تقارير

خلاف الجزائر مع البكوش.. هل يهدد مستقبل "اتحاد المغرب العربي"؟

04 مايو 2023

عام 1989، تأسس اتحاد "المغرب العربي" بطموح صنع تكتل اقتصادي وسياسي مغاربي قوي، لكن وبعد عقود من التأسيس انتقل الاتحاد من نشاط محدود إلى توقف شبه نهائي، وإلى سبب للخلافات بين دول المنطقة.

وأحيى الخلاف بين الجزائر والأمين العام للاتحاد، الدبلوماسي التونسي، الطيب البكوش، الجدل من جديد حول التكامل الذي لم يحصل بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا بسب الخلافات المتكررة بين الجزائر والمغرب.

ويعد نزاع الصحراء الغربية والخلافات حوله بين المغرب والجزائر أهم عائق لإعادة تفعيل الاتحاد.

غضب جزائري من تعيين دبلوماسية مغربية

والشهر الماضي، عبرت الجزائر عن استنكارها تعيين المغربية، أمينة سلمان، ممثلة دائمة لمنظمة اتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي، معتبرة قرار قبول اعتمادها "غير مسؤول وغير مقبول"، بحسب بيان الخارجية الجزائرية.

وكانت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي أعلنت في بيان عبر موقعها أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "استقبل يوم الخميس 13 أبريل 2023، السيدة أمينة سلمان، التي قدمت له أوراق اعتمادها كممثلة دائمة لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي".

واعتبرت الجزائر أن البكوش يسعى "من خلال هذا الافتراء المتكرر"  إلى "خدمة أجندة البلد الذي يستضيفه" بما أن مقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي يقع في الرباط.

اتحاد بلا روح

يقول الدبلوماسي الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، إن مشروع الاتحاد المغربي الكبير تحول إلى مشروع "ميت"، إذ إن العلاقات بين الدول الخمسة "متوترة" خاصة بين المغرب والجزائر، والحدود مغلقة بين البلدين منذ ما يقارب 30 سنة.

ويشير زيتوت في حديث لموقع "الحرة" إلى أن الجزائر أقدمت مؤخرا على إغلاق الأجواء في وجه الطائرات المغربية "وهو ما ينعكس سلبا على الاتحاد".

وكانت الجزائر أعلنت في 2021 قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "أعمال عدائية" ضدها، وذلك بعد توتر بين البلدين استمر أشهرا.

ويرى زيتوت أن "المشروع بني على أسس غير صحيحة، وبنته أنظمة لا تنبع من الإرادة الشعبية ومختلفة في توجهاتها".

وبعض من ساهم في تأسيس الاتحاد "انتهى نهاية دموية مثل الزعيم الليبي، معمر القذافي، كما أنهت الثورة عهد زين العابدين بن علي في تونس، والانقلاب الشاذلي بن جديد في الجزائر".

ويرجع أستاذ العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق، سبب فشل الاتحاد إلى "تغليب الجزائر لرغبة الزعامة بدل التنمية".

ويشير لزرق في حديث لموقع "الحرة" إلى أن إغلاق الحدود جاء بقرار أحادي من الجزائر التي "لم تدرك عواقب القرار الاقتصادية و الإنسانية" بحسب تعبيره. 

فرص ضائعة

ورغم أن تأسيسه كان لتقوية التبادل التجاري وخلق تكامل اقتصادي بين البلدان الخمسة، إلا أن البنك الدولي يشير  إلى أن التبادل التجاري بين بلدان المنطقة المغاربية يقتصر على عدد قليل من السلع، خاصة الوقود والزيوت المعدنية والزيوت النباتية والآلات والحديد والصلب.

ويقول التقرير إن من شأن زيادة التجارة داخل المنطقة في السلع والخدمات أن تخلق سوقا كبيرة من شأنها أن تجعل المنطقة أكثر جاذبية للمستثمرين.

وبإمكان الاتحاد والرفع من التبادل التجاري أن يجعل المغرب الكبير أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية، وتقدر ورقة صندوق النقد الدولي أن النمو في البلدان المغاربية يمكن أن يزيد بنسبة نقطة مئوية واحدة على المدى الطويل نتيجة لذلك.

ودعا البنك بلدان المنطقة إلى التعلم من التجارب الإقليمية في أوروبا وآسيا.

ورغم محاولات إحيائه، استبعد زيتوت في حديثه لموقع "الحرة" أن ينجح ذلك "طالما ليس هناك دول قانون ودول مدنية تسودها الديمقراطية". بحسب تعبيره.

ومن جهته، يقول  لزرق إن الاتحاد ظل "تكتلا فوقيا بيد الأنظمة، ولم ينزل على أرض الميدان في اتجاه يقوي الاعتماد المتبادل".

ويضيف أن "الفشل يعود لكون السياسة الخارجية للأنظمة الريعية لا تقوم على أساس تنموي بل يغلب عليها الطابع الإيديولوجي عوض الطابع البرغماتي والتنموي".

وأغسطس الماضي، قال البكوش، في تصريحات صحفية إنه "راسل دول الاتحاد بشأن انتهاء ولايته وتعيين أمين عام جديد، واتهم الجزائر التي لم توجه له دعوة لحضور القمة العربية الأخيرة، بأنها "لم تدفع منذ عام 2016 اشتراكاتها" في الاتحاد المغاربي.

والأربعاء، ردت الجزائر على البكوش عبر متحدث باسم الخارجية بأنها "ستبقى متمسكة بإرادتها القوية في إصلاح مسار بناء الاتحاد المغاربي وتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبه التواقة إلى تنشيط العمل المغاربي على أُسس واضحة وجامعة ومن دون أية شروط مسبقة". 

ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصا على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "بوليساريو" التي تطالب باستقلال الإقليم.

مواضيع ذات صلة

A handout picture released by the Algerian Presidency Facebook page, shows Algeria's incumbent President Abdelmadjid Tebboune…
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال الإدلاء بصوته في رئاسيات 7 سبتمبر

تشكّل الملفّات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي أهم أولويات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أعيد انتخابه في السابع سبتمبر الجاري، وهي قضايا ملحة وساخنة تحدّث عنها بكثرة في حملته الانتخابية نظرا لأهميتهما بالنسبة للجزائريين.

من أبرز الوعود التي قدّمها تبون للجزائريين مواصلة الزيادات في رواتب الموظفين، وتوفير سكنات اجتماعية للفئات الهشّة، ورفع منحتي الطلبة الجامعيين والعاطلين عن العمل وفئات أخرى بينها؛ المتقاعدون والنساء الماكثات في البيوت والمعاقون.

الأجور والسكن

فبالنسبة لأجور الموظفين قال تبون إنه يصبو - بشكل تدريجي - لبلوغ نسبة زيادات بنسبة مائة بالمائة في حدود سنة 2027، بعدما قال في لقاءات صحافية سابقة إن الزيادة ستبلغ 47 بالمائة بنهاية السنة الجارية، وهذا بعد 5 زيادات منذ مجيئه إلى السلطة في 2019، شملت نحو 2.8 مليون موظف ومتقاعد.

ويبلغ الحد الأدنى المضمون للأجور في الجزائر 20 ألف دينار (151 دولار)، في حين يختلف الأجر الأساسي من موظف إلى آخر حسب الرتبة، ومن قطاع إلى آخر، وهو معدّل لا يزال بعيدا عن سد حاجة الجزائريين، خصوصا مع جنسبة التضخم التي بلغت 5 بالمائة حسب معطيات البنك الدولي، الذي يعد تبون بتخفيضه إلى 3 بالمائة، بعدما بلغت نسبته 9.3 بالمائة السنة الفارطة.

ووعد تبون برفع منحة العاطلين عن العمل من 13 ألف دينار (قرابة 100 دولار) إلى 15 ألف دينار (قرابة 115 دولار) في عهدته الجديدة، ثم تلْغى بعد أن يحصل العاطل على وظيفة.

وعن السكنات الاجتماعية أطلق تبون في يوليو الفارط برنامج "عدل 3"، وهي سكنات موجّهة للأفراد ذوي الدخل الضعيف، ولقيت إقبالا كبيرا واستفاد منها كثير من الجزائريين في "عدل 1" و"عدل 2".

وفضلا عن "عدل 3"، وعد الرئيس المنتخب بتوفير صيغ أخرى من السكنات لفئات أخرى ذات الدخل المرتفع.  

"عراقيل" في وجه الرقمنة

اقتصاديا وعد تبون برفع القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال رفع قيمة الدينار الجزائري، الذي انخفض مجددا أمام الدولار (1 دينار يساوي 0.0076 دولار).

ولايزال الإصلاح الجبائي والبنكي وإتمام مشروع الرقمنة والمراكز الكبرى للمعطيات والبيانات الوطنية والمرتبطة بالدفع الإلكتروني، موضوعا أساسيا في برنامج الرئيس المنتخب، الذي اشتكى أكثر من مرة من "عراقيل" في وجه مشروع الرقمنة، خصوصا في وزارة المالية.

ومن أبرز تعهّدات الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية تحفيز وحماية الاستثمار وخلق فرص عمل، ودعم وزيادة الإنتاج المحلي بدل الاستيراد.

ويراهن تبون أيضا على رفع الناتج المحلي إلى نحو 400 مليار دولار مقارنة بـ260 مليار دولار نهاية العام الماضي، ورفع الصادرات خارج النفط إلى 15 مليار دولار بحلول 2026، بعدما بلغت 7 مليارات العام الماضي.

المصدر: أصوات مغاربية