تونس وليبيا تتفقان على إيواء مهاجرين عالقين منذ شهر ـ صورة أرشيفية.
تونس وليبيا تتفقان على إيواء مهاجرين عالقين منذ شهر ـ صورة أرشيفية

توصلت تونس وليبيا، الخميس، إلى اتفاق يقضي بإيواء المهاجرين من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء والعالقين عند الحدود بين البلدين، منذ قرابة شهر، في خطوة لقيت ردودا متباينة من الجانبين التونسي والليبي.

وأعقب الاتفاق الذي جاء بعد لقاء بين وزيري الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية ونظيره التونسي، الأربعاء، تنظيم رحلات إجلاء لأكثر من 270 مهاجرا، بعد أسابيع من معاناتهم في مناطق نائية على الحدود بين البلدين.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة، مساء الخميس، أنها ساعدت السلطات التونسية والهلال الأحمر التونسي على إجلاء 126 مهاجرا ونقلهم إلى ملاجئها في تطاوين ومدنين، جنوب البلاد.

وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إنها تواصل التنسيق الوثيق مع العديد من الشركاء والسلطات المحلية في كلا البلدين لتكثيف الجهود وتوسيع نطاق استجابتها، وتقف على استعداد "لمواصلة دعم السلطات المعنية لحل الوضع الحالي بطريقة إنسانية".

من جانبها، أكدت وزارة الداخلية الليبية، الخميس، أنه "لم يعد يوجد أي مهاجر غير شرعي في المنطقة الحدودية بين البلدين"، بعد أن قامت بنقل مجموعة تتألف من نحو 150 مهاجرا.

ووصل مئات المهاجرين إلى الحدود الليبية من تونس، بعد أن قامت السلطات التونسية بترحيلهم من مدن البلاد الساحلية، بحسب منظمات غير حكومية، أشارت في الأيام الأخيرة إلى أن مجموعات من حوالي 300 مهاجر، ما تزال عالقة في منطقة رأس جدير العازلة بين البلدين.

وأفادت السلطات الليبية ومنظمات غير حكومية، خلال الأسابيع الأخيرة، بالعثور على جثث عشرات المهاجرين الذين لقوا حتفهم، بعد أن خاضوا ظروفا صعبة، وسط الصحراء في ذروة الصيف.

وبالمقابل، نفت وزارة الداخلية التونسية ترحيل المهاجرين ورميهم في الصحراء، ووصف الرئيس، قيس سعيد، التقارير بأنها "معلومات مضللة تهدف إلى تشويه سمعة البلاد".

ردود بعد الخطوة

ورحبت منظمات حقوقية تونسية بخطوة الجانبين، واعتبرتها "لفتة إنسانية لملف المهاجرين" رغم إشارتها إلى "تأخرها"، ودعت الجانبين إلى ضرورة العمل على  إنهاء المشاكل المتعلقة بالمهاجرين، وخاصة رفض أن يكونا "الحارس الأمين لحدود الاتحاد الأوروبي وأرضا لتوطين المهاجرين".

من جهتها، دعت "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" بليبيا، وزارة الداخلية إلى "الكشف عن كامل تفاصيل الاتفاق" الذي وصفت مضامينه بـ"الغامضة وغير الواضحة"، خاصة ما يتعلق بمكان "نقل المهاجرين الذين كانوا متواجدين في المناطق الحدودية العازلة، ومن قام بنقلهم، وكيف سيتم ترحيلهم إلى بلدانهم".

وطالبت اللجنة الحقوقية غير الحكومية في بيان، بـ"توضيح شامل للآليات والمعالجات التي تمت في شأن المهاجرين، خاصة في ظل المعلومات الواردة بشأن نقل المهاجرين المتواجدين بالمنطقة العازلة إلى مركز تجميع بمنطقة العسة الحدودية، ونقلهم فيما بعد إلى أحد مراكز إيواء المهاجرين بمدينة طرابلس".

وتعليقا على عملية نقل المهاجرين من الحدود، عبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، عن حرص حكومته "على توفير المساعدات الإنسانية للمهاجرين، وتسهيل إرجاعهم إلى بلدانهم التي جاؤوا منها، ومواصلة استهداف أوكار تهريب المهاجرين وضربها في كل مكان"، على حد تعبيره.

وأوضح الدبيبة، عبر صفحته على فيسبوك، أن ليبيا "كفيلة بتنظيم كلّ ما يتعلق بدخول الأجانب إليها"، مؤكدا على أن "الأمن القومي ‫الليبي خطّ أحمر، مؤكدا عدم السماح بتجاوزه تحت أي ظرف، حفاظا على البلاد وعلى خارطتها الديمغرافية".

"امتصاص ضغوط"

الخبير في قضايا الهجرة، مجدي الكرباعي، اعتبر أن خطوة إجلاء المهاجرين "تأتي بعد ضغوط دولية وأممية، من أجل تسوية أوضاعهم"، وذلك عقب الانتقادات الشديدة التي وجهت لـ"عمليات التهجير القسري التي قامت بها تونس، وتعامل سلطات البلدين مع مأساتهم".

ويضيف الكرباعي في تصريح لموقع "الحرة"، أن التنسيق الثنائي يسمح بتقاسم المهاجرين، من أجل إيوائهم وضمان حمايتهم في المناطق المتاخمة للحدود، غير أنه لفت إلى أن القرارا الأخير لا "يهدف إلى تسوية وضعيتهم القانونية ودمجهم في المجتمع"، بل يبقى هدفه "امتصاص الضغوط الدولية فقط".

ويعتبر الخبير التونسي أن تدبير حكومتي البلدين لملف الهجرة عموما "لا يراعي المواثيق الدولية وتشوبه اختلالات قانونية وأخلاقية".

وأوضح أن "المسؤولين بطرابلس وتونس يبذلان كل ما في استطاعتهما لدفع المهاجرين لتقديم طلبات نحو ترحيلهم بصفة إرادية نحو بلدانهم"، مشيرا إلى أن هذا التخطيط يحضر لدى المسؤولين وفي تصريحاتهم، وخاصة لدى الجانب التونسي بعد اتفاقية الهجرة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي".

ويشير  الكرباعي إلى أنه بالرغم من كون المهاجرين فروا من مناطق حرب ونزاعات، إلا أن دولا مثل تونس وليبيا "ليستا أكثر أمانا بالنسبة للمهاجرين"، لافتا إلى أن "سؤال مصير الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الحدود يبقى مجهولا، خاصة حول ما إن كانت العملية نهاية لمأساتهم حقا، أم مجرد بداية لمآسي أخرى".

"ملف معقد"

من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي، محمود الرملي، أن تدبير قضية المهاجرين كان "معقدا"، خاصة أن الوضع تحول إلى "مأساة إنسانية خلفت مقتل مهاجرين، وانضافت إلى باقي مآسي الهجرة بالمنطقة".

وشدد الرملي في تصريح لموقع "الحرة"، على ضرورة "سعي البلدين لتنزيل وتطبيق الاتفاقيات والقرارات الهامة التي توصلا إليها لتعزيز التعامل مع قضايا الهجرة على حدودهما".

ويضيف المحلل الليبي أن على "المجتمع الدولي والمنظمات الدولية مساعدة البلدين في تحمل الأعباء التي يفرضها ملف الهجرة وحلحلة قضاياهم، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر منها كلا البلدين".

وأوضح أن ليبيا "لوحدها تتحمل اليوم العبء الاقتصادي والاجتماعي لآلاف المهاجرين واللاجئين".

ولفت إلى أن "الرمال المتحركة بالسودان والنيجر تنذر بتفاقم الأوضاع في المنطقة وبتوافد موجات جديدة من المهاجرين واللاجئين الساعين للعبور إلى أوروبا عبر دول شمال أفريقيا".

وأضاف أن "هذه المتغيرات تستدعي حلولا استباقية لتفادي مآسي جديدة للمهاجرين".

 

  • المصدر: موقع "الحرة"

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة