تقارير

في يومه العالمي.. مؤشرات الفقر مغاربيا ومبادرات متباينة لمكافحته

17 أكتوبر 2023

يحتفل العالم في 17 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للقضاء على الفقر، وتدعو الأمم المتحدة هذا العام إلى  ضرورة توفير فرص عمل لائقة بأجور عادلة مع حماية اجتماعية للجميع خصوصا للفئات المنحدرة من أوساط معوزة. 

وقدرت الأمم المتحدة عدد الأشخاص حول العالم الذين يعانون من فقر مدقع بنحو 700 مليون نسمة، ما يعني أن الهدف العالمي المتمثل في القضاء على الفقر بحلول عام 2030 لن يتحقق في هذا التاريخ، وفق المنظمة الأممية. 

ويُعرف الفقر المدقع بأنه العيش على أقل من 2.15 دولار للشخص الواحد في اليوم وفقا لمعيار القوة الشرائية لعام 2017، وهذا يعني أن ما يقدر بنحو 7% من سكان العالم - حوالي 575 مليون شخص - سيجدون أنفسهم محاصرين بالفقر المدقع بحلول عام 2030. 

لماذا 2.15 دولار عوض 1.90 دولار؟ 

اعتادت الأمم المتحدة والبنك الدولي حساب مؤشر الفقر في العالم باستخدام 1.90 دولا في اليوم منذ عام 2015 إلى حدود عام 2022، حيث جرى تحديث هذا المؤشر ورفعت قيمته إلى 2.15 دولار. 

وتعليقا على التحديث الأخير، قال البنك الدولي في بيان سابق إن هذه الزيادة في خط الفقر الدولي ناتجة عن الزيادة في تكاليف الاحتياجات الأساسية من مطعم وملبس ومسكن في البلدان منخفضة الدخل بين عامي 2011 و2017 مقارنة بسائر بلدان العالم، موضحا "بعبارة أخرى، ستتكلف سلة السلع والخدمات التي كانت تُقدر بما قيمته 1.90 دولار في 2011 في بلد عادي منخفض الدخل 2.15 دولار في 2017 في المتوسط". 

وإلى جانب هذا المؤشر، يقيس مؤشر الفقر متعدد الأبعاد العالمي الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية مستويات الفقر في دول العالم اعتمادا على عدة أبعاد، منها الوصول إلى التعليم والصحة والسكن اللائق ومياه الشرب، والصرف الصحي، والكهرباء. 

كيف هو الوضع مغاربيا؟ 

المغرب

وضع تحديث لمؤشر الفقر متعدد الأبعاد، صدر في يوليو الماضي، المغرب ضمن 25 دولة نجحت في خفض مؤشر الفقر إلى النصف في ظرف 15 سنة، وسجل مع ذلك معاناة 1.4 في المائة من الساكنة من "فقر متعدد الأبعاد" ونوه إلى أن 10.9 في المائة من المغاربة معرضون للوضع نفسه. 

وعانى المغرب كغيره من الدول المغاربية من تداعيات جائحة فيروس كورونا، حيث كشفت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية) في تقرير سابق أن حوالي 3.2 مليون شخص إضافي تدهورت أوضاعهم المعيشية مسجلة فقدان المغرب ما يقرب سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر والهشاشة، بحيث تراجعت وضعية الفقر والهشاشة بالمغرب إلى مستويات سنة 2014. 

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعلن في خطاب ألقاه خلال افتتاح دورة جديدة للبرلمان الأسبوع الماضي، تفعيل برنامج الدعم المالي الاجتماعي نهاية العام الجاري 2023. 

الجزائر 

تشير أحدث بيانات  مؤشر الفقر متعدد الأبعاد في الجزائر إلى أن 1.4 في المائة من السكان في هذا البلد المغاربي (610 آلاف شخص في عام 2021) يعانون من الفقر متعدد الأبعاد بينما يصنف 3.6 في المائة إضافيون على أنهم معرضون للفقر متعدد الأبعاد (مليون و594 ألف شخص في عام 2021). 

وأشار تقرير سابق للبنك الدولي إلى أن المناطق الشمالية الجزائرية تسجل مستويات أقل من الحرمان مقارنة بباقي مناطق البلاد، وسجل حينها تحسنا في معدلات الفقر بين عامي 2013 و2019. 

وفي تصريح سابق لموقع "الحرة"، قال عضو لجنة المالية والميزانية بالبرلمان الجزائري، عبد القادر بريش، إن الجزائر "خصصت  ميزانية قدرها 98 مليار دولار  لسنة 2023، 30 في المائة منها  للجانب  الاجتماعي، مثل الصحة والتعليم والرعاية  الاجتماعية". 

تونس 

سجل مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد في تونس عام 2021 معاناة 0.8 في المائة من السكان من الفقر وهو ما يمثل 97 ألف شخص، بينما صنف المؤشر نفسه 293 ألف نسمة ضمن الأشخاص المعرضين للفقر. 

أما على المستوى الرسمي، فقدر وزير الشؤون الاجتماعية في تونس مالك الزاهي في تصريحات له العام الماضي "بلوغ عدد العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل إلى 963 ألف عائلة أي ما يعادل 4 ملايين تونسي يعانون الخصاصة". 

وتصنف محافظة القيروان (وسط) من ضمن أفقر المناطق التونسية بنسبة 34.9 في المائة وفق "خريطة الفقر بالبلاد التونسية" الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء(مؤسسة رسمية) في سبتمبر 2020 بالتعاون مع البنك الدولي. 

ليبيا 

لا تتوفر معطيات دقيقة حول عدد الفقراء في ليبيا بسبب الصراع الدائر في البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. 

لكن ماريا ريبيرو منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا، قدرت في مؤتمر صحفي عام 2019 أن ما معدله 823 ألف شخص يحتاجون إلى نوع من المساعدة الإنسانية في ليبيا، وهو ما يمثل حوالي 11% من العدد الإجمالي للسكان. 

موريتانيا 

تشير تقديرات منظمات أممية، بينها منظمة اليونسيف، أن ما يقارب من 2.3 مليون شخص أي 56.9% من السكان (ستة أشخاص من كل عشرة) يعانون في موريتانيا من فقر متعدد الأبعاد. 

وتسجل البلاد مستويات متفاوتة في نسب الفقر، غير أن المنظمات الدولية تصنف المناطق الريفية القروية ضمن أكثر المناطق هشاشة في البلاد، حيث يعيش ما يقرب من ثمانية من كل عشرة أشخاص فيها (77.1%) في فقر متعدد الأبعاد. 

ودافع الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني في كلمة له في المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي عن خطط بلاده في محاربة الفقر والهشاشة، قائلا "كافحنا الفقر والهشاشة والإقصاء من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي واسعة، تعزز صمود المواطنين الأكثر هشاشة، وتدعم قدرتهم الشرائية وتوسع الضمان الصحي الاجتماعي على نحو يؤدي تدريجيا إلى ضمان صحي شامل". 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة