قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير لها يرصد الوضعية الحقوقية في المغرب سنة 2022 إن المشهد الحقوقي بهذا البلد المغاربي "ظل على حاله دون أن يطاله أي تغيير أو تطور إيجابي حقيقي يذكر" إذ عمته بحسب المصدر "الانتهاكات المتواترة والاعتداءات المتوالية على مختلف الحقوق والحريات".
واعتبرت الجمعية في تقريرها السنوي، الذي قدمته، الخميس، أن "الوضعية السيئة" لحقوق الإنسان بالمغرب "ليست مرتبطة بظرفية ما عابرة، بل هي ناتجة عن خيار سياسي مرتكز إلى تضخم الهاجس الأمني والسلطوية، يحاول نفي الدور الحمائي للمؤسسات والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، التي لم يعد صدر الدولة يتسع لها ولعملها".
"وإذا كان جزء من الخروقات التي جرى رصدها خلال السنتين الماضيتين 2020 و2021، يمكن أن ينسب إلى حالة الطوارئ الصحية واعتماد المعالجة الأمنية كأسلوب لتدبيرها" تقول الجمعية، فإن "الخروقات المسجلة خلال سنة 2022 لا يمكن تفسيرها وربطها سوى بخيار الدولة الهجوم السافر والمتواصل، منذ على الأقل سنة 2014، على ممارسة الحريات العامة الضرورية والمميزة لكل مجتمع ديمقراطي".
ويرصد التقرير الذي أعدته الجمعية الوضعية الحقوقية خلال السنة الماضية انطلاقا من ثلاثة محاور رئيسية، وهي الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بينما يتضمن المحور الثالث حقوق المرأة والطفل والأشخاص في وضعية إعاقة، إضافة إلى قضايا الهجرة واللجوء، والحق في البيئة السليمة والتنمية المستدامة.
إليكم بعض المعطيات التي تضمنها التقرير:
"مناخ معادٍ لحرية المعتقد والحريات الفردية"
قالت الجمعية إن مصادقة المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنصيص الدستور على سمو الاتفاقيات والعهود الدولية على القوانين الداخلية للبلاد، "يبقى دون أي أثر إيجابي على ضمان وحماية حرية المعتقد وباقي الحريات الفردية".
وأشارت إلى "اعتماد مادة التربية الإسلامية، القائمة على مرجعية المذهب السني المالكي، ضمن الوحدات الدراسية" والذي قالت إنه "يشكل إقصاء ونبذا للاختيارات العقائدية لجزء من المغاربة وأبنائهم؛ فضلا عن أبناء المهاجرين من جنوب الصحراء غير المسلمين المندمجين في التعليم العمومي".
كما أشارت إلى "البرامج الإعلامية والإنتاجات الفنية التي تروجها القنوات الإعلامية الرسمية والخاصة، والتي تكرس بدورها أحادية الدين والمذهب"، الأمر الذي يجعل وفقها "المناخ العام السائد معاديا لحرية المعتقد وباقي الحريات الفردية".
وسجلت المنظمة المغربية في هذا الإطار العديد من "الانتهاكات"، من بينها "حرمان المغاربة الشيعة، كما المسيحيين، من ممارسة طقوسهم الدينية بشكل علني، والتضييق عليهم" و"اعتقال عشرات من الشباب داخل مقهى في مدينة الدار البيضاء بتهمة "الإفطار العلني في رمضان"" و"الاعتداء الهمجي على رجل يرتدي ملابس نسائية بمدينة طنجة في منتصف شهر ديسمبر 2022".
"استفحال ظاهرة اكتظاظ السجون"
في رصدها لوضعية السجون استحضرت الجمعية مجموعة من المعطيات الرقمية وبينها عدد الساكنة السجنية الذي بلغ عند نهاية سنة 2022 ما مجموعه 97204 نزيلا وذلك بزيادة تصل إلى 8263 سجينا وسجينة مقارنة بعام 2021، من بينهم 57496 محكوما و39708 سجينا احتياطيا.
وأكد المصدر في هذا الإطار أن هناك "غلو مبالغ فيه في اللجوء المنهجي إلى الاعتقال الاحتياطي، إذ بلغت نسبة الاحتياطيين ما يقارب 41% من مجموع السجناء" بالإضافة إلى المحكومين بما في ذلك الصادرة في حقهم أحكام إعدام (82 شخصا).
وتبعا لذلك قالت الجمعية إنه "رغم إطلاق مسلسل بناء سجون جديدة وترميم أخرى فإن ظاهرة الاكتظاظ ما انفكت تعرف استفحالا سنة بعد أخرى، مما ينعكس انعكاسا خطيرا على كل مجالات الحياة داخل المؤسسة السجنية ويشكل عاملا رئيسيا تتولد عنه مظاهر العنف والاعتداء على الذات والآخرين".
كما سجلت الجمعية مجموعة من "أوجه الخصاص" الأخرى وذلك استنادا إلى معطيات صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وبينها "عدم توفر البنيات التحتية الكافية،" و"صعوبة الولوج إلى الخدمات الطبية دون تمييز"، مستحضرة في السياق عدد الوفيات المسجلة في المؤسسات السجنية والذي بلغ 186 حالة في العام الماضي.
"سنة مأساوية للمهاجرين وطالبي اللجوء"
عن وضعية المهاجرين وطالبي اللجوء قالت الجمعية إن السنة الماضية "كانت سنة مأساوية للغاية، على العديد من المستويات، وصلت إلى حد انتهاك الحق في الحياة للعشرات من المهاجرين/ات وطالبي/ات اللجوء" مؤكدة أن تلك "الانتهاكات ما كانت لتحدث لو تم احترام حقوقهم وحقوقهن، كالحق في التنقل والحماية من شبكات الاتجار بالبشر".
واستحضر التقرير "مأساة مليلية" يوم 24 يونيو 2022، حيث "تم مقتل 27 على الأقل من طالبي اللجوء، واعتقال ومحاكمة 87 آخرين بتهم ثقيلة في محاكمة انتفت فيها شروط المحاكمة العادلة، فيما لا زال 76 منهم في عداد المفقودين".
وأشار إلى أنه "قد تعددت المطالبات بفتح تحقيق دولي في الفاجعة، بالنظر إلى تورط سلطات المغرب وإسبانيا في الأحداث وعدم جديتهما في التعامل معها، من أجل محاسبة المسؤولين الفعليين، وإنصاف الضحايا وضمان عدم تكرار ما جرى".
كما لفت التقرير ضمن هذا المحور إلى "تزايد تدفق هجرة الشباب المغاربة نحو أوروبا بحثا عن حياة أفضل، رغم أن طرق الهجرة محفوفة بالمخاطر" وهو ما أسفر عن "العديد من الوفيات"، مشيرا في السياق إلى أ "المنظمة الدولية للهجرة، سجلت في تقريرها الذي نشر في وسائل الإعلام في ديسمبر 2022، أن المغرب يعد ضمن قائمة أكبر عشرة دول عبر العالم، توفي مواطنوها في طريق الهجرة صوب "الفردوس الأوروبي"".
- المصدر: أصوات مغاربية