ما زالت الساحة الموريتانية في حالة ترقب في ظل استمرار حالة "الغضب" من مقتل مواطن كان معتقلا لدى الشرطة كما يستمر انتشار قوات الأمن والدرك في بعض مناطق العاصمة ومدن أخرى شهدت احتجاجات عنيفة أدت لمقتل متظاهر.
ووجهت الخميس، عائلة الشاب عمر جوب الذي توفي في المستشفى بعد أن اعتقلته الشرطة لـ"البحث والتحري" على خلفية "شجار بينه و٣ آخرين"، نداء للمواطنين أن يطالبوا بالعدالة لابنهم في إطار "احترام النظام العام" كما طالبت السلطات بالتقيد "بضبط النفس وتفادي استخدام القمع المبالغ فيه اتجاه السكان وخاصة الشباب".
وأضافت عائلة جوب في بيان أن مطالبها تتحدد في "وجوب إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة"، وأوضحت أنها تعلق القيام بإجراءات "دفن المرحوم" إلى حين تسلمها لتقرير التشريح النهائي "المعد من طرف الطبيب الشرعي المغربي".
وكانت النيابة العامة في موريتانيا أعلنت في بيان لها الجمعة، أنها عينات للتشريح "أخذت من طرف خبير طب شرعي تم انتدابه للمهمة في إطار التعاون القضائي بين النيابة العامة والسلطات القضائية المختصة في المملكة المغربية".
وأضافت أن "العينات نقلت بعناية الخبير المنتدب لإجراء التحاليل عليها في المختبرات المغربية المختصة، وسيتم تَسَلُّم النتائج والخلاصات في غضون أيام قليلة بالطرق القانونية الرسمية" وذلك بعد موجة تشكيك في رواية أجهزة الدولة.
"وضع خطير"
واعتبر المحلل السياسي محمد عبد الله أن الأحداث الحالية في موريتانيا تعبر عن "وضع وحالة خطيرة" وصلتها الساحة العامة وباتت "تهدد اللحمة الوطنية ووضع الاستقرار الذي دأبت عليه الدولة والشعب منذ عقود".
وأضاف في اتصال مع "أصوات مغاربية"، أن الساحة السياسية والاجتماعية في البلد باتت "على صفيح ساخن في ظل توالي أزمتي الانتخابات المزورة ومقتل المواطن عمر جوب وقتل وتعذيب الناشط الحقوقي الصوفي، ولد الشين قبل ذلك".
وشدد عبد الله على أن الحكومة مطالبة بالشفافية في هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى خصوصا أن "الحنق والغضب الشعبي بلغ أوجه والوضع السياسي والاقتصادي لا يتحمل انزلاق الأمور إلى السوء".
وإجابة على سؤال حول مستقبل الوضع قال المتحدث: "أتوقع أن تسوء الأمور وتتطور الأحداث إذا استمر النظام في تعاطيه الحالي" الذي يتسم بنوع من عدم "الحسم والضرب على الفسدة من جهاز الشرطة"، واستدرك قائلا: "هؤلاء مجرمون وخانوا قسمهم ويجب أن يعاملوا معاملة المجرمين".
وكانت الشرطة الموريتانية نفت في بيان لها الثلاثاء المسؤولية عن مقتل عمر جوب، وأرجعت الأمر إلى مضاعفات شجار بين المعني و٣ أشخاص كانوا معه.
بدأت "تنجلي"
من جانبه يقول محمد ولد عالي، وهو كاتب صحفي ومحلل سياسي، إن "موريتانيا عاشت في الأيام الماضية وما زالت تشعر بارتدادات أزمة خطيرة كادت تعصف بالبلد"، ل\كن تلك الفترة "بدأت تنجلي".
وأرجع ولد عالي في حديث لـ "أصوات مغاربية" ما وصفه بـ"الأسباب الحقيقية" للأزمة الحالية إلى فعل "مجهولين سياسيا وإعلاميا من المفسدين الذين ضرب النظام على أيديهم في سنواته الأولى".
وأردف المتحدث نفسه أن من يصف سنوات حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأنها كانت "هادئة" وأن هذه المظاهرات تعد "غير مسبوقة" لا ينظر للأمور من "الزاوية الصحيحة" فحجم التظاهرات كان "كبيرا جدا"، لكنها كانت دائما "احتجاجات أطراف وليست احتجاجات مركز".
واعتبر أن الاحتجاجات التي شهدتها مدن الزويرات ونواذيبو وبعض ولايات الجنوب ومناطق في العاصمة ذات غالبية من السكان المهاجرين تعد مثالا صارخا على من "كتب السيناريو ووقعه"، وأردف أن "تلك اللعبة باتت الآن مكشوفة وهدفها "زعزعة الثقة بين المواطن وأجهزة الأمن التي تسهر على حمايته".
وختم ولد عالي حديثه بالقول: "من يريد ركوب الاحتجاجات كثر ومنهم أنصار الرئيس السابق الذي يحاكم بتهم الفساد ودعاة التفرقة المجتمعية على أساس عرقي وبعض أحزاب المعارضة التي منيت بهزيمة نكراء خلال الانتخابات الماضية".
المصدر: أصوات مغاربية