Smoke billows amid clashes between armed groups affiliated with Libya's Tripoli-based Government of National Unity (GNU) in the…
صورة للدخان المتصاعد من إحدى مناطق العاصمة الليبية طرابلس خلال اشتباكات أغسطس الماضي - ارشيف

عاشت عدة أحياء بالعاصمة الليبية طرابلس ليل الإثنين الثلاثاء على وقع اشتباكات بين مجموعتين مسلحتين، هي السادسة من نوعها منذ توافق الأطراف السياسية الليبية في جنيف عام 2021 على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية. 

وتسببت الاشتباكات بين قوة الردع الخاصة و قوات اللواء "444"، التابعين للدولة، في وقوع قتلى وإصابات بين الطرفين، فيما قام جهاز  الإسعاف والطوارئ ومركز طب الطوارئ الليبيين بإجلاء عشرات العائلات العالقة من المناطق المتأثرة بالاشتباكات.

وعلى خلفية التوتر الأمني أعلنت مؤسسات تعليمية وإدارية بالعاصمة عن تعليق الدراسة والعمل الإداري ببعض مؤسسات الدولة، فيما علقت شركات طيران محلية الثلاثاء رحلاتها من وإلى مطار معيتيقة الدولي.

شرارة المواجهة

وبحسب الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الليبية، فإن شرارة المواجهات اندلعت بسبب اعتقال قوة الردع الخاصة آمر اللواء 444، محمود حمزة، في مطار معيتيقة الدولي بينما كان يعتزم مرافقة رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة في رحلة داخلية إلى مدينة مصراتة الليبية.

واستغرب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي واقعة إلقاء القبض على ضابط عسكري من قبل جهاز أمني قضائي، وليس الشرطة العسكرية صاحبة الاختصاص في مثل هذه الحالات. 

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر جانباً من الاشتباكات في أحياء عين زارة وطريق صلاح الدين وحي المركز الطبي، فيما نشر مغردون صورا لدبابات ومدرعات تحمل أسلحة مضادة للطائرات منتشرة في مناطق الاشتباكات.

وبالإضافة لمشاهد القتال، أعلن كل من جهاز الردع المسيطر في منطقة طريق الشط وسوق الجمعة عن أسر إفراد تابعين  للواء 444 الذي نشر بدوره مقاطع تظهر القبض على عدد من الأفراد التابعين لجهاز الردع. 

 وفي وقت لاحق تم الاتفاق على تسليم العقيد محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة ووقف الاشتباكات بعد اجتماع  عبدالحميد الدبيبة بأعيان بلدية سوق الجمعة وفق ما نقلته وكالة الأنباء الليبية.

أسباب متراكمة

وتعليقاً على تلك التطورات الأمنية، قال المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، إن الصراع ليس وليد اللحظة، مشيراً إلى اشتباكات مشابهة وقعت بين "قوة الردع الخاصة" واللواء 444 قبل 4 أشهر، على خلفية اعتقال أحد قيادات اللواء من قبل قوة الردع. 

وأضاف محفوظ في حديث لـ "أصوات مغاربية" أنه توقع تجدد الاشتباكات بين القوتين بسبب ما وصفها بحالة الاحتقان المستمرة بينهما منذ تلك الواقعة التي تدخلت أطراف وسيطة لحلحلتها. 

واستغرب المتحدث عدم تدخل رئيس المجلس الرئاسي الليبي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعبد الحميد الدبيبة الذي يشغل منصب وزير الدفاع، لمعالجة التوتر بين القوتين بشكل جذري ما أدى إلى تجدد المواجهات بينهما الثلاثاء.  

وأرجع الأسباب لعدم وجود سلطات قادرة على فرض هيبة الدولة على المجموعات المسلحة، واصفاً كل الأجسام السياسية الحالية بأنها جاءت نتيجة تسويات و"صفقات" حدثت في جنيف والصخيرات (المغرب) وليست نابعة من إرادة شعبية. 

ورأى ان اعتقال محمود حمزة خلال مرافقته لرئيس الحكومة دليل واضح على "عدم احترام" تلك المجموعات للسلطات الحالية باعتبارها ليست محل قبول ولا تمثل إرادة الشعب، بحسب المتحدث.

صراع خفي

من جانبه اعتبر  المحلل السياسي الليبي إبراهيم بالقاسم أن هناك صراعات وتقاطعات بين الأجهزة المسلحة تعود لعدة أسباب يتعلق بعضها بالصراع حول النفوذ أو بسبب التخبط في القرارات السياسية معتبراً ما يحصل حالياً أحد أشكال صراع البقاء بين مجموعتين متنافستين في طرابلس. 

ووصلت القوتان، اللتان تعدان الأكبر في الغرب الليبي، إلى هذه المرحلة بسبب التنافس المتصاعد بينهما منذ فترة حول مناطق النفوذ في العاصمة إلى جانب مسألة الحجم والتأثير والدعم  الاجتماعي لكل من الجهتين، بحسب ابراهيم بلقاسم. 

ورأى المتحدث، من جانب آخر، أن هناك صراعات بين "رجالات الظل" داخل حكومة الوحدة الوطنية الحالية  تتضح في المواقف المختلفة حيال التطورات الحالية، ويشير إلى وجود توجه لدى الحكومة لتقليص دور اللواء 444 الذي يتولى ملفات هامة جداً على رأسها  مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات وغير ذلك. 

قلق دولي ودعوات للتهدئة

وحذرت عدة أطراف دولية من التداعيات الوخيمة لهذه التطورات الأمنية على المدنيين، حيث ذكرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جميع الأطراف المعنية بمسؤوليتها بموجب القانون الدولي في حماية المدنيين.

وعبرت البعثة عن شعورها بالقلق إزاء التأثير المحتمل لهذه التطورات على الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية للنهوض بالعملية السياسية، بما في ذلك الاستعدادات للانتخابات الوطنية.

و دعت، في بيان على فيسبوك، إلى الوقف الفوري للتصعيد ووضع حد للاشتباكات المسلحة المستمرة،  مجددة دعوتها إلى جميع الأطراف للحفاظ على المكاسب الأمنية التي تحققت في السنوات الأخيرة ومعالجة الخلافات من خلال الحوار.

فيما دعا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيان إلى الوقف الفوري لإطلاق النار بالعاصمة طرابلس والاحتكام إلى لغة العقل، وذلك في بيانين منفصلين صدرا الثلاثاء. 

وشهدت العاصمة الليبية طرابلس عدة مواجهات مسلحة على مدى العامين الماضيين أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، وذلك رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020، كان آخرها المواجهات التي حدثت بسبب محاولات رئيس الحكومة المكلفة من قبل البرلمان، فتحي باشاغا، دخول العاصمة طرابلس العام الماضي.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة