ساحة جامع الفنا في مدينة مراكش
صورة من ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش- أرشيف

بعد عشرة أيام على الزلزال العنيف الذي ضرب وسط المغرب وخلف ما يقرب من 3 آلاف قتيل وأزيد من 5 آلاف مصاب، يتساءل كثيرون عن التداعيات المحتملة للزلزال على القطاع السياحي الذي سجل في الفترة الأخيرة انتعاشة عقب الركود الذي شهده بسبب جائحة فيروس كورونا. 

وضرب الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6.8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، مناطق معروفة بنشاطها السياحي، في وسط البلاد، بينها مدينة مراكش التي توصف بـ"العاصمة السياحية للمغرب"، وألحق أضرارا بمواقع أثرية وتاريخية أبرزها مسجد تنمل الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الثاني عشر.

وكانت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور، قد عقدت، الأسبوع الماضي، جلسة عمل موسعة مع مهنيي القطاع تم التطرق خلالها إلى استئناف الأنشطة السياحية تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي المتعلقة بالاستئناف الفوري للأنشطة الاقتصادية، وفق ما أفاد به بلاغ صادر عن وزارة السياحة والكونفدرالية الوطنية للسياحة.

ولفت البلاغ في هذا السياق إلى أن المكتب الوطني المغربي للسياحة ذكر أنه "بادر، في اليوم الموالي للزلزال، إلى ربط الاتصال مع منظمي الرحلات السياحية وشركات الطيران، من أجل طمأنتهم وتشجيعهم على مواصلة برمجة وجهة المغرب".

"نقص في توافد السياح"

وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية للسياحة والفنادق والمطاعم (نقابة)، فيصل أيت علي أومنصور، إن القطاع السياحي "تضرر بالفعل إثر الزلزال الذي ضرب البلاد مؤخرا"، مشيرا إلى تسجيل "نقص" في توافد السياح خلال هذه الفترة.

وأوضح أومنصور في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الخسارة تبرز أكثر في الفنادق التي عرفت انخفاضا ملحوظا في نسبة الملء التي لا تتجاوز 20٪ إلى 36٪ بعدما كانت تصل إلى ما بين 70٪ إلى 80٪"، مؤكدا أن "هذا التراجع دليل على تأثر القطاع السياحي بزلزال الحوز".

وأضاف أومنصور أنه بعد يومين من وقوع زلزال الحوز "كانت هناك طلبات كثيرة من السياح لمغادرة المغرب والعودة إلى بلدانهم بعدما تعذر عليهم السفر مباشرة بعد الزلزال"، لافتا إلى أن "الفنادق بالعاصمة السياحية مراكش جميعها سليمة باستثناء بعض المنازل والقرى السياحية بالإقليم والنواحي التي سجلت أضرارا تسببت في هلع زبنائها". 

وعن الأضرار التي لحقت ببعض المباني التاريخية  قال المتحدث إن ذلك "يطرح علامة استفهام حول نجاعة عمليات الترميم والإصلاح التي عرفتها مؤخرا"، مؤكدا أن تلك الأضرار تشكل إحدى عوامل تراجع السياحة في هذه الفترة.

"تضرر السياحة القروية"

من جانبه، خفف الخبير في القطاع السياحي، الزوبير بوحوت، من وقع الزلزال على القطاع السياحي في المناطق المتضررة، وخاصة مراكش، مفسرا ذلك بكون "المدينة تبعد عن مركز الزلزال بـ150 كيلومترا" وبأنه "لم يتم تسجيل أي حالة وفاة في صفوف السياح المغاربة أو الأجانب".

وبينما أكد أومنصور تسجيل "نقص" في توافد السياح خلال هذه الفترة، شدد بوحوت في تصريح لـ"أصوات مغاربية" على أن "انخفاض السياحة بين شهري أغسطس وسبتمبر أمر طبيعي"، مشيرا في السياق إلى أن مراكش مثلا عام 2019 انتقلت من 900 ألف ليلة سياحية في أغسطس إلى 700 ألف في سبتمبر وانتقلت في أكادير من 830 ألف ليلة سياحية في أغسطس إلى 534 ألف ليلة سياحية في سبتمبر.

واستدرك الخبير السياحي بأن ذلك لا يعني عدم تأثر القطاع بالزلزال لافتا إلى أن "نسبة إلغاء حجوزات الفنادق والتأشيرات بسبب تداعياته تقدر بحوالي 10٪"، وهو ما يرجعه إلى "ربط وسائل الإعلام، خاصة الدولية، وقوع الزلزال بمدينة مراكش".

وتابع المتحدث ذاته أن "السياحة القروية تضررت أكثر لارتفاع نسبة القتلى في هذه المناطق وانهيار مختلف البنايات بها والضغط على طرقها إثر استمرار عمليات الإنقاذ وتوافد قافلات المساعدة"، مؤكدا أن "مؤشرات عقد مؤتمر مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة سيشكلان فرصة لإنعاش السياحة مجددا بهذه الأقاليم".

  • المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

العملة الصعبة
حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية بالجزائر تبلغ نحو 90 مليار دولار

أعلن بنك الجزائر عن مشروع نص تنظيمي جديد يتعلق بـ"شروط الترخيص وإنشاء واعتماد وعمل مكاتب الصرف"، موضحا في بيان أمس السبت أن المشروع يهدف إلى "توفير الظروف الملائمة التي من شأنها تعزيز إنشاء شبكة وطنية واسعة من هذه المكاتب".

وصادق المجلس النقدي والبنكي (هيئة نقدية تضطلع بضبط وتنظيم السوق المالية والمصرفية) خلال دورته العادية التي جرت يوم 21 سبتمبر الجاري برئاسة محافظ بنك الجزائر صلاح الدين طالب على مشروع نظام يتعلق "بشروط الترخيص وإنشاء واعتماد وعمل مكاتب الصرف"، وفق المصدر.

وتتنامى في الجزائر ظاهرة السوق الموازية للعملات الأجنبية بشكل لافت في غياب لمكاتب الصرف.

ويسيطر سوق "سكوار" الموازي بوسط الجزائر العاصمة على معظم التداولات بالعملة الصعبة في البلاد، وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، كشف في سبتمبر 2021 عن حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية التي تبلغ حسبه نحو 90 مليار دولار، وذلك في سياق حديثه عن مصادر استعادة التوازن المالي للاقتصاد الجزائري.

تضرر السوق الموازية

وتعليقا على نص المشروع الجديد المصادق عليه مؤخرا، يرى أستاذ الاقتصاد النقدي والبنكي بجامعة ورقلة (جنوب)، ناصر سليمان، أنه في حالة تنفيذ القرار بنص قانون ستترتب عنه عدة فوائد الأولى تخدم المواطن والثانية الخزينة، كما أنها قد تنهي هيمنة السوق الموازية للعملات الأجنبية.

ويوضح سليمان، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن "البداية ستكون بتمكين المواطنين من العملة الصعبة ليس في مجال السياحة والمقدرة سنويا بـ95 يورو (101 دولار)، بل للعلاج والدراسة وغيرها من الاحتياجات"، كما سيؤدي لجذب تحويلات الجزائريين المهاجرين من الخارج، مضيفا أن هذه التحويلات "لا تستفيد منها البلاد، في الوقت الحالي، إلا بنسب ضئيلة جدا".

وحسب سليمان فإن العملية ستؤدي إلى تراجع أسعار العملات في السوق الموازية، بعد أن يقوم البنك المركزي بتحرير أسعارها، وهذا برأي المتحدث "يرفع من أثمانها في البنوك الرسمية"، لكنها "ستستقر عند مستوي متوسط بين سعر البنك وسعر السوق الموازية التي ستتضرر نتيجة هذه الإجراءات"، مشيرا إلى العملية تتطلب بعض الوقت لكنها ستؤدي إلى "إنعاش احتياطي الصرف للبلاد من العملة الأجنبية".

نجاح صعب

ومن جهة أخرى، يرى المحلل المالي والاقتصادي، مراد كواشي، أن فتح مكاتب الصرف بشكل رسمي في الجزائر "خطوة جريئة" من شأنها تمكين المواطنين من التعامل بالعملات الصعبة وفق احتياجاتهم بدلا من السوق الموازية.

إلا أن مراد كواشي يتساءل في حديثه لـ"أصوات مغاربية" بشكل أعمق عن مدى نجاح هذه الخطوة، قائلا إنه "من الصعب تحقيق ذلك وفق المعطيات الحالية التي تؤكد سيطرة السوق الموازية على كافة التعاملات.

ويعتقد المتحدث أن نجاح مكاتب الصرف في القضاء على السوق الموازية يتطلب توفير عدة شروط كون السوق الموازية في الجزائر ضخمة جدا وحجمها المالي يقدر بملايير الدولارات، ومن أهمها وفرة السيولة من العملة الصعبة في كافة مكاتب الصرف الرسمية، وتحرير سعرها في السوق الرسمي للبنوك الجزائرية.

 

المصدر: أصوات مغاربية.