تقارير

"لبؤات الأطلس".. مسيرة مغربيات توجت بكتابة التاريخ في المونديال

05 أغسطس 2023

حقق المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات أكثر من إنجاز خلال مشاركته الحالية في بطولة كأس العالم للسيدات المقامة في أستراليا ونيوزلندا، لتعيد "لبؤات الأطلس" التذكير بالمباريات التاريخية التي قدمها منتخب الرجال في مونديال قطر العام الماضي.

وصعدت سيدات المغرب إلى الدور الثاني من البطولة بعد فوزين بهدف نظيف ضد كل من كوريا الجنوبية وكولومبيا في مرحلة المجموعات، رغم البداية الكارثية بالهزيمة بسداسية نظيفة من المنتخب الألماني في المباراة الافتتاحية.

وانهال المديح على الفريق بعد الصعود، حيث وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) سيدات المغرب بأنهن "كاتبات التاريخ" وأنهن يصنعن "لحظات مليئة بالفخر والسعادة".

الأداء المغربي خالف التوقعات حيث دخل المنتخب البطولة وهو في الترتيب رقم 72 عالميًا، بحسب تصنيف "فيفا"، وكان في مجموعة شهدت خروج المنتخب صاحب التصنيف الثاني وهو ألمانيا.

تلتقي "لبؤات الأطلس" بالمنتخب الفرنسي في الدور ربع النهائي من البطولة، في طريقهن لمواصلة المشوار الذي حتى في حالة الخروج سيكون تاريخيًا، وجاء بحسب خبراء رياضيين مغاربة بسبب استراتيجية تتبعها المملكة من أجل تطوير كرة القدم النسائية في البلاد.

وقال المدرب السابق للمنتخب المغربي للرجال، حسن مومن، في تصريحات لـ"الحرة"، إن المنتخب قدم "إنجازا تاريخيا وفريدا من نوعه، وهناك فرحة لا توصف خصوصا بعد الخسارة القاسية أمام ألمانيا".

وتابع: "الإحباط كان كبيرا وبدأ الشك يتسرب، لكن الفوز على كوريا الجنوبية أظهر أن لدى اللاعبات شخصية كبيرة وثقة في النفس".

أرقام قياسية

شارك المغرب في البطولة لأول مرة في تاريخيه، ورغم الخسارة القاسية أمام ألمانيا إلا أن المباراة بحد ذاتها كانت تاريخية كونها الأولى لفريق عربي في البطولة.

وفي المباراة الثانية أمام كوريا الجنوبية، صنعت المغربية نهيلة بنزينة التاريخ كونها أول لاعبة محجبة في البطولة، في وقت كان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد ألغى الحظر المفروض على تغطية الرأس لأسباب دينية عام 2014، بعد مطالبات من نشطاء ورياضيين ومسؤولين.

وفي نفس المباراة صنع المغرب التاريخ مجددًا بتسجيل أول فوز عربي في البطولة، وباتت اللاعبة ابتسام الجريدي، صاحبة أول هدف مغربي وعربي في تاريخ المونديال النسائي.

وحول هذه الأرقام، قال عضو المكتب التنفيذي بـ"الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم"، حكيم دومو، إن ما حدث نتيجة جهود على مدار سنوات في المملكة من أجل تطوير الكرة النسائية والاستثمار الكبير فيها.

وتابع في تصريحات لموقع "الحرة": "نحن فخورون بالمرأة المغربية وأتمنى لهن المزيد من التوفيق في المباريات المقبلة. دخلنا البطولة في الترتيب 72 عالميًا وكانت الحظوظ قليلة، لكن تحققت النتائج".

لاعبات بارزات

ويقول مومن لموقع "الحرة" إن استثمار المغرب في كرة القدم النسائية بدأ بنادي "الجيش الملكي"، الذي تمثل لاعباته القوام الرئيسي للمنتخب، مضيفًا أن المسؤولين عن كرة القدم في البلاد عكفوا على مدار 3 سنوات مضت على التواصل مع لاعبات في الدوريات الأوروبية من أجل تمثيل المنتخب المغربي.

وبالفعل نجحت هذه الجهود في إقناع لاعبات مثل ياسمين لمرابط التي تلعب في إسبانيا، ونهلة النقاش تلعب في الدوري السويسري، وكانت اللاعبة الأبرز هي أنيسة الحماري.

سجلت الحماري هدف الصعود أمام منتخب كولومبيا في ختام دور المجموعات، وكانت قد مثلت منتخبات الشباب في الجزائر وفرنسا قبل أن يقنعها المسؤولون المغاربة بتمثيل "لبؤات الأطلس".

من بين اللاعبات الأبرز قائدة المنتخب، غزلان الشباك، لاعبة نادي "الجيش الملكي"، التي حصدت لقب أفضل لاعبة في بطولة أمم أفريقيا التي نظمها المغرب في يوليو من العام الماضي.

يضم نادي "الجيش الملكي" 8 لاعبات من المشاركات مع المنتخب المغربي في بطولة كأس العالم، بجانب لاعبات كانت ضمن صفوفه قبل الانتقال لأندية أخرى خارج المغرب.

وقال مدرب النادي، محمد أمين عليوة، في تصريحات لـ"الحرة"، إن القائمة الأولية للبطولة كانت تشمل عشر لاعبات من الفريق، قبل استبعاد اثنتين في القائمة النهائية، مشيرًا إلى أن اللاعبتين صوفيا البوفتيني وابتسام الجريدي كانتا ضمن صفوف الفريق قبل الانتقال لنادي الأهلي السعودي مؤخرا.

وتابع المدرب حديثه بالقول إنه يشعر "بالفخر والاعتزاز بما حققته اللاعبات، شخصيا أعتبرهن الآن لاعبات المنتخب الوطني، نحن نعمل بكل شغف وحس احترافي في فريق الجيش الملكي، وإن كان هذا العمل له انعكاس على المنتخب الوطني نشعر بالسعادة الغامرة والفخر".

استراتيجية للمستقبل

يرى خبراء اللعبة في المغرب أن هذه النتائج ستفيد كرة القدم النسائية في البلاد بشكل كامل، حيث ستشجع الشابات الصغيرات على ممارسة كرة القدم، وستتطور اللعبة في ظل الخطوات الأخيرة التي تبذلها الجامعة الملكية.

قال عضو الجامعة حكيم دومو، إن تجهيز المنتخب كان جيدا قبل البطولة حيث نظمت معسكرات إعداد جيدة وتم إقناع عديد اللاعبات اللواتي تنشطن في أوروبا بتمثيل المغرب.

وأضاف أن المستقبل سيكون جيدًا مع "مزيد من الاستثمار في البنية التحتية والتنمية، وسيكون هناك خير للكرة المغربية ونحن نعمل وفق استراتيجية لتطوير الكرة النسائية".

فيما قال، مومن، إن مواصلة الجهود الحالية بنفس النسق سيكون له مردود جيد، مشيدًا بالاختيار الجيد للمدرب الفرنسي رينالد بيدروس، لقيادة المنتخب المغربي النسائي، حيث حصد من قبل بطولتي دوري أبطال أوروبا للسيدات مع ليون الفرنسي، واختير أفضل مدرب سيدات في العالم من قبل.

أما مدرب نادي "الجيش الملكي"، فأكد أن هناك مشروعا قويا في المملكة ويشمل دعما كبيرا للفريق الذي يمرنه، وقال إنه تم إدخال نظام الاحتراف في الكرة النسائية و"توفير أحسن الظروف الرياضية وضمان حالة اجتماعية مستقرة... بتوفير أجور للاعبات والمدربين وخلق دمج الرياضة مع الدراسة للاعبات".

فرحة "اللبؤات" بالتأهل لثمن نهائي المونديال

يخوض المغرب لقاء ثمن النهائي ضد المنتخب الفرنسي، الثلاثاء القادم، في مواجهة صعبة حيث يحتل الخصم التصنيف الخامس دوليًا.

كما ستكون المواجهة لها ذكريات خاصة مع الجمهور المغربي حيث يدرب منتخب فرنسا للسيدات، هيرفي رينارد، الذي سبق ودرب المنتخب المغربي للرجال من قبل وحقق معه نتائج لافتة.

 

  • المصدر: موقع "الحرة"

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة