Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

تقارير

بين مرحب ومتحفظ.. توجه مغربي نحو فرض ضريبة على الـ"يوتيوبرز"

26 مايو 2023

أثار إعلان الحكومة المغربية عزمها فرض ضريبة على مداخيل اليوتيوبرز وصناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ردودا متباينة بين مرحبين رأوا في هذا التوجه خطوة إيجابية نحو ضمان "العدالة الضريبية" بين جميع المغاربة، ومتحفظين لفتوا إلى تساؤلات تحيط بطريقة تنفيذ القرار الجديد وانعكاساته المرتقبة.

وكشف الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، في ندوة صحفية، الأربعاء، أن الحكومة تتدارس فرض ضريبة على مداخيل المؤثرين وصناع المحتوى على منصة يوتيوب.

وقال المسؤول المغربي إنه "يُفترض في كل نشاط يترتب عليه مدخول أن يقدم مساهمة لخزينة الدولة"، موضحا أن الحكومة ستكشف خلال الأيام المقبلة عن الفئات المستهدفة والصيغ الملائمة وطريقة تنفيذ الإجراء الضريبي الجديد.

وأعاد إعلانُ الحكومة فتح النقاش حول مداخيل اليوتيوبرز والمؤثرين المغاربة من منصات التواصل الاجتماعي وأسئلة عن طريقة سن هذه الضريبة على إيراداتهم المتأتية من الفضاءات الرقمية.

آلاف الدولارات

سجل عدد المشتركين في خدمة الأنترنت بالمغرب ارتفاعا كبيرا العام الماضي بنسبة تصل إلى 40.1 بالمئة مقارنة بعام 2019، حيث ساعد انتشار جائحة كورونا واعتماد نمطي التعليم والعمل عن بعد في هذا النمو القياسي، بحسب مديرية الدراسات والتوقعات التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية.

وموازاة مع هذه الزيادة سجلت أعداد صناع المحتويات الرقمية ارتفاعا مطردا، حيث يلجأ عدد متزايد من الشباب والشابات المغربيات إلى هذه الوسائط لإبراز مواهبهم أو مشاركة أنشطتهم اليومية أو نشر فيديوهات إخبارية أو عامة، خاصة على منصتي يوتيوب وإنستغرام.

وتقوم أبرز مداخيل صناعة المحتوى على يوتيوب على الإعلانات المباشرة التي تضعها المنصة على الفيديوهات، إضافة إلى تبرعات بعض المتابعين للقنوات أو المنتجين، فيما تتأتى أبرز العوائد على فيسبوك وإنستغرام مثلا من إشهار المنتجات والخدمات.

ويقيس المعلنون على يوتيوب تكلفة الإشهار، بناء على معدل (CPM Cost per Mille)، الذي يعني التكلفة لكل ألف مشاهدة للإعلان؛ حيث تحدد المنصة كلفة محددة لكل ألف مشاهدة إعلان على الفيديو.

وفيما تختلف قيمة معدل التكلفة لكل ألف مشاهدة من بلد إلى آخر، تتراوح قيمتها بالنسبة لليوتيوبرز النشطين بالمغرب بين 0.25 و4 دولارات، بحسب منصة "سوشيال بليد" المتخصصة في إحصائيات مواقع التواصل الاجتماعي.

وبتطبيق هذا المعدل على قناة يوتيوب مغربية متخصصة في البث المباشر للألعاب (تصنفها المنصة المذكورة التي تقيس حجم قوة القناة بناء على مؤشرات من بينها متوسط عدد مشاهدات الفيديو وعدد المشتركين وغيرها، كأكبر قناة بالمغرب)، تظهر تقديرات المنصة ذاتها أن إجمالي مداخيلها، يترواح بين 75 ألف دولار و1.2 مليون دولار شهريا.

"توجه إيجابي"

اليوتيوبر المغربي، مصطفى الفكاك المعروف باسم "سوينغا" يؤكد على أنه من ناحية المبدأ يتفق مع أداء جميع المواطنين للضريبة، بحسب مداخيلهم بدون أي تمييز،  مشيرا إلى أنه "ليس من العدل أن يدفع البعض ضرائبه فيما لا يؤديها آخرون".

غير أنه يوضح في حديثه لموقع قناة "الحرة"، أن السؤال الإشكالي المطروح يتعلق بكيفية تطبيق وتنفيذ هذه الإجراءات الضريبية، لافتا إلى أن طريقة الاشتغال تختلف من صانع محتوى إلى آخر، خاصة من ناحية تكاليف الإنتاج.

وكمثال يوضح المتحدث ذاته: "هناك يوتيوبرز يشتغلون في إعداد فيديوهاتهم بكاميرا وهاتف فقط، في حين نجد منتجين آخرين يوظفون فريقا وأطقما كاملة في مختلف مراحل الإعداد والنشر".

في هذا الجانب، يضيف "سوينغا" الذي يتابع قناته على يوتيوب أزيد من 700 ألف مشترك، أنه ينبغي التركيز على الربح الصافي وليس الإجمالي، وهي عملية تبقى على حد وصفه "معقدة لكنها ضرورية من أجل الخروج بقرارات واضحة ومنصفة".

ويبرز المتحدث ذاته أن التوجه الحكومي الجديد "إيجابي ويبقى لصالح صناع المحتوى من أجل ضمان حقوقهم الاجتماعية"، غير أن نجاحه رهين بالإجراءات المرافقة له، مطالبا في هذا السياق بفتح نقاش موسع يشرك كافة المتدخلين قبل الخروج بأي قرارات.

من أجل عدالة ضريبية ولكن..!

في هذا الجانب، يقول الخبير الاقتصادي، محمد جدري، إنه من أجل ضمان عدالة ضريبية يجب على أي شخص يحقق مدخولا أن يؤدي ضريبة موازية لحجم إيراداته، لكنه يشير إلى ضرورة مراعاة مجموعة من الشروط قبل تنفيذ القرار فيما يتعلق بصناع المحتوى.

ويوضح الاقتصادي المغربي في تصريح لموقع "الحرة"، أن على الحكومة الحرص على عدم فرض ضريبة ثانية على صناع المحتوى، في حالة ما إذا كانت مداخيلهم تخضع لتضريب من بلد المنبع.

 كما يلفت جدري أيضا إلى أن عددا من صناع المحتوى "مصدر مهم لدرّ العملة الصعبة نحو البلد، بالتالي فهم يساهمون بطريقة غير مباشرة في تنمية اقتصاد البلد".

ويبرز المتحدث ذاته ضرورة "فتح نقاش حقيقي بين الفاعلين المختلفين وبين الحكومة، للتوافق حول أي إجراءات محتملة"، وأيضا تحديد أوجه استفادة اليوتيوبرز من أداء الضريبة، بشكل يحفظ ويضمن حقوقهم أيضا".

من جهته، يرى الباحث في المجال الرقمي والتجارة الإلكترونية، فؤاد وكاد أن "معالم القرار غير واضحة إلى حدود الساعة"، مشيرا إلى أن تأثيرات القرار الأولية تمثلت في "قلق عدد كبير من صناع المحتوى"، بشأن طبيعة هذا القرار وما يتوجب عليهم فعله.

ويشير وكاد في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن من الممكن أن تحدث الضبابية والارتباك المرتبطين بالموضوع "تأثيرا سلبيا على المجال ما من شأنه أن يحد من نشاط العديد".

ويشدد المتحدث ذاته على ضرورة أن يتم تنفيذ الخطوات الحكومية المقبلة بحكمة وبشكل يراعي الاختلافات الجوهرية والكبيرة بين صانع محتوى وآخر، خاصة وأن المنصات الرقمية تحولت بالنسبة لعدد من الشباب المغربي وسيلة لكسب الرزق ومحاربة شبح البطالة.

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة