صورة للعقيد معمر القذافي أثناء ثورة 17 فبراير
صورة للعقيد معمر القذافي بها ثقوب رصاصات أثناء ثورة 2011

خرج عدد من أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في بعض المناطق ملوحين بالأعلام الخضراء وصور "القائد" بمناسبة الذكرى 54 لاستيلائه على السلطة في عام 1969، وذلك رغم مرور أكثر من عقد على سقوط نظامه في خضم ثورات الربيع العربي.

و قاد القذافي في مثل هذا اليوم انقلاباً عسكرياً على حكم الملك الليبي الراحل محمد إدريس السنوسي (1951 - 1969) ثم حول نظام الحكم بالبلاد إلى "جماهيرية" عاشت البلاد في ظله لأربعة عقود يصفها معارضوه بالفوضى الإدارية والفساد وحكم الفرد المطلق.

كيف استقبلها البعض

ورغم أن الاحتفاء بالنظام السابق يعد من الأمور المحظورة في ليبيا اليوم، ما زال بعض مؤيديه يصرون على إظهار ولائهم له زاعمين أن جهات أمنية قامت بملاحقتهم خلال اليومين الماضيين لمنعهم من الاحتفال بما يطلقون عليه "عيد الفاتح".

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تظهر مؤيدين للقذافي وهم يحملون رايات خضراء وصور العقيد في بعض المدن وعلى رأسها بني وليد (غرب)، و سبها (جنوب)ا، إضافة إلى مدينة سرت (مسقط رأس القذافي) في وسط البلاد.

وباستثناء الاحتفالات الخجولة، مر الأول من سبتمبر هذا العام على ليبيا كغيره من السنوات القليلة الماضية وسط حالة قطيعة تامة مع إرث "الجماهيرية" في صفوف غالبية الليبيين الذين أيدوا الثورة التي أطاحت بنظام القذافي عام 2011.

ومقابل المحتلفين، يعتبر كثير من الليبيين يوم انقلاب القذافي على النظام الملكي في الفاتح سبتمبر 1969 يوماً "مشؤوماً" في تاريخ البلاد لانه أسقط النظام الملكي بطريقة غير ديمقراطية وألغى الدستور ليحكم البلاد بعد ذلك بـ"مزاجه الشخصي".  

وتشهد ليبيا فوضى أمنية وانقساما سياسيا بين حكومتين إحداهما تسيطر على غرب البلاد والأخرى على الشرق وكلاهما تدعيان الشرعية من صلب ثورة 17 فبراير التي أيدتها غالبية المناطق باستثناء تلك المعروفة تاريخيا بولاء سكانها للنظام السابق.

لماذا يؤيدونه؟

وعلى مدى 42 سنة قضاها في الحكم، سعى القذافي لتأسيس نظام حكم (فريد) قائم على مبدأ أن "السلطة بيد الشعب" الذي يمارسها من خلال "مؤتمرات شعبية" تضم ممثلين عن كل المناطق، وفقاً لنظريته الواردة في "الكتاب الاخضر" وروج لها على أنها النظام "الأمثل" لخلاص البشرية من الأنظمة التقليدية.

وتطبيقاً لفلسفته، منع القذافي إقامة الأحزاب السياسية في البلاد وفق قانون "تجريم الحزبية" عام 1972، الذي يعتبر أن تكوين الأحزاب "خيانة في حق الوطن"، كما منع تبني أية أفكار سياسية مخالفة كالشيوعية والرأسمالية باعتبارها أفكاراً "رجعية". 

ورغم الشعارات التي فرضها القذافي على مدى سنوات حكمه، يصفه معارضوه بأنه كان "ديكتاتورا مطلقا"، حكم البلاد بشكل فردي ونشر فيها "الفوضى" والفساد، إضافة إلى توريطها في قضاياً وملفات خارجية أدت إلى عزل البلاد دولياً وإقليمياً.

ويستدل هؤلاء بخلو البلاد من أية معارضة ساسية أو آراء مستقلة خلال فترة حكم القذافي الذي أطلق على نفسه لقب "ملك ملوك إفريقيا" وزج بآلاف المخالفين له في السجون أو دفع بهم إلى ساحات الإعدام بعد وصفهم بالـ"الكلاب الضالة".

بالمقابلن يتمسك أغلب مؤيدي القذافي بولائهم له شخصياً وإيمانهم بأفكاره التي يرون أنها "تحررية" ومناصرة لقضايا العرب والمسلمين، فيما يعزو قسم آخر من مؤيديه إصرارهم على موقفهم إلى حالة "الأمن والاستقرار " التي كانت موجودة خلال فترة حكمه، مقابل الفوضى والانقسام الحاليين.  

ماذا تبقى من إرث القذافي

وبين الرأيين المؤيد والمعارض للاحتفال بيوم "الفاتح سبتمبر"، يرى كثير من الليبيين أن فترة حكم القذافي ما زالت تلقي بظلالها على البلاد رغم مرور 12 سنة على مقتله في 20 أكتوبر 2011 وانتهاء حكمه للأبد.

ويرى المحلل والناشط السياسي الليبي، أحمد الساعدي، أن القذافي حكم ليبيا أكثر من 4 عقود عاشتها في "حالة فوضى" ما زالت تبعاتها قائمة إلى اليوم، مشيراً إلى أن التخلص من "إرث القذافي" بالكامل ليس بالأمر الهين.

وبحسب المتحدث فإن أفكار القذافي مازالت تسيطر على سلوكيات بعض النخب السياسية في ليبيا حالياً وينعكس ذلك في حب السيطرة والنزعة إلى الانفراد وإقصاء الخصوم السياسيين بالقوة.

ويتطلع الليبيون إلى إجراء انتخابات تؤسس لحياة ديمقراطية واستقرار حقيقيين من أجل الوصول إلى حالة "قطيعة حقيقية" مع نظام القذافي والفوضى التي عاشتها البلاد لعقود بسبب أفكاره، كما يراها هؤلاء.

وتسعى الأمم المتحدة ومعها المجتمع الدولي للتقريب بين الأطراف الليبية المتنازعة بهدف وضع حد للعنف وإنهاء حالة الانقسام الحالية من خلال إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية للوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقر ار وبناء الدولة.

كما تعمل جهات داخلية وخارجية على تحقيق مصالحة وطنية تشمل الجميع بمن فيهم من تبقى من مؤيدي العقيد القذافي، وقد بدأت خطواتها بالفعل منذ فترة من خلال "مؤتمر المصالحة الوطنية الشاملة" الذي نظمه المجلس الرئاسي الليبي قبل أشهر بدعم ورعاية من الاتحاد الإفريقي. 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة