على إثر مصادقة المجلس الحكومي بالمغرب في اجتماعه الأخير على مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، تصاعدت مؤخرا أصوات عدد من الهيئات والتنسيقيات النقابية التي دعت إلى سلسلة من الاحتجاجات رفضا لهذا النظام.
وذكر بلاغ مجلس الحكومة عقب اجتماعه، الأربعاء، أن "هذا المشروع ستخضع لمقتضياته كل الموارد البشرية العاملة بقطاع التربية الوطنية، وذلك بإدماج الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وإلغاء الأنظمة الاثنا عشر (12) التي كانت تسري عليهم من قبل".
ودعت "التنسيقية الوطنية لأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، في بيان لها، الأحد، إلى تجسيد وقفات احتجاجية داخل المؤسسات التعليمية أثناء فترات الاستراحة لمدة ثلاثة أيام ابتداء من الاثنين.
وأعلنت كل من الجامعة الوطنية للتعليم (نقابة) و"التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 9" و"التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي" و"التنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات العليا موظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة"، خوض إضراب وطني من يوم إلى يومين ابتداء من الأربعاء المقبل مع وقفات احتجاجية أمام مقر وزارة التعليم.
وأثار "مشروع النظام الأساسي الموحد" موجة غضب واستياء على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر نشطاء هذه المواقع عن رفضهم لما جاء فيه من مضامين وفتحوا عريضة احتجاج موجهة إلى وزير التعليم تجاوز عدد الموقعين عليها 5700 شخص إلى غاية الاثنين.
"سنة نضالية"
وتعليقا على الموضوع، يعتبر المنسق الجهوي في "تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" وعضو لجنة الحوار الوطني، محمد الصغير، أن التنسيقية كانت واضحة منذ البداية في موقفها من "النظام الأساسي الموحد" حتى قبل خروجه، مؤكدا أنها "ترفض جميع الحلول البعيدة عن الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية".
ويضيف الصغير في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه على النقابات المشاركة في الحوار مع الوزارة حول هذا النظام الأساسي الجديد أن تتحمل مسؤوليتها بدل أن تتبرأ في كونه يجهز على مكتسبات الشغيلة التعليمية، مشيرا إلى أن هذه النقابات باتت مؤخرا تتبرأ من هذا النظام رغم توقيعها في اتفاق 14 يناير.
ويشدد المنسق الجهوي، أن "التنسيقية ترفض جملة وتفصيلا ما جاء في مشروع النظام الأساسي الموحد وأن الموسم الدراسي الحالي سيشكل سنة نضالية أخرى من أجل إسقاط نظام التعاقد بكل صيغه ومسمياته إلى حين الالتحاق بالوظيفة العمومية في وزارة التعليم".
ويبرز المتحدث ذاته أن ما ذهبت إليه الوزارة في اجتماعاتها مع النقابات الأكثر تمثيلية بإخراج مشروع النظام الأساسي الموحد "سيفاقم أكثر أزمة أساتذة التعاقد بدل حلها”، موضحا أن استمرار سلسلة التوقيفات ف يحق الأساتذة والاقتطاع من أجورهم بشكل "غير قانوني" سيكون حافزا إلى مواصلة مسيرة النصال.
"عقوبات زجرية"
ومن جانيه، يرى الخبير التربوي ورئيس "الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم"، عبد الناصر ناجي، أنه طبيعي أن تظهر بعض الفئات المهنية في قطاع التعليم غير مرتاحة لما جاء في النظام الأساسي الموحد، مضيفا أن كل نظام تعليمي يفرز فئات رابحة وأخرى خاسرة.
ويتابع ناجي حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أنه "كان منتظرا أن يساهم النظام الأساسي الموحد في حل جذري للإشكال المطروح حول إدماج أساتذة التعاقد لكن عند الاطلاع على مشروعه فيلاحظ أنه لا يزال يحافظ على موظفي وزارة التربية الوطنية وأطر الأكاديميات."
ويعتقد الخبير التربوي أن النقابات الأكثر تمثيلية من المفروض أن تكون راضية على مخرجات هذا النظام وأن تؤطر الأساتذة وباقي الأطر في المؤسسات التعليمية لتبني هذا النظام وأن النقابات والتنسيقيات التي لم تشارك في المفاوضات ستعارض النظام وستلجأ إلى الاحتجاج والإضراب.
ويستدرك المتحدث ذاته، أنه "بالنظر إلى العقوبات التأديبية التي جاء بها النظام الأساسي وتشبث الوزارة بما جاء فيه فإنها ستسعى إلى تطبيق هذه العقوبات بهدف زجري لكل محاولات الاحتجاج من طرف الأساتذة"، مبررا ذلك بأن الوزارة لا يمكن أن تحقق ما جاء في خارطة الطريق دون التزام الأساتذة وانخراط جميع الأطر التربوية والتعليمية.
"إلغاء التعاقد"
وقال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي بالمغرب شكيب بنموسى، إن "النظام الأساسي يتحدث عن موظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم وأن موضوع المتعاقدين انتهى وتم إلغاء التعاقد"، مؤكدا أنه سيكون لديهم نظام أساسي واحد تابع لقانون الوظيفة العمومية وسيطبق بنفس الحقوق والواجبات على كل موظفي الوزارة.
ويوضح بنموسى خلال الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، الأربعاء، أن هذه الحقوق تشمل الحركة الانتقالية والامتحانات والمسار المهني مع الحفاظ على التوظيف الجهوي، لافتا إلى أن النظام الأساسي يتيح مسارا مهنيا واضحا يتسم بالانسجام والإنصاف في الحقوق والواجبات.
وأكد بنموسى، أن النظام الأساسي الجديد "يأتي في سياق إصلاح المنظومة التربوية الرامية إلى استرجاع هيبة المدرسة العمومية وثقة المواطنين وتعزيز جاذبية التعليم وتصحيح وضعيات بعض الهيئات المهنية"، مبرزا أنه يتأسس على مبادئ التوحيد والتحفيز والالتزام والمسؤولية والمردودية.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن إخراج هذا النظام جاء ثمرة اجتماعات مع الفرقاء الاجتماعيين والحركة النقابية التي وصلت إلى 30 اجتماعا منذ يناير الماضي، مسجلا أن العملية عرفت نقاشا حادا في عدد من النقاط إلى أن تم تهييء هذا المشروع.
- المصدر: أصوات مغاربية