People hold Amazigh flags in Rabat, Morocco, Sunday Nov. 6, 2016, marking a week after the death of fish vendor Mouhcine Fikri,…
مغاربة يرفعون العلم الأمازيغي بالعاصمة الرباط- أرشيف

تحل، اليوم الثلاثاء، الذكرى السنوية 22 لخطاب الملك محمد السادس في أجدير، وهي مناسبة تصفها الحركة الأمازيغية بالمغرب بـ"التاريخية" بالنظر إلى الخطوات والقرارات التي تلتها للنهوض بالأمازيغية وإعادة الاعتبار إليها. 

وجاء الخطاب بعد عامين من اعتلاء العاهل المغربي العرش، وفي سياق كانت فيه الحركة الأمازيغية بالمغرب تضغط في اتجاه اعتراف الدولة باللغة والثقافة الأمازيغيتين. 

وفي 17 أكتوبر عام 2001، ألقى الملك المغربي خطابا بأجدير (وسط البلاد) أكد فيه على أن النهوض بالأمازيغية "مسؤولية وطنية"، وبأن جذورها "تمتد في أعماق تاريخ الشعب المغربي". 

ومن بين ما جاء في الخطاب إعلان الملك محمد السادس عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وحدد له مهمة تقديم المشورة بشأن سبل صيانة وترقية اللغة والثقافة الأمازيغيتين. 

وجاء في الخطاب "(…) فإن قيام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمهام المنوطة به في الحفاظ على الأمازيغية والنهوض بها وتعزيز مكانتها في المجال التربوي والاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني من شأنه أن يعطيها دفعة جديدة كتراث وطني يعد مبعث اعتزاز لكل المغاربة". 

بعد هذا الخطاب الذي ما تزال تصفه الحركة الأمازيغية بالمغرب بـ"التاريخي"، شهدت المسألة الأمازيغية تحولات سريعة، لعل من أبرزها إقرارها لغة رسمية للبلاد عام 2011. 

في ما يلي المحطات الرئيسية التي شهدتها الأمازيغية بالمغرب بعد خطاب أجدير: 

تدريس الأمازيغية

بعد عام من ذلك الخطاب، شرع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في العمل، رغم "صدامه" في أكثر من مرة بعراقيل إدارية وسياسية من أبرزها ما عرف بالمغرب بـ"معركة الحرف" عام 2002، وهو نقاش احتدم بين الحركة الأمازيغية التي كان نشطاؤها منقسمين إلى تيار دافع عن اعتماد الحرف اللاتيني وآخر طالب بكتابة اللغة الأمازيغية بحرف "تيفيناغ"، وبين تنظيمات سياسية طالبت باستخدام الحرف العربي. 

وبعد تحكيم ملكي، قرر المغرب تبني حرف تيفيناغ الأصلي لكتابة اللغة الأمازيغية، ليعلن شهورا بعد ذلك عن قرار حكومي لتدريس هذه اللغة في المدارس الابتدائية العمومية. 

واليوم، يقدر عدد التلاميذ الذين يدرسون الأمازيغية بنحو 330 ألفا، وتسعى الحكومة إلى تعميمها على نحو 4 ملايين تلميذ بحلول عام 2030. 

زخم حقوقي 

موازاة مع ذلك، زاد عدد الجمعيات الحقوقية المدافعة عن الأمازيغية ورفعت من سقف مطالبها، كما زاد تأثيرها مقارنة بمرحلة ما قبل الخطاب. 

ووجدت هذه الجمعيات والمنظمات في خطاب أجدير مرجعا تستدل به في الدفاع عن مختلف مطالبها، وكان من أبرز تلك المطالب الحق في الإعلام وفي دستور يعترف باللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد. 

قناة عمومية

وفي يناير عام 2010، أعلن رسميا بالمغرب عن إطلاق أول قناة تلفزيونية حكومية ناطقة باللغة الأمازيغية بلهجاتها الثلاث (تاريفيت، تاشلحيت وتامزيغت) وحدد للقناة مهمة بث 70 و80 في المائة من برامجها بالأمازيغية على أن يبث الباقي بالعربية. 

كان هذا الحدث تاريخيا أيضا في نظر الكثير من النشطاء الأمازيغ الذين رفع بعضهم هذا المطلب منذ تسعينيات القرن الماضي. 

لغة رسمية  

وفي عام 2011 حسم المغرب الجدل حول اللغة الأمازيغية وأقرها لغة رسمية في البلاد إلى جانب اللغة العربية. 

ونص الدستور في فصله الخامس لأول مرة، على أن "اللغة العربية تظل اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء". 

ورغم الحماية الدستورية، اشتكى الأمازيغ في السنوات اللاحقة للدسترة من "تلكؤ" السلطات في تجسيد مضامين الدستور،  خصوصا في تنزيل القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. 

وبعد 8 سنوات من الدسترة، صادق مجلس النواب المغربي في يونيو عام 2019، على مشروع القانون التنظيمي الذي يحدد كيفيات إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام ومختلف مجالات الحياة العامة، بدءا بالتشريع والعمل البرلماني، مرورا بالإبداع الثقافي والفني، ووصولا إلى الإدارات وسائر المرافق والفضاءات العمومية ومجال التقاضي.

ترسيم رأس السنة 

وفي ماي الماضي، أعلن الديوان الملكي في المغرب، أن الملك محمد السادس وافق على إقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. 

وفي أغسطس الماضي، اعتمدت الحكومة المغربية يوم الرابع عشر من شهر يناير من كل سنة تاريخا لعطلة رأس السنة الأمازيغية، وهي الخطوة التي انتظرها أمازيغ المغرب منذ خطاب أجدير عام 2001. 

"محطة تأسيسية ومفصلية"

وتعليقا على ذكرى خطاب أجدير، قال المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، محي الدين حجاج إنه يعتبر "محطة تأسيسية ومفصلية" في تاريخ المسألة الأمازيغية بالمغرب.

وأضاف حجاج الذي يشغل أيضا منصب عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار (قائد التحالف الحكومي)، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الخطاب أعقبته عدد من "الأحداث والخطب التاريخية" و"القرارات الملكية غير المسبوقة" التي استهدفت حماية اللغة والثقافة الأمازيغيتين.

ويرى الناشط الحقوقي أن المرحلة الفاصلة بين الخطاب عام 2001 وقرار ترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الأشهر الأخيرة "لم تخل هي الأخرى من خطب جريئة" مشيرا  إلى أن أبرزها تأكيد العاهل المغربي في إحدى الخطب على أن تاريخ البلاد "يمتد لأكثر من 12 قرنا فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل".

وتابع موضحا "هذا رد من صاحب الجلالة على بعض التوجهات المعنية التي كانت تلخص تاريخ بلدنا في مدة محدودة لذلك يعد خطاب أجدير تأسيسيا لعدد من القرارات التاريخية الأخرى".

"تعثر في عدد من المجالات"

في المقابل، قال الناشط الحقوقي عبد الله بادو، إن مؤسسات حكومية "لم تستوعب لحدود الساعة أهداف ومضامين الخطاب بعد مرور عقدين من الزمن".

وأشار بادو في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى استمرار "تعثر الأمازيغية" في عدد من المجالات، بما في ذلك "إدماجها في التعليم وهو الورش الذي انطلق عام 2003" معتبرا أن المؤشرات ذات الصلة بهذا الورش "كلها اليوم سلبية".

وتابع "ملف الأمازيغية عرف دفعات قوية في عهد الملك محمد السادس ولكن للأسف الشديد الحكومات المتعاقبة لم تنفذ التوجيهات الملكية ولا مضامين الدستور وهذا يسائل هذه الحكومات".

وتبعا لذلك، يقترح المتحدث وضع آلية لتتبع وتدبير ملف الأمازيغية "خصوصا بعد تسجيل مؤشرات سلبية وتعثرات خطيرة جدا في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وفي إدماجها في مختلف مناحي الحياة العامة"، وفق تعبيره.

وأضاف "لم نلمس أي جدية في التعاطي مع هذا الملف وتدبيره رغم مرور 20 عاما من التراكمات التي كان يمكن استثمارها لتحقيق قفزة نوعية في تعامل الدولة مع المكون الأمازيغي بشكل يعيد له قيمته ومكانته وقوته كمكون مشكل للهوية المغربية".

  • المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة