدث أن "الإطار الجزائري المسير في مختلف المؤسسات صار يعي عقب قرار رفع التجريم عن أخطاء التسيير بوجود إرادة سياسية لحمايته من التعسف الإداري والتي تجسدت من خلال حزمة قوانين أسقطت عنه جرم تلك الأخطاء"، مضيفا أن "الحملة تستهدف الفساد وليس المسؤولين وإطارات الدولة".
- المصدر: أصوات مغاربية / وكالة الأنباء الجزائرية