Dancers and camel riders participate in a parade towards the Kassr el-Khald (former royal palace) in Libya's capital Tripoli on…
من فعاليات مهرجان التبو في ليبيا عام 2020

عاد ملف التبو ليعتلي المشهد الحقوقي والسياسي في ليبيا بعد اتهامات وجهها فاعلون إلى قوات المشير خليفة حفتر بـ"ارتكاب تجاوزات" في حق ذلك المكون، منذ أعلنت، الجمعة الماضي، عن عملية عسكرية قالت إنها  تهدف إلى "تطهير" مناطق جنوب البلاد من "الجماعات المسلحة" و"تأمين الحدود".

ونشر مدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات قالوا إنها "تظهر عمليات عسكرية استهدفت التبو في مدينة أم الأرانب في جنوب البلاد"، مشيرين إلى أن "العديد من العائلات هناك تعرضت إلى عملية تهجير  جماعي، فيما تم اعتقال البعض منها".

وفي سلسة تدوينات نشرها عبر حسابه في "فيسبوك"، مؤخرا، قال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي عن التبو، السنوسي حامد،  إن هناك "عمليات عسكرية تنفذها الوحدات العسكرية التابعة للمشير خليفة حفتر ضد سكان التبو في مدينة أم الأرانب بإقليم فزان، جنوب البلاد".

وأضاف حامد "غزت مليشيات تابعة لحفتر حي التبو يوم الخميس 24 أغسطس 2023 وقامت باقتحام البيوت ونفذت اعتقالات كما قامت بالاعتداء على النساء والأطفال، ونهبت السيارات والأموال"، مشيرا إلى أن "الأمر يتعلق بانتهاكات عرقية مستمرة".

مقابل ذلك، لم يصدر عن الجهات الرسمية في ليبيا أي تعليق  على ما أورده هؤلاء الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

يتألف التبو من قبيلتين أساسيتين هما التدّا والدازا، وهم رحل من ذوي البشرة السوداء ومختلفون عن الأمازيغ والطوارق.

وبحسب ما أفاد به الباحث في الشؤون الثقافية واللغوية لقبائل التبو في ليبيا، حامد آدم، في حوار سابق مع "أصوات مغاربية" "يتوزع التبو في كامل ليبيا بصفة عامة، غير أنهم ينتشرون بكثرة  بالجنوب وتحديدا في مرزق والقطرون وأوباري وسبها والكفرة".

تعرضت أقلية التبو للتهميش طيلة فترة حكم الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي وفي سنة 2008، جرّدتهم السلطات الليبية من الجنسية. 

وفي عام  2019 لقي أزيد من 40  شخصا محسوبين على التبو حتفهم وجرح أكثر من 60 آخرين في قصف استهدف مدينة مرزق جنوب البلاد، اتهمت قوات حفتر بتنفيذه. 

#أم_الأرانب #أم الأرانب استمرار عمليات اخلا الشركة الصينيه وفرحة اهل الجنوب قريبا #سبها #أوباري #كفرة #قطرون

Posted by ‎حقيقة التبو في الجنوب الليبي‎ on Saturday, August 26, 2023

وقد دان، وقتها، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية تلك العمليات، و"حمل قوات المشير خليف حفتر المسؤولية كاملة عن هذا العدوان وعن كل ما شهدته المدينة من اعتداءات وانتهاكات في فترة سابقة ".

واعتبر المجلس الرئاسي حينها أن حفتر "يحاول إشعال الفتنة والنزاعات بين المكونات الاجتماعية في المدينة".

"اعتقالات وتهجير"

وتعليقا على الموضوع، قال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي عن التبو، السنوسي حامد، إن "ما يجري حاليا في مدينة أم الأرانب بإقليم فزان، جنوب البلاد، يعد تكملة لنفس المشروع الذي شرع فيه المشير خليفة حفتر في سنة 2019".

وأفاد المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية" بأن "قوات الجيش الليبي قامت، منذ الجمعة الماضي، باقتحام الحي الصيني بمدينة الأرانب واعتقلت العديد من العائلات، كما قامت بفصل أطفال عن أمهاتهم في مشهد مأساوي".

وأضاف بأن "العديد من سكان التبو تعرضوا إلى عمليات تهجير جماعي من المنطقة بعدما تعرض الحي الذين يقيمون فيه إلى حصار عسكري"، مؤكدا "تسجيل العديد من الجرحى"، كما صرح بأنه "لم يتوصل لحد الساعة بأية معلومة رسمية تفيد بوقوع قتلى".

وأكد السنوسي أن "العلاقة بين التبو وقوات المشير خليفة حفتر متوترة منذ وقت طويل" وتحدث عن "وجود نزاعات أخرى بينهم وبين قبائل ليبية تقطن في مناطق مجاورة من الجنوب الليبي".

وتساءل عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، الممثل لمكون التبو، عن خلفيات ما وصفه بـ"السكوت المطبق للسلطات الليبية حيال ما يجري في مدينة أم الأرانب"، مستبعدا "تحرك حكومة الوحدة الوطنية أو تلك المتواجدة في منطقة بنغازي بالنظر إلى السياسة العنصرية والتمييزية التي ارتكبتهما في السابق ضد التبو بخصوص توزيع المناصب والمسؤوليات" بحسب تعبيره.

وطالب المتحدث في المقابل بـ"ضرورة التحرك الفوري لممثل البعثة الأممية عبد الله باتيلي وسفير الاتحاد الأوروبي من أجل وقف التجاوزات في حق سكان التبو".

"أزمة معقدة" 

في المقابل يبدي البعض تحفظات بشأن "نشاط وولاءات" سكان التبو في ليبيا بالنظر إلى العديد من الأحداث التي عاشتها منطقة الجنوب الليبي في السنوات الأخيرة.

وفي هذا الإطار، قال الناشط السياسي والمترشح السابق للرئاسيات في ليبيا، سلميان البيوضي، إن "أزمة التبو  معقدة ومتداخلة وهي مرتبطة بثقافة الترحال في الصحراء".

وتابع البيوضي أن "العديد من سكان إقليم أوزو تنازلوا عن جنسياتهم الليبية بعد الحرب ضد الحكومة التشادية بين عامي 1981 و1987، وبموجب استفتاء أممي قرروا أن يكونوا تشاديين، ما جعل ليبيا تتنازل عن هذا الإقليم"، مشيرا إلى أن "هؤلاء يشكلون اليوم أعدادا كبيرة ومنهم من دخلوا إلى ليبيا رفقة قبائل أخرى، خاصة الواجنكا والقرعان وتمددوا في البلاد حتى سبها ومرزق وغيرها".

وقطاع أوزو هو مساحة جغرافية يمتد شمال تشاد على طول الحدود مع ليبيا، يبلغ طوله أزيد من 900 كيلومتر، ويتوسع جنوبا إلى عمق 100 كيلومتر ويختلف عرضه من منطقة إلى أخرى.

وقال البيوضي إن المطلوب حاليا هو "ضرورة مراجعة السجل المدني والأرقام الوطنية المزورة لفرز المواطن الليبي الحقيقي عن الدخيل، وهو أمر معقد ويحتاج إلى سلطة موحدة حقيقية قادرة على الحسم في هذا الملف". 

ويرى المتحدث ذاته أن "العمل الأمني القائم حاليا في منطقة الجنوب الليبي لا يشكل أي خطر أو عائق على التسوية السياسية فهو غير مرتبط بها، وهو متعلق بتأمين الحدود الليبية مع تشاد والنيجر في ظل ما يشهده الساحل الأفريقي من تجاذبات داخلية بين الدول" في حين أن "الأزمة السياسية الليبية تدور حول المركز" وفق تعبيره.

تحذيرات حقوقية

وتحذر أوسط حقوقية في ليبيا من تداعيات حدوث أي تجاوزات حقوقية في حق سكان التبو خلال العملية العسكرية التي تقودها حاليا قوات حفتر في منطقة الجنوب.

واعتبر المستشار القانوني للمنظمة الليبية لحقوق الإنسان، أبو عجيلة علي العلاقي، أن "ذلك من شأنه أن يؤزم الملف الحقوقي أكثر في البلاد ويعمق أكثر تفكك فئات المجتمع".

وقال أبو عجيلة في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "قد يكون جزء مما يشاع حول التجاوزات المسجلة في حق سكان التبو حاليا صحيح، وهو ما دفعنا لمتابعة هذا الملف عن كثب".

وأكد أبو عجيلة أن "العملية العسكرية الجارية حاليا في الجنوب الليبي تهدف إلى تطهير المنطقة من الجماعات المسحلة التي تحاول استفزاز السلطات المركزية"، مستبعدا "وجود نية لدى قوات الجيش لاستهداف سكان التبو على أساس العرق أو شيء من هذا القبيل".

وكشف المستشار القانوني للمنظمة الليبية لحقوق الإنسان أن "هيئته وجهت نداء إلى وحدات الجيش من أجل التقيد بكل النصوص القانونية التي تؤطر مثل هذه العمليات العسكرية، خاصة اتفاقية جنيف التي تحرص على المعاملة الجيدة لأسرى وجرحى الحروب".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة