Rachid Talbi Alami, Speaker of the Moroccan House of Representatives, holds a meeting with his Israeli counterpart, Amir Ohana,…
المغرب هو البلد المغاربي الوحيد حاليا الذي تجمعه علاقات رسمية مع إسرائيل

أثارت الأزمة التي أعقبت إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي إيدي كوهين عن اتصالات "سرية" أجراها في روما مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، الأحد الماضي، سجالا داخل ليبيا وخارجها، بما في ذلك البلدان المغاربية.

وأدى الكشف الإسرائيلي عن الاتصالات مع ليبيا إلى سلسلة ردود أفعال ما زالت متواصلة في هذا البلد المغاربي،  أسقطت حتى الآن  المنقوش، فيما تطالب أطراف داخلية على رأسها مجلس النواب بإسقاط حكومة الدبيبة برمتها. 

ودفعت الواقعة التي ما زالت تطوراتها تتفاعل إلى طرح أسئلة بشأن ما إذا كان ما حدث قد أجهض أي محاولة مستقبلية لإسرائيل قصد تطبيع علاقاتها بالبلدان المغاربية، على غرار ما حدث في المغرب.

هذا ما أكده مسؤولون في جهاز الموساد وقيادات من اليسار الإسرائيلي المعارض انتقادات شديدة لسلوك كوهين، الذي تسبب، وفق ما يرون، في "أضرار جسيمة للعلاقة بين إسرائيل وليبيا"، واصفين إياه بأنه يمثل "ليس انتهاكا للثقة لمرة واحدة، بل إنه ينعكس على العديد من الدول، وآفاق تطوير العلاقات معها في المستقبل"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية الثلاثاء. 

دوافع كوهين

بالنظر إلى المسار الذي سبق إعلان إسرائيل التوصل إلى "اتفاقية أبراهام" مع بلدان مغاربية، والذي ظل يتسم بالسرية إلى حين كشف التفاصيل بشكل علني بعد ترتيبها والانتهاء منها، يطرح ما حصل إبان المحادثات مع ليبيا نقاشا حول ما إذا كان ذلك سيمنع دولا، بما فيها المغاربية، من التنسيق مستقبلا مع إسرائيل لبحث أية آفاق ممكنة في العلاقات المشتركة.

طريقة الاشتغال "السرية" و"الفعالة" هاته يشرحها المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، الذي يوضح أن الاتصالات التي تجريها إسرائيل مع دول لا تربطها بها علاقات دبلوماسية عادة ما تجريها جهات أمنية مثل جهاز "الموساد أو جهات أخرى، ليست وزارة الخارجية الإسرائيلية، باعتبار الأخيرة جهة علنية وليست سرية". 

وأضاف شتيرن في حديث لـ"أصوات مغاربية" أنه "عندما يجتمع وزيرا خارجية من الطرفين فإن هذا يعني أن النية متجهة بأن تكون العلاقة علنية وأن يكون لها بعد دبلوماسي بعيداً عن الاتصالات السرية". 

وتابع شتيرن قائلا "في ظل حقيقة أن الدول العربية تفضل أن تظل الأمور سرية، فإن الأمر في هذه الحالة يكون حسب اختيار وزير الخارجية الإسرائيلي، إما  الإبقاء على الأمور سرية وأن يقدم نفسه كطرف يمكن الاعتماد عليه ويمكن إجراء اتصالات سرية معه على المدى البعيد، أو أن يفضل المدى القصير، والاختيار الأخير هو ما حدث بالفعل"، قاصدا مع حدث من تسريب لتفاصيل الاجتماع مع المنقوش.

وتركزت الانتقادات التي واجهها الوزير كوهين في الداخل حول خشية الجانب الإسرائيلي من تردد أو إلغاء أطراف عربية أخرى، وبينها مغاربية كانت تقارير إعلامية رشحتها لتكون المقبلة في قائمة البلدان المطبعة مع إسرائيل، في إجراء اتصالات مشابهة مع الجانب الإسرائيلي. 

وتعليقاً على هذه النقطة رأى شتيرن أن هناك سببا وراء انخراط بعض الدول العربية في اتصالات مع إسرائيلي، من قبيل المصالح المشتركة بين الجانبين وهو ما ينطبق على الحالة الليبية أيضا.  

أما "الدرس المستفاد" مما حدث مؤخراً، بحسب شتيرن، فيتمثل في "أن تختار الدول التي ليست لها علاقة علنية مع إسرائيل جهات أخرى للتواصل بعيداً عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، إذا كانت ترغب في الإبقاء على اتصالاتها سرية".

وبالنسبة للجانب الإسرائيلي، وخاصة الجهات التي تعمل على الملف الليبي منذ زمن فقد تعلمت الدرس هي الأخرى، وهو أن هذا النوع من العمل يجب أن يكون عبر الأجهزة الامنية بعيداً عن وزارة الخارجية، يقول شتيرن.   

قانون المصالح

وباستثناء المغرب، لا ترتبط أي من البلدان المغاربية حالياً بعلاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل، بالرغم من أن موريتانيا كانت قد طبعت علاقاتها مع إسرائيل عام 1999 لكنها عادت وقطعت تلك العلاقات بشكل كامل بعد ذلك بنحو 10 سنوات. فهل يردع ما حدث مع ليبيا موريتانيا من التفكير في إعادة هذه العلاقات؟

في هذا الصدد، يرى المحلل السياسي الموريتاني، سيدي محمد ولد عبدو، أنه "من حيث المبدأ لا توجد رغبة لدى دول المنطقة في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في الوقت الراهن، لأسباب على رأسها الخلفية الدينية للشعوب وكذلك اعتبار القضية الفلسطينية قضية مبدأ بالنسبة للعرب بغض النظر عن الدين". 

وأضاف ولد عبدو،  في حديث لـ "أصوات مغاربية"، أن هناك سببا آخر يضاف إلى الأسباب السابقة وهو "الخوف من مسألة التدخل أو إسقاط الأنظمة في بعض البلدان ما تعرف بعقدة المؤامرة تجاه الدولة الإسرائيلية وليس بالضرورة الشعب اليهودي بالكامل".

ولفت المحلل الموريتاني إلى أن بعض دول المنطقة تحتفظ بـ"مستوى معين" من التواصل مع إسرائيل "تقتضيه المصالح أو الضرورة رغم غياب الرغبة في التطبيع لدى تلك الدول"، مردفا "في النموذج المغربي، الرباط لديها مبرراتها من قبيل استجلاب الاعتراف الأميركي والإسرائيلي بمسألة الصحراء، إضافة لكون المغرب يحتفظ بجالية يهودية كبيرة تعيش هناك منذ زمن بعيد". 

استمرارية على المدى البعيد

في الجهة المقابلة، تتركز المخاوف لدى البعض في الداخل الإسرائيلي حول إمكانية أن يؤدي ما حدث في ليبيا إلى إلغاء أو تردد دول مغاربية وعربية أخرى في التواصل مع إسرائيل خشية ردود الفعل نفسها التي واجهتها حكومة الدبيبة. 

غير  أن المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن يستبعد أن يكون لما حدث تأثير على المدى البعيد، مبررا موقفه بالقول "اتصالات الدول مع الجانب الإسرائيلي لا تنبع من منطلق حب إسرائيل أو حب الصهيونية، وإنما من واقع مصالح تتطلع هذه الدول إلى تحقيقها عبر هذه النوعية من الاتصالات".

وفي موضوع الكشف عن تفاصيل المناقشات، يرى المتحدث أن ذلك "مسألة توقيت"، كما أن "رغبة هذه الدول في السيطرة أو التحكم في  توقيت الإعلان أمر مفهوم جداً، والأهم بالنسبة لموضوع الاتصالات والتوقيت فإن المصالح هي التي تحكم بغض النظر عن ما حدث مع الطرف الليبي".

 

المصدر: أصوات مغاربية  

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة