أعلنت بعثة الأمم في ليبيا عن شروعها في مراجعة القوانين الخاصة بالانتخابات التي أعدتها اللجنة المشتركة 6+6 وأقرها مجلس النواب مؤخرا، في الوقت الذي تثير فيه دوائر سياسية مجموعة من التساؤلات حول قدرة هذه الهيئة الدولية في تحريك العملية الانتخابية بالنظر إلى تحفظات عديدة تبديها أطراف سياسية حول هذه القوانين.
وعقد المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، أمس الثلاثاء، اجتماعا مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، من أجل القيام بقراءة شاملة للقوانين الانتخابية.
وقال باتيلي على حسابه بموقع إكس (تويتر سابقا)، "أثنيتُ خلال اللقاء على إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات استعدادها الفني لوضع هذه القوانين موضع التنفيذ، بما يلبي تطلعات ملايين الليبيين التواقين إلى ممارسة حقوقهم السياسية، وانتخاب قادتهم، وإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية.
قوانين واتهامات
ويأتي الحديث عن موضوع الانتخابات في وقت تشهد فيه ليبيا وضعا استثنائيا بسبب أزمة الإعصار "دانيال" الذي ضرب بعض المناطق الشرقية، فضلا عن استمرار التوتر الأمني في عدة جهات من البلاد، كان آخرها ما وقع في مدينة بنغازي، نهاية الأسبوع الماضي.
وفي بداية الشهر الجاري، أعلن مجلس النواب الليبي عن موافقته بالإجماع على إصدار قانوني انتخاب رئيس الدولة والبرلمان.
وتبدي جهات سياسية تحفظات كبيرة بشأن هذه الخطوة، إذ ترى فيها "محاولة للقفز على مجموعة من المتطلبات لمعالجة المرحلة الانتقالية التي تحتاج إليها ليبيا".
أحد هذه الأطراف هو المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الذي عبر عن رفضه التام للقوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النوّاب.
وأرجع المجلس، في بيان تناولته وسائل إعلام محلية، سبب رفضه لهذه القوانين إلى "افتقارها إلى الحد الأدنى من المعايير الدولية والوطنية.
وأشار المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا إلى "وجود نوايا غير سليمة تستهدف حقوق المكونات الليبية".
وأفاد عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي عن التبو، السنوسي حامد، بأن "قراءة بسيطة في القوانين التي تم إعدادها من طرف اللجنة المشتركة 6+6 تجعلك تتأكد بأن النصوص القانونية الجاهزة هي عبارة عن دستور جديد غير معلن".
وقال المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "هذه القوانين تتحدث عن انتخاب لرئيس الجمهورية وعن صلاحياته الكبيرة، وهو الأمر الذي لم نتفق عليه في السابق".
وتابع ممثل سكان التبو بالجنوب الليبي "نشعر بوجود إقصاء للعديد من المكونات والأقليات في عملية إعادة البناء السياسي للبلاد وهذا أمر مرفوض بتاتا".
وتنبأ حامد بفشل مشروع الانتخابات في ليبيا على خلفية "الرفض الذي تبديه عديد الأوساط السياسية حيال ما جاء في القوانين المنظمة لها، بالإضافة إلى الخلافات الواقعة بين المسؤولين بخصوص الحكومة التي توكل إليها مهمة الإشراف على الانتخابات".
ضرورة الانتخابات
في الجهة الأخرى، تمنح أطراف سياسية ضرورة بالغة لمشروع الانتخابات وترى فيه السبيل المخلص لليبيا من أزمتها السياسية والأمنية.
وفي الصدد يقول الكاتب والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية الليبية، سليمان البيوضي، إن "القوانين التي أعدتها اللجنة المشتركة 6+6 هي نصوص ملزمة وفق التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري الليبي، و تجاوزها سيعيد ليبيا للمربع الأول".
ويستدرك في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "لكن تجسيد المشروع الانتخابي في ليبيا يبقى مرتبطا بتغيير السلطة التنفيذية وتشكيل حكومة مصغرة موحدة وشاملة للجميع".
ويضيف "المؤسف أن باتيلي بصفته مبعوثا خاصا ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بات معرقلا لهذا الحل من خلال محاولته فرض نموذجه الخاص".
واعتبر البيوضي أن "تشكيل السلطة التنفيذية وتوحيدها تحت قيادة بديلة بحكومة موحدة مصغرة وشاملة هو الطريق الأمثل الذي يمكن من تجسيد مخرجات اللجنة المشتركة"، واصفا القوانين التي أعدتها بـ "العادلة في ظل الوضع السياسي الذي تعرفه البلاد".
مقابل ذلك، ترى الإعلامية الليبية، فدوى كامل، أن "تجارب سابقة ومشابهة شهدتها البلاد أكدت أننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة وسط الانقسامات التي تضرب الصف السياسي".
وأضافت في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "هناك شبه استعداد لدى بعض الأطراف من أجل إطالة عمر الأزمة اعتمادا على اختلاق المشاكل والصراعات".
وقالت كامل "حالة التململ الجارية في الساحة حيال القوانين الخاصة بهذه الانتخابات تعكس بوضوح نية بعض الأطراف في إبقاء الوضع على حاله دون أي تغيير".
وطالبت الإعلامية الليبية بـ"ضرورة سحب مشروع الانتخابات من الأجسام السياسية المحلية ومنحها للأمم المتحدة من أجل تمكين الشعب الليبي من الخروج من هذا النفق المفروض عليهم".
المصدر: أصوات مغاربية