Mauritania's President Mohamed Ould Abdel Aziz attends a signing ceremony at the Great Hall of the People in Beijing on…
الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز- أرشيف

قررت المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد بموريتانيا، الثلاثاء، تعليق جلسات محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (2009-2019) إلى "أجل غير مسمى"، وسط حديث على عدم قانونية الخطوة التي قد تُطيل بقاءه في السجن إلى جانب عدد من رموز نظامه.

ويُحاكم محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) بتهم متعلقة بـ"الاغتناء غير المشروع" خلال فترة توليه الرئاسة في هذا البلد المغاربي، بينما يؤكد دفاعه أنه "مستهدف" لأسباب سياسية. 

من جانب آخر، تؤكد السلطات الموريتانية أن القضاء مستقل، وأنها لا تتدخل في مجريات المحاكمة التي شهدت خلال الأيام الماضية تصاعدا للخلافات بين القاضي، عمار محمد الأمين، ودفاع ولد عبد العزيز. 

ويُحاكم الرئيس السابق رفقة عدد من الشخصيات البارزة خلال فترة حكمه، بينهم رئيسي حكومة سابقين ووزراء ومسؤولين كبار آخرين، في أعقاب تشكيل لجنة برلمانية في 2019 للتحقيق في ما بات يعرف بـ"فساد العشرية".

التعليق "غير قانوني" 

وفي هذا السياق، قال منسق فريق الدفاع عن الرئيس السابق، محمدن ولد أشدو، إن قرار تعليق المحاكمة "غير مفهوم لدينا"، مردفا "سوف نتّصل بالمحكمة في الساعات المقبلة حتى نفهم أسباب ودواعي هذا القرار". 

وكان موقع "الأخبار" المحلي أكد أن القاضي ولد محمد الأمين "برّر قراره تعليق جلسات المحاكمة بكون مستشاري محكمته يعدون أعضاء في المحاكم الجنائية، وسيلتحقون بها ابتداء من الاثنين القادم تاريخ افتتاح الدورة الجنائية"، مؤكدا في الوقت نفسه "بقاء دورة محكمته مفتوحة لحين انعقادها مجددا في موعد لاحق".

وتعليقا على ذلك، اعتبر ولد أشدو، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، أن "المحاكم الجنائية أمامها طريقتان: إما أن تُواصل جلساتها حتى تصل إلى حُكمها، وإما أن تؤجّل الملفات لضرورات معينة إلى دورات جنائية أخرى، أما التعليق فهو غير قانوني".  

ونفى المتحدث نفسه أن يكون لهذا القرار أي علاقة بمشادات حصلت بينه وبين القاضي وتطورت لتصبح حديث الإعلام المحلي.

وكان موقع "صحراء ميديا"، أشار إلى أن "ولد أشدو وجه كلمة إلى القاضي، أثارت غضب الأخير ليطلب منه سحبها وإلا سيرميه في السجن بتهمة التعدي على هيبة المحكمة".

وأضاف: "طلب القاضي من الأمن في قاعة المحكمة إخراج ولد أشدو من القاعة "ولو بالقوة"، فيما تدخل محامون لمحاولة تهدئة الموقف، قبل أن ينسحب ولد أشدو ويتبعه محامو الدفاع".

وجاء تطور الخلافات في الأصل بين القاضي ودفاع ولد عبد العزيز بعد أن قام "الطرف المدني باستنطاق الرئيس السابق". وفي خضم ذلك، تم "عرض صور من بطاقتين بنكيتين، واحدة منهما فرنسية والأخرى تركية، باسم الرئيس السابق، وهو ما أثار الجدل بين المحامين"، وفق "صحراء ميديا". 

وأكد منسق فريق الدفاع عن الرئيس السابق حصول هذه المشادات، مؤكدا أنه احتج "ضد التشويش والظلم الكبير ضد موكله، إذ قام فريق من المحامين بالتحرك بإيعاز وإيجار من الدولة لتمثيل ما يسمى بالطرف المدني في القضية، والحقيقة هو أنهم يمثلون الدولة في هذا الملف، لأن القانون الموريتاني واضح في هذا الجانب". 

وتابع: "النيابة العامة رفعت القضية ضد الرئيس السابق، وهي التي تمثل الدولة فيها، وبالتالي لا وجود لطرف مدني". 

ورجع ولد أشدو للحديث عن تعليق المحاكمة، قائلا إن "المحكمة اعتذرت لنا ونحن اعتذرنا لها"، مستدركا "لكن قرار تعليق الجلسات ليس له أي علاقة بهذه الأحداث". 

وقال إن قضية ولد عبد العزيز "مفروضة على المحكمة سياسيا"، فـ"الدولة تسعى إلى التشهير بالرئيس السابق وحرمانه من ممارسة السياسية"، مشددا على أن "التعليق غير قانوني والتأجيل إلى دورة جنائية جديدة ممكن شريطة متابعة الرئيس السابق في حالة سراح". 

"ادّعاء من لا حجة له"

في المقابل، يؤكد نقيب المحامين الموريتانيين، إبراهيم ولد أبتي، الذي يمثل "الطرف المدني"، أن "النيابة العامة مسؤولة عن الحق العام، وهي التي تمثل المجتمع، أما الطرف المدني فقد تفرّع عن الدعوة العمومية بسب الجرائم التي وقعت" في هذا الملف.

وأضاف: "الدولة الموريتانية والشركات التابعة لها تضرّرت من كل الجرائم التي اقترفها المتهم الرئيسي، والضالعين معه، وهو ما جعل الدولة وكل المؤسسات تُنصّب نفسها طرفاً مدنياً".

وأوضح، في حديث مع أصوات مغاربية، أن "دفاع المتهم الرئيسي سبق وأن احتج في مناسبات سابقة على وجود الطرف المدني، والمحكمة فصلت في هذا الأمر بشكل نهائي".  

ومضى إبراهيم ولد أبتي قائلا إن "المحكمة اعتمدتنا كأطراف متضررة بالجرائم المرتبكة المتعلقة أساسا بتبديد الأموال العمومية وتبييض الأموال والثراء غير المشروع واستعمال الجاه لكسب المال إضرارا بالدولة الموريتانية، وتمكّنا وتمكنت النيابة العامة من إثبات ذلك من خلال الأسئلة الدقيقة والضاغطة التي طرحناها على المتّهم، وإن كان رفض الرّد علينا". 

وتابع: "القول اليوم إنه لا وجود للطرف المدني ادّعاء من لا حجة له، فالمحكمة وحدها التي لديها السلطة لتحديد الأضرار، وقد حددت فعلاً الأضرار هنا بوجود الطرف المدني والنيابة العامة (ممثلة للحق العام)، ودفاع المتهمين". 

وبخصوص تعليق الجلسات إلى أجل غير مسمى، قال إن "المحكمة أصدرت، الثلاثاء، هذا القرار بسبب وجود مستشارين لديها هم أعضاء بالدورة الجنائية التي ستبدأ يوم الإثنين المقبل وتنتهي في يوليو بموجب قرار صادر عن المجلس الأعلى للقضاء".

وقال إن قرار المحكمة "واضح ولا لبس فيه"، ويأتي "تناغما مع قرار صادر عن المجلس الأعلى للقضاء الذي يُعين تشكيلة أعضاء المحكمة الجنائية". 

ونفى حديث هيئة الدفاع عن تعليق الجلسات بسبب "رغبة بعض أعضاء المحكمة في أداء مناسك الحج"، قائلا إن "قرارها لا صلة له بأي مسائل أخرى سوى بدء الدورة الجنائية في يونيو المقبل". 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

منظمة شعاع لحقوق الإنسان قالت إن القضاء الجزائري خفف حكم الفنانة جميلة بن طويس. SHOAA for Human Rights
| Source: SHOAA for Human Rights

جددت إدانة الفنانة الجزائرية، جميلة بن طويس، بالحبس النافذ، النقاش بشأن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي طالبت عدة منظمات محلية ودولية بإلغائها، فضلا عن المطالبة بمراجعة الأحكام بالسجن في حق النشطاء.

وتزامنا مع حملة دولية، خفف مجلس قضاء الجزائر العاصمة، "الحكم الصادر بحق الناشطة جميلة بن طويس من سنتين حبسا نافذا إلى 18 شهرا، ودفع 100 ألف دينار (752 دولار) غرامة مالية"، وفق ما أعلنت عنه منظمة شعاع لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء.

وأشارت المنظمة إلى أن القرار جاء "بعد إعادة محاكمتها (جميلة) يوم 18 سبتمبر الماضي بتهمة نشر أخبار مغرضة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام".

في المقابل، دعا خبراء في الأمم المتحدة القضاء إلى إلغاء إدانة جميلة بن طويس المتهمة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، بـ "الانخراط في جماعة إرهابية"، بسبب أغنية نشرتها خلال الحراك الشعبي "تندد بقمع الحريات في الجزائر، مطالبين بتبرئتها من كافة التهم الموجهة لها".

وطالب الخبراء من محكمة الاستئناف إلغاء "الحكم التعسفي الصادر" بحقها و"تبرئتها من جميع التهم الموجهة إليها والتي تتعارض مع القانون الدولي".

وكانت غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر العاصمة قد أصدرت يوم 26 مايو الماضي قرارا بإسقاط جناية "الانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل الوطن وخارجه" تحت طائلة المادة 87 مكرر الموجهة ضد بن طويس،‬ والإبقاء على الجنح بتهمة "المساس بسلامة ووحدة الوطن"، وفق منظمة شعاع الحقوقية.

وكانت الحكومة الجزائرية أدخلت تعديلات سنة 2021 على قانون العقوبات، بإضافة المادة 87 مكرر، التي أعطت توصيفا جديدا للفعل الإرهابي، كما تضمنت مجموعة من العقوبات على مرتكبي هذه الأفعال تراوحت بين الإعدام، المؤبد والسجن.

تعديل محتمل

وفي تعليقه على هذا النقاش بشأن إمكانية أن تدفع هذه المساعي لتعديل المواد المثيرة للجدل، يرى الحقوقي، إدريس فاضلي، أن "المادة 87 مكرر بشكلها الحالي قابلة للتأويل على عدة أوجه"، مضيفا أن التعامل معها "قد يكون عن طريق تعديل محتمل لها".

وحسب الحقوقي إدريس فاضلي، فإن المادة القانونية "واضحة عندما تطبق بشكلها الظاهر لمحاربة الإرهاب، إلا أن الغموض يلفها بمجرد أن ترتبط بقضية ذات صلة بالنشاط الحقوقي".

ويتابع فاضلي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه المادة تثير جدلا "لكن يمكن إضافة فقرة لها تضبط أحكامها وتحدد مواضع تطبيقها بدقة، حتى لا تبقي فضفاضة وهذا يدخل في سياق التعديلات الممكنة".

وتشير تقديرات من منظمات حقوقية إلى أن عدد معتقلي الرأي في الجزائر يتجاوز 200 شخص، وأشار المحامي سعيد الزاهي، في وقت سابق، إلى أن ما بين 100 إلى 150 ناشط تمت إدانته وفق المادة 87 مكرر. 

وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، ذكرت في بيان لها عقب زيارة قامت بها للجزائر خريف العام الماضي إنه "يجب على الجزائر الامتناع عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل تعزيز إصلاحات السنوات الأربع الماضية".

الإلغاء أو التعديل "المستحيل"

 يستبعد المحامي، يوسف بن كعبة، المقيم في فرنسا، "إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات"، كما يستبعد "تعديلها"، قائلا إنه "يستحيل على السطات الجزائرية الاستغناء عنها، لأنها تستعملها لتلجيم النشطاء والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان".

ويضيف بن كعبة، لـ"أصوات مغاربية"، أن المادة 87 مكرر "بكل ما تحمله من حكام قاسية، أغنت الحكومة عن المتابعات والمطاردات البوليسية للنشطاء، ووجدت فيها خيارا عمليا لتسليط أقسى العقوبات عليهم".

ويشير المتحدث إلى أن الحكومة تبرر الوضع الحقوقي الحالي "ومن ضمنه قضية الفنانة جميلة بن طويس، بكون النشطاء صدرت بحقهم أحكاما قانونية وفق نصوص لا غبار عليها، وأن القاضي حر في الأحكام التي يصدرها".

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نفى وجود ملف لـ"معتقلي الرأي في الجزائر"، واصفا ذلك بأنه "أكذوبة القرن"، موضحا أن هؤلاء حوكموا في قضايا "سب وشتم وفق القانون العام"، وذلك في لقاء له مع الصحافة المحلية في يوليو 2022، وهو نفس الموقف الذي تشدد عليه الحكومة في مناسبات عدة.

المصدر: أصوات مغاربية