Libyan border guard provide water to migrants of African origin who reportedly have been abandoned by Tunisian authorities,…
عنصر من الحرس الحدودي الليبي يناول الماء لمهاجر خارج من تونس

يتعرض الآلاف من المهاجرين الذين لجأوا إلى تونس لأنواع من "الاضطهاد" حيث تزداد "العنصرية" ضدهم، في وقت يتعثر عليهم السفر إلى أوروبا في ظل الإجراءات المتشددة وظروف أخرى، بحسب تقرير لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.

إبراهيم (18 عاما) الذي غادر وعائلته ساحل العاج، كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في أوروبا، فاستقر في صفاقس التونسية، مثل الآلاف من سكان جنوب الصحراء الكبرى الآخرين.

بعد قرابة عامين من وصوله إلى المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 330 ألف نسمة، يقضي الشاب أيامه يتجول بلا هدف بين مسكنه المتهدم و "مولان روج"، وهو مقهى نادر في المدينة حيث لا يزال الأفارقة السود موضع ترحيب.

منذ أن شددت قوات خفر السواحل الليبية ضوابطها على الحدود، وخاصة بفضل عشرات الملايين من اليورو التي خصصها الاتحاد الأوروبي، أصبحت منطقة صفاقس مركزا للمغادرين إلى أوروبا، ومعظمهم من مواطني إفريقيا جنوب الصحراء، بحسب التقرير.

ووفقا لما نقلته الصحيفة نفسها عن الباحث كاميل لو كوز فإن "سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي تهدف إلى منع وصول الوافدين إلى القارة قدر الإمكان، وإهمال قضايا حقوق الإنسان والتنمية والتعاون الاقتصادي".

وأشارت الصحيفة في تقرير بعنوان "قمع المهاجرين في تونس: الاتحاد الأوروبي يظل صامتا بشأن العنف"، إلى أن المشكلة تتفاقم بسبب "نواقص سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي واستراتيجيته في الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة المهاجرين".

ورفض الاتحاد الأوروبي التعليق على طلبات موقع "الحرة" بشأن وجود "صمت أوروبي متعمد" حول معاملة تونس للمهاجرين.

فيما يرى الخبير في العلاقات الدولية، مصطفى طوسة، في حديث لموقع "الحرة"، أن "توقيع الاتحاد الأوروبي لاتفاقات مع تونس والمغرب والجزائر ومصر يأتي ضمن سياسة الاتحاد لحماية حدود الدول الأعضاء".

ووقع الاتحاد الأوروبي وتونس، يوليو الماضي، اتفاق "شراكة استراتيجية" يتضمن تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود.

وتعهدت أوروبا أيضا بتقديم مساعدات قيمتها مليار يورو (1.1 مليار دولار) لدعم الاقتصاد التونسي المنهك وإنقاذ مالية الدولة.

وأضاف طوسة أن "هناك مقاربة تقول إنه قبل دراسة الدول الأوروبية لملف المهاجرين والمرشحين لحيازة اللجوء السياسي والإنساني، يجب وقف قوارب الهجرة غير الشرعية من بلدان العبور".

واعتبر أن أوروبا "تحاول بلورة اتفاقيات اقتصادية أمنية وسياسية مع الدول التي تعتبر بوابة عبور للمهاجرين وذلك لمحاربة الهجرة السرية ووقف قنوات الاتجار بالبشر".

وتابع أن "أوروبا تراهن على هذه الدول في حل أزمة المهاجرين لأنها غير قادرة على استيعاب أعداد جديدة تهدد أمنها الاقتصادي والاجتماعي".

ودافعت رئيسة "المفوضية الأوروبية" أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر روما، عن الاتفاق مع تونس معتبرة أنه "يمكن أن يكون نموذجا لدول أخرى، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه التكتل الأوروبي لوقف التدفق غير المصرح به للمهاجرين عبر البحر المتوسط.

وأضافت أن على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مخرجا قانونيا لاستقبال المهاجرين بدلا من المخاطرة بحياتهم في معابر بحرية محفوفة بالمخاطر.

وأشارت، فون دير لاين، إلى الشراكات التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع مصر والمغرب في مجال الهيدروجين، قائلة "تتمتع منطقة البحر المتوسط بموارد طبيعية هائلة مثل الشمس والرياح والمناظر الطبيعية الوفيرة. لديكم الإمكانات والطموح لأن تكونوا قوى عالمية للطاقة في عالم يكون خاليا من الانبعاثات (الغازية المضرة)".

لكن "هيومن رايتس ووتش"، اعتبرت أن "عقد الصفقة يتعارض تماما مع المقاربة الحقوقية للهجرة واللجوء. فهي تظهر أن أوروبا لم تتعلم الدرس من تواطؤها في الانتهاكات الفظيعة ضد المهاجرين في ليبيا. نية تكرار الصفقة مع بلدان أخرى من المنطقة، خصوصا مصر والمغرب، يؤكد الأمر أكثر".

وفي يوليو الماضي، وبعدما شهدت صفاقس أعمال عنف بين سكان محليين ومهاجرين، فقد معظمهم وظائفهم وطردوا من منازلهم.

وكذلك، عمدت السلطات إلى تحميل مئات المهاجرين في حافلات، ونقلهم إلى مناطق صحراوية نائية قرب الجزائر وليبيا.

يتعرض الآلاف من المهاجرين الذين لجأوا إلى تونس لأنواع من "الاضطهاد" حيث تزداد "العنصرية" ضدهم، في وقت يتعثر عليهم السفر إلى أوروبا في ظل الإجراءات المتشددة وظروف أخرى، بحسب تقرير لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.

إبراهيم (18 عاما) الذي غادر وعائلته ساحل العاج، كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في أوروبا، فاستقر في صفاقس التونسية، مثل الآلاف من سكان جنوب الصحراء الكبرى الآخرين.

بعد قرابة عامين من وصوله إلى المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 330 ألف نسمة، يقضي الشاب أيامه يتجول بلا هدف بين مسكنه المتهدم و "مولان روج"، وهو مقهى نادر في المدينة حيث لا يزال الأفارقة السود موضع ترحيب.

منذ أن شددت قوات خفر السواحل الليبية ضوابطها على الحدود، وخاصة بفضل عشرات الملايين من اليورو التي خصصها الاتحاد الأوروبي، أصبحت منطقة صفاقس مركزا للمغادرين إلى أوروبا، ومعظمهم من مواطني إفريقيا جنوب الصحراء، بحسب التقرير.

ووفقا لما نقلته الصحيفة نفسها عن الباحث كاميل لو كوز فإن "سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي تهدف إلى منع وصول الوافدين إلى القارة قدر الإمكان، وإهمال قضايا حقوق الإنسان والتنمية والتعاون الاقتصادي".

وأشارت الصحيفة في تقرير بعنوان "قمع المهاجرين في تونس: الاتحاد الأوروبي يظل صامتا بشأن العنف"، إلى أن المشكلة تتفاقم بسبب "نواقص سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي واستراتيجيته في الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة المهاجرين".

ورفض الاتحاد الأوروبي التعليق على طلبات موقع "الحرة" بشأن وجود "صمت أوروبي متعمد" حول معاملة تونس للمهاجرين.

فيما يرى الخبير في العلاقات الدولية، مصطفى طوسة، في حديث لموقع "الحرة"، أن "توقيع الاتحاد الأوروبي لاتفاقات مع تونس والمغرب والجزائر ومصر يأتي ضمن سياسة الاتحاد لحماية حدود الدول الأعضاء".

ووقع الاتحاد الأوروبي وتونس، يوليو الماضي، اتفاق "شراكة استراتيجية" يتضمن تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود.

وتعهدت أوروبا أيضا بتقديم مساعدات قيمتها مليار يورو (1.1 مليار دولار) لدعم الاقتصاد التونسي المنهك وإنقاذ مالية الدولة.

وأضاف طوسة أن "هناك مقاربة تقول إنه قبل دراسة الدول الأوروبية لملف المهاجرين والمرشحين لحيازة اللجوء السياسي والإنساني، يجب وقف قوارب الهجرة غير الشرعية من بلدان العبور".

واعتبر أن أوروبا "تحاول بلورة اتفاقيات اقتصادية أمنية وسياسية مع الدول التي تعتبر بوابة عبور للمهاجرين وذلك لمحاربة الهجرة السرية ووقف قنوات الاتجار بالبشر".

وتابع أن "أوروبا تراهن على هذه الدول في حل أزمة المهاجرين لأنها غير قادرة على استيعاب أعداد جديدة تهدد أمنها الاقتصادي والاجتماعي".

 

 

ودافعت رئيسة "المفوضية الأوروبية" أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر روما، عن الاتفاق مع تونس معتبرة أنه "يمكن أن يكون نموذجا لدول أخرى، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه التكتل الأوروبي لوقف التدفق غير المصرح به للمهاجرين عبر البحر المتوسط.

وأضافت أن على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مخرجا قانونيا لاستقبال المهاجرين بدلا من المخاطرة بحياتهم في معابر بحرية محفوفة بالمخاطر.

وأشارت، فون دير لاين، إلى الشراكات التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع مصر والمغرب في مجال الهيدروجين، قائلة "تتمتع منطقة البحر المتوسط بموارد طبيعية هائلة مثل الشمس والرياح والمناظر الطبيعية الوفيرة. لديكم الإمكانات والطموح لأن تكونوا قوى عالمية للطاقة في عالم يكون خاليا من الانبعاثات (الغازية المضرة)".

لكن "هيومن رايتس ووتش"، اعتبرت أن "عقد الصفقة يتعارض تماما مع المقاربة الحقوقية للهجرة واللجوء. فهي تظهر أن أوروبا لم تتعلم الدرس من تواطؤها في الانتهاكات الفظيعة ضد المهاجرين في ليبيا. نية تكرار الصفقة مع بلدان أخرى من المنطقة، خصوصا مصر والمغرب، يؤكد الأمر أكثر".

وفي يوليو الماضي، وبعدما شهدت صفاقس أعمال عنف بين سكان محليين ومهاجرين، فقد معظمهم وظائفهم وطردوا من منازلهم.

وكذلك، عمدت السلطات إلى تحميل مئات المهاجرين في حافلات، ونقلهم إلى مناطق صحراوية نائية قرب الجزائر وليبيا.

مهاجرون خلال اعتصام أمم مقر مفوضية اللاجئين بتونس

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر أفريقي، وتركتهم عند الحدود مع ليبيا من الشرق والجزائر من الغرب.

وإبراهيم، الذي كان يعيش من العمل في مجال الحرف والبناء منذ وصوله إلى المدينة في نوفمبر 2021، طُرد قبل خمسة أشهر.

وقال: "لتجنب المشاكل مع الجيران، قررت مغادرة شقتي، وأصبحت الحياة صعبة للغاية ".

ويعيش إبراهيم وزوجته وطفليه الصغار الآن في مبنى متهدم في نهاية زقاق مظلم وضيق، حيث لجأ مئة من مواطني جنوب الصحراء الكبرى، حيث يقضي البعض أيامهم على السلالم، في انتظار إيجاد طريقة للخروج من هذا الوضع الذي لا يطاق بشكل متزايد.

ويوضح إبراهيم أنه حاول العبور في مايو المقبل ودفع أكثر من 1000 يورو للمهربين لكنه تعمد عدم الصعود إلى القارب المتجه لأوروبا لأن كان على متنه 45 رجلا وهو يتسع لـ 35 شخصا، مشددا على أنه "لا يخاف الموت لأنه يريد بناء حياة جديدة".

بدوره، يشدد خبير السكان ودراسات الهجرة، أيمن زهري، في تصريحات لموقع "الحرة" أن "الاتفاق مع تونس مشبوه ويخل بالتزامات الاتحاد الأوروبي الدولية ويمثل ضغطا على الحكومة التونسية التي سوف تعمل جاهدة لمنع انطلاق المهاجرين من أراضيها للاتحاد الأوروبي".

وأضاف: "لا أرى أن هذا سيحل المشكلة لا بل سيزيد الضغط على تونس وبمثابة إيقاف هؤلاء الأشخاص وتعطيل مسيرتهم إلى وجهتهم النهائية نوع من اختطافهم والاحتفاظ بهم كي لا يذهبوا للشاطئ الآخر".

وتمسك بأن "هذه الاستراتيجية لا تعفيها من المسؤولية الإنسانية تجاه هؤلاء الأشخاص لأن حقوق الإنسان حق عالمي يمكن لأي دولة أن تعترض على انتهاك حقوق الانسان في دولة أخرى"، مشيرا إلى أن "الاتفاق برمته وما يترتب عليه من انتهاكات لحقوق الانسان هو مسؤولية تونسية أوروبية مشتركة".

وتابع: "عقد مثل هذا الاتفاق لا يعفي أوروبا من مسؤوليتها تجاه العالقين في تونس، علما أن تيارات الهجرة لا يمكن إيقافها بهذا الشكل من الإجراءات التعسفية".

هذا ويواصل مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الوصول بالمئات يوميا إلى ليبيا سيرا حتى الإنهاك الشديد، بعدما نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود في وسط الصحراء، وفق شهاداتهم وشهادات حرس حدود ليبيين جمعتها وكالة فرانس برس.

وفي الأسبوعين الأخيرين، يقول حرس الحدود الليبيون، إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية، على ما يؤكدون، إلى الحدود عند مستوى بلدة العسة، على بعد 150 كيلومترا جنوب غرب طرابلس.

وفي أعقاب اشتباكات أودت بحياة مواطن تونسي في الثالث من يوليو، طرد مئات المهاجرين الأفارقة من صفاقس، وسط تونس الشرقي، التي تشكل نقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا.

وتفيد منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية أن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر أفريقي، وتركتهم عند الحدود مع ليبيا من الشرق والجزائر من الغرب.

من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، عن "قلقها البالغ إزاء سلامة مئات المهاجرين"، بعد نقلهم إلى مناطق نائية في البلد الواقع في شمال أفريقيا.

وجاء في بيان مشترك للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة وللمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن "بين أولئك الذين تقطعت بهم السبل نساء (بعضهن حوامل) وأطفال".

في المقابل، تتمسك تونس بمخاوف ما صفته بالتوطين، إذ قال وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، يوليو الماضي، إن تونس "لا تقبل أن تكون دولة عبور أو توطين للمهاجرين أو قبولهم في مخيمات"، داعيا المنظمات الدولية والجمعيات الناشطة في مجال الهجرة وحقوق الإنسان إلى "توفير المساعدات اللازمة لهم، بالتشاور والتعاون مع السلطات الأمنية".

وأضاف المسؤول التونسي في حديثه بالبرلمان، أن حكومة بلاده عملت على "توفير كل الظروف الصحية والمعيشية للمهاجرين غير النظاميين المتواجدين ببلادنا، لكن دون التورط في قبولهم في مخيمات الذي يعني الوقوع في فخ الاستيطان".

وأشار إلى أن السلطات التونسية "لن تتوان في مساعدة كل من يرغب في العودة الطوعية إلى بلاده بالطرق القانونية وفي إطار احترام حقوق الإنسان"، مشددا على أن "من حق الدولة التونسية حماية حدودها والحفاظ على خصوصيات المجتمع التونسي عبر تطبيق القوانين السارية على الجميع، خاصة أن توافد الافارقة من دول جنوب الصحراء أدى إلى تحولات كبيرة في سلوك التونسيين".

مهاجرون أفارقة يتجمعون داخل مركز للمهاجرين في مدينة مدنين التونسية

ومنذ بداية عام 2023، قفز عدد المغادرين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الواقعة على بعد 150 كيلومترا فقط من الساحل التونسي، بنسبة 300 بالمئة، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، علما أن الطريف محفوف بالمخاطر حيث انتشلت السلطات التونسية نحو 900 جثة مهاجرين، منذ يناير الماضي، وفقد الآلاف.

ويواجه الأفارقة السود في تونس تمييزا وعنفا متزايدا منذ تصريحات الرئيس، قيس سعيد، في فبراير، بأن المهاجرين من جنوب الصحراء جزء من مؤامرة لتغيير هوية البلاد والتركيبة السكانية.

وقال إن "جحافل المهاجرين غير الشرعيين تجلب لتونس، العنف والجريمة والممارسات غير المقبولة". 

وأشعل الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس الأمن توترات في جميع أنحاء المنطقة والبلاد، ولكن بشكل خاص بين التونسيين والمهاجرين في مدينة صفاقس الساحلية وغيرها من المدن الساحلية الشرقية.

وحلت تونس محل ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية للأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، وفقا للأمم المتحدة.

 

المصدر: موقع الحرة

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة