هل باتت البلدان المغاربية مهددة بالكوارث الطبيعية؟ (صورة مركبة)
هل باتت البلدان المغاربية مهددة بالكوارث الطبيعية؟ (صورة مركبة)

خلفت العاصفة التي ضربت ليبيا والزلزال الذي هز المغرب نهاية الأسبوع الماضي قلقا في باقي الدول المغاربية التي لم تعد وفق خبراء بمعزل عن مخاطر الكوارث الطبيعية التي يرتبط بعضها بالتغيرات المناخية التي يشهدها  العالم.

وتستمر جهود الإغاثة في ليبيا وسط توقعات بارتفاع حصيلة الضحايا بعد أربعة  أيام من العاصفة "دانيال" التي ضربت شرق البلاد، إذ أدت الفيضانات الناجمة عنها إلى آلاف الضحايا من قتلى ومفقودين ومصابين ومشردين.

بدورها، تسابق فرق الإنقاذ في المغرب الزمن بحثا عن ناجين محتملين تحت الأنقاض بعد الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز ومناطق أخرى وسط البلاد والذي خلف 2946 قتيلا و5674 جريحا وفق آخر حصيلة رسمية تم الإعلان عنها مساء الأربعاء. 

ويحذر خبراء من مخاطر التغييرات المناخية التي يشهدها العالم على المنطقة المغاربية مستقبلا، إذ  يرى البعض أنها ليست في مأمن من الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير إضافة إلى الزلازل بالنسبة للمناطق التي شهدت نشاطا زلزاليا في السابق.

"ظواهر طبيعية متطرفة" 

وفي هذا الإطار، يرى الخبير في البيئة والتنمية المستدامة، التونسي عادل الهنتاتي، أن دول شمال أفريقيا وخاصة الدول المغاربية كتونس والمغرب وليبيا والجزائر أصبحت مهددة بالظواهر الطبيعية المتطرفة والأعاصير والفيضانات بفعل التغيرات المناخية.

وأضاف الهنتاتي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "إعصار دانيال الذي تشكل شرق المتوسط وضرب مدينة درنة الليبية مؤشر فعلي على أن الدول المتوسطية التي لم تعرف سابقا مثل هذه الظواهر ستكون مستقبلا في مواجهة مع هذه الكوراث الطبيعية كبقية دول العالم".

وبحسب الهنتاتي فإن "تونس من بين الدول المغاربية المهددة بقوة بالفيضانات والأعاصير مستقبلا" داعيا الجهات الرسمية إلى تهيئة البنى التحتية والاستعداد جيدا للتخفيف من حجم الخسائر المحتملة.

أما بخصوص الزلازل، فيؤكد الخبير التونسي أنه "يصعب توقع حدوثها رغم التطور التكنولوجي" مستدركا بأن "دولا كالمغرب والجزائر تظل معرضة أكثر من غيرها لهذه الظواهر نظرا لكونها عرفت نشاطا زلزاليا قديما".

"مخاطر وقوع تسونامي"

وتؤيد خبيرة البيئة والمناخ الجزائرية بسمة بالبجاوي ما ذهب إليه الهنتاتي، إذ ترى أن عدة مدن جزائرية كالجزائر العاصمة وعنابة وقسنطينة ووهران "معرضة لخطر وقوع الزلازل باعتبار وقوع الجزائر على الصفيحة الزلزالية الأفريقية التي تتصادم مع الصفيحة الأوروبية".

وتبعا لذلك، توقعت بالبجاوي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" وقوع زلازل "في السنوات القادمة في شمال الجزائر"، مضيفة أن المدن المذكورة "معرضة لمخاطر وقوع التسونامي الذي قد يضرب عمق البحر الأبيض المتوسط ما يتسبب في أمواج مد عالية تضرب سواحل الجزائر والدول المغاربية بصفة عامة".

وفي ما يخص تداعيات التغيرات المناخية، ترى الخبيرة الجزائرية أن كل الدول المغاربية ودول الساحل "باتت مهددة بها بفعل الانخفاض الرهيب في التساقطات وارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى 50 درجة مئوية في الشمال إضافة إلى بروز بعض الظواهر كـ"النينيو""

وتابعت المتحدثة أن الحرارة تشتد من سنة إلى أخرى ما يؤدي إلى ظهور قبب حرارية مع فيضانات في فصل الخريف وهو ما يجعل هذه الدول في مواجهة مخاطر الأمطار الطوفانية والأعاصير.

ولمواجهة هذه التحديات، أوضحت المتحدثة ذاتها أن "الدول المغاربية يجب أن تتخذ حزمة من الإجراءات سواء في السياسات البيئية أو من خلال تعزيز التعاون الدولي فيما بينها لتفادي أزمات مناخية قادمة لا محالة" وفق تعبيرها.

"الطبيعة ليست على ما يرام" 

بدوره، أكد الخبير الجيولوجي المغربي لحسن الكبيري أن المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية "أصبحت واقعا ملموسا بفعل التقلبات التي تعرفها الطبيعة في كل أنحاء العالم"، مشيرا إلى فيضانات ليبيا بوصفها "تعبير حقيقي عن أن الطبيعة ليست على ما يرام".

ونبه الكبيري في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى أن "هذه الظواهر  التي تعكس مسعى من الطبيعة لإعادة نظامها وتوازنها يجب أن تدرس بشكل معمق من الخبراء لبحث أسباب بروزها وطرق تفادي مخاطرها".

وبخصوص الزلازل ورغم أنه شدد بدوره على عدم القدرة على التنبؤ بوقوعها فقد أكد المتحدث أنها بدورها تعكس رسالة مفادها أن "الطبيعة ليست على ما يرام".

وفي هذا الصدد قال "الزلازل كما وقع عندنا في المغرب ظاهرة طبيعية يصعب التنبؤ بوقوعها لكن من الثابت أنها تعكس أن حالة الطبيعة ليست على ما يرام ولم تعد كما كانت سابقا بفعل هذه التغيرات".

  • المصدر : أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

وصف تبون زيارة ماكرون إلى الجزائر بـ"الناجحة"
الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون خلال زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر قبل أكثر من عام

بعد أشهر من "الفتور الدبلوماسي" بين الجزائر وفرنسا، جرى ثاني لقاء رسمي - في ظرف أسبوع - بين الطرفين، الخميس، عندما سلّم سفير فرنسا الجديد بالجزائر ستيفان روماتي أوراق اعتماده للرئيس عبد المجيد تبون، كما نقل له "رسالة خاصة" من نظيره الفرنسي الرئيس ماكرون، وفق تصريحاته للتلفزيون الجزائري.

وقال روماتي "لقد أعلمت الرئيس تبون بالموقف الذي تتبناه فرنسا في علاقتها مع الجزائر.. إنها علاقة ذات كثافة متميزة تجعل من فرنسا والجزائر مع بعضهما بحكم التاريخ والجغرافيا، كما أن المستقبل يفرض علينا العمل المشترك أيضا".

"حوار تسوده الثقة"

ودعا السفير الفرنسي إلى "تبني حوار تسوده الثقة بين البلدين حول جميع التحديات الكبرى، التي تؤثر على بيئتنا، وضرورة خلق علاقة جوارية بين بلدينا، ووضع أجندة مشتركة والاستفادة من وجود الجزائر في مجلس الأمن، لتكثيف حوارنا حول كبرى المسائل السياسية".

ولم يكشف روماتي عن فحوى الرسالة التي نقلها للرئيس الجزائري، والتي وصفها بالخاصة، وهذا أول تواصل غير مباشر بين الرئيسين منذ مارس الفارط، عندما أعلم تبون ماكرون بقرب عودة السفير الجزائري إلى باريس بعد استدعائه، على خلفية اتهام السلطات الجزائرية السفارة الفرنسية في الجزائر بـ"تهريب" الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي.

وإلى اللحظة لم يتم تحديد موعد لزيارة الرئيس تبون إلى باريس، بعد تأجيلها مرتين، وقد صرح تبون في آخر لقاء له مع الصحفيين الجزائريين في أغسطس الماضي بأن الزيارة "لاتزال قائمة، ننتظر برنامج الزيارة إلى فرنسا من قبل الرئاسة الفرنسية".

لقاء رسمي سابق

والأسبوع الماضي جرى أول لقاء رسمي بين الطرفين بباريس، منذ مارس الفارط، عندما انعقدت أشغال الدورة العاشرة للمشاورات السياسية الجزائرية الفرنسية، برئاسة الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية لونّاس مقرمان، مناصفة مع نظيرته الفرنسية آن ماري ديكوت "سمحت للطرفين بإجراء تقييم مرحلي استعدادا للاستحقاقات الثنائية المرتقبة، مع التركيز على الملفات ذات الأولوية في مجال التعاون الثنائي"، حسب بيان للخارجية الجزائرية.

وتمر العلاقات بين البلدين بـ"فتور دبلوماسي" نتيجة أحداث عديدة، كان آخرها مطالبة رسميين فرنسيين بمراجعة اتفاقية الهجرة لسنة 1968، وهو ما ترفضه الجزائر، كما يشكل الملف الذاكرة التاريخية حجر العثرة الأكبر في تحسن العلاقات الثنائية، نتيجة تشبث كل طرف بمطالبه.

أستاذ التاريخ في جامعة سطيف (شرق الجزائر)، الدكتور العكروت خميلي، قال لـ"أصوات مغاربية"، إن "الواقع الدولي المتأزم اليوم، يفرض على البلدين إقامة علاقات متوازنة تراعي مصالحهما، ولابأس بتأجيل الملفات الحساسة، التي لا تسمح بتحسن العلاقات، وعلى رأسها ملف الذاكرة".

"فتور رسمي"

وتعليقا على لقاء السفير الفرنسي الرئيس الجزائري، قال خميلي "يمكن اعتبار اللقاء طبيعيا لأن الرئيس يستقبل السفراء من شتى البلدان ويتسلم أوراق اعتمادهم، لكن علينا القول بأن الملف الاقتصادي قد يشكل بداية لعودة العلاقات بين البلدين".

من جهته قال المحلل السياسي الجزائري يونس بن عمر "هناك فتور في العلاقات هذا أمر واضح، ولكن علينا أن ننتظر حتى أكتوبر الداخل وهو موعد انعقاد اللجنة رفيعة المستوى بين البلدين، التي يرأسها الوزيران الأولان الجزائري والفرنسي، أم إنها لن تعقد وهو ما يعني وجود أزمة فعلا بين البلدين، وقد انعقدت هذه اللجنة السنة الماضية في باريس".

ووصف بن عمر الرسالة التي نقلها روماتي لتبون بأنها "بروتوكولية لا أكثر"، وقال لـ"أصوات مغاربية" إن "مؤشرات عديدة تدل على الفتور ومنها مثلا عدم اجتماع لجنة الذاكرة بين الطرفين، وعدم منح رخص لشركات فرنسية في قطاع السيارات للاستثمار في الجزائر بينما منحت رخص لعلامات عديدة".

المصدر: أصوات مغاربية