تتواتر أخبار الاعتقالات التي يتعرض لها أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، منذ مطلع الشهر الحالي، على خلفية احتفالاتهم بذكرى "ثورة الفاتح"، خاصة في مدينة سرت (وسط البلاد)، مسقط رأس القذافي وموطن قبيلة القذاذفة التي ينحدر منها.
وبحسب وسائل إعلام ليبية فقد تعرض 30 شخصا من أبناء قبيلة القذاذفة للاعتقال من طرف قوات تابعة للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الذي يتخذ من شرق ليبيا مقراً له وتقع سرت ضمن مناطق سيطرته.
خلفيات الاعتقال
وتتهم قيادات ونشطاء من قبيلة القذاذفة قوات اللواء "طارق بن زياد" التي يقودها صدام نجل المشير حفتر، بالضلوع في عمليات اعتقال وإخفاء قسري وهدم للمنازل بناء على الهوية و الانتماء السياسي.
وتداولت مواقع إخبارية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام مقاطع فيديو يعتقد أنها تصور قوات اللواء طارق بن زياد وهي تلاحق أفرادا بسبب احتفالهم بذكرى 1 سبتمبر، تاريخ انقلاب القذافي على ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي في 1969.
شاهد | مطاردات ورصاص .. مليشيات حفتر تعتدي على المحتفلين بتاريخ انقلاب سبتمبر في مدينتي #سرت و #سبها#قناة_فبراير | #ليبيا pic.twitter.com/Ag4VoaVn5k
— قناة فبراير (@FebruaryChannel) September 1, 2023
واحتفل أنصار القذافي في مناطق ليبية بينها سرت وبني وليد الأسبوع الماضي بالذكرى 54 لـ"ثورة الفاتح"، عبر الظهور إلى الشوارع وحمل صور القذافي والتلويح بالرايات الخضراء التي ترمز لنظامه.
وذكر مصدر من داخل مدينة سرت لتلفزيون "ليبيا الاحرار" أن عمليات الاعتقال التي تشهدها المدينة تجرى "بشكل مقصود للمنتمين لقبيلة القذاذفة سواء أكان بسبب الهوية أو الانتماء السياسي"، في إشارة إلى تأييد الأشخاص المستهدفين لسيف الإسلام، نجل العقيد القذافي، واحتفالهم بذكرى "ثورة الفاتح".
وبعد 12 عشر عاماً على مقتله وإطاحة نظامه، مازال هناك موالون للقذافي في ليبيا خاصة في مدن عرفت بولائها له أيام حكمه، مثل مدن بني وليد وسرت (وسط) وأجزاء من مدينة سبها ومناطق أخرى في جنوب البلاد.
قلق و إدانة
وعلى خلفية الأحداث الجارية في سرت، أعربت منظمة "رصد الجرائم في ليبيا" عن قلقها إزاء عمليات الاعتقال و"اقتحام" منازل المعتقلين في سرت من قبل كتيبة "طارق بن زياد"، مطالبة السلطات بالإفراج الفوري عنهم.
وكانت "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" أعربت عن إدانتها واستنكارها حيال "التقارير والمعلومات التي تُفيد باختطاف واحتجاز تعسفي خارج إطار القانون لعددٍ من المواطنين بمديني سرت وطرابلس.
المجلس الاجتماعي لقبيلة القذاذفة يُندد في بيان، بممارسات حفتر ضد أبناء القبيلة في مناطق #سرت: لن نقوم بأي عمل لا يتماشى مع ثوابتنا
— ليبيا برس (@libyapress2010) September 4, 2023
البيان: تعاملنا بكل تعقل وتمهل إزاء الإجراءات المؤسفة التي تعرض ويتعرض لها أبناء القبيلة. #ليبيا pic.twitter.com/ahf39JLl5X
وقالت اللجنة، في بيان أصدرته قبل يومين، إنها سجلت اعتقال 27 مواطناً من قبل جهاز الأمن الداخلي بمدينة سرت، وعناصر من قوات حفتر، خلال الفترة من 15 أغسطس إلى 2 سبتمبر الجاري، "على خلفية آرائهم ومواقفهم السياسية.
كما أدان المجلس الاجتماعي لقبيلة القذاذفة "ممارسات حفتر ضد أبناء القبيلة"، مضيفاً انه تعامل بتعقل وتمهل إزاء "الإجراءات المؤسفة" التي يتعرض لها أبناء القبيلة.
من هم أنصار القذافي
ولا توجد إحصائية دقيقة للعدد الفعلي لمن ما زالوا يناصرون نظام معمر القذافي، لكن المحلل السياسي الليبي أحمد الساعدي وصفهم بأنهم "أقلية" مقارنة بغالبية الشعب الذي خرج ضد القذافي إبان ثورة 17 فبراير 2011.
وأضاف الساعدي في حديث لـ "أصوات مغاربية"، أن عدد أنصار القذافي "غير ثابت"، مشيراً إلى أنه يزيد أو ينقص حسب إحساس هؤلاء تجاه السلطة القائمة ورضاهم على الظروف الاقتصادية والأمنية في البلاد "وهذا لا ينفي وجود من يؤيدوه مبدئيا وبغض النظر عن الظروف، لكنهم قلة".
#بني_وليد.. المشير فرج المعلولي يبعث برسالة شديدة اللهجة إلى المشير خليفة حفتر بسبب حصاره لمدينة #سرت واعتقال أبناء قبيلة القذافة. pic.twitter.com/b1nw9YEpzE
— ليبيا لايف (@libyalive218) September 3, 2023
ولفت إلى أنه، بغض النظر عن الدوافع، فإن أغلب مؤيدي القذافي ينحصرون في مناطق وقبائل معينة معروفة بولائها التاريخي له "إما بحكم القرابة أو التحالف القبلي"، بحسب المتحدث.
وبخلاف الظاهر، يعتقد البعض أن "حملة" قوات حفتر على مؤيدي القذافي ليست بسبب احتفالاتهم الظاهرية بما يسمونه "عيد الفاتح"، وإنما بسبب الخشية من تقوية التيار المؤيد لترشح سيف الإسلام القذافي لرئاسة البلاد.
وقدم سيف الإسلام القذافي أوراق ترشحه للانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021، منافساً للمشير حفتر، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وغيرهم، غير أن الموعد المذكور تعثر بسبب الخلاف على المرشحين.
المدعي العام العسكري اللواء مسعود رحومة يوجه طلبا إلى المفوضية الوطنية للانتخابات بإيقاف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر للرئاسة إلى حين امتثالهم للتحقيق في التهم المسندة إليهم. pic.twitter.com/0M3fc5FqON
— تك يحرق كل شي (@tkyroogklshytk) November 21, 2021
وفي هذا الخصوص، يرى المحلل السياسي أحمد الساعدي، أن رغبة حفتر في "طمس" سيف القذافي تمثل جزءا من سبب ملاحقة قواته لأنصار الأخير، لكنه يشير من جهة أخرى إلى أن هناك "مبالغة كبيرة" وتضخيم لقدرة سيف الإسلام على الفوز بالانتخابات بالنظر لمحدودية شعبيته.
وتشهد نهاية شهر أغسطس وبدايات سبتمبر من كل عام تحركات مماثلة لأنصار القذافي وسط ملاحقة واعتقال خاصة في سرت والجنوب الواقعتين تحت سيطرة قوات المشير حفتر، فيما يتمتع نظراؤهم في المناطق الخارجة عن نطاق سيطرته بنوع من الحرية.
المصدر: أصوات مغاربية