المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باثيلي، (أرشيف)
المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باثيلي، (أرشيف)

منذ أن ألقى المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باثيلي، إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، مطلع هذا الأسبوع، وجد نفسه في قلب جدل سياسي ليبي متصاعد.

فقد اتُهم بـ"تعقيد" الأوضاع السياسية الليبية بدل تقديم بدائل للانسداد القائم، وسط اتهامات من الشرق والغرب للبعثة الأممية بـ"الانحياز".  

ماذا قال باثيلي؟ 

وكان باثيلي أطلق تصريحات قوية بشأن أهمية وجود "قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ من الناحية الفنية والسياسية"، وهو ما اعتبره البعض صفعة لجهود لجنة (6+6) التي توصلت في مدينة بوزنيقة المغربية إلى قانونين تبناهما مجلس النواب (شرق) وسلمهما للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

واعترف باثيلي بأن هذين القانونين أفضل "مقارنة بالمسودتين السابقتين" في طريقة تناول قضايا حارقة مثل شروط انتخاب العسكريين، وقضية تزامن الانتخابات التشريعية والتنفيذية، وتوزيع مقاعد مجلس الشيوخ ومجلس النواب. 

لكنه استدرك بأن بعض القضايا تظل مقلقة، مثل "الجولة الثانية الإلزامية للانتخابات الرئاسية"، فالنص القانوني الحالي ينصّ على إجراء جولة ثانية بغض النظر عن الأصوات المحصل عليها بين المرشحَين الأوفر حظاً، قائلا إن هذا البند "يُبين عمق انعدام الثقة بين الطبقة السياسية"، كما أنه "من الممكن أن يُساء استخدامه لاستبعاد المرشحين من الجولة الثانية، والتشكيك في نتيجة الأغلبية المحتملة وتعطيل العملية الانتخابية برمتها".

كما شكك في نوايا واضعي هذه القوانين بسبب ربطهم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، قائلا "بينما يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في نفس اليوم، فإن إخضاع صحة الانتخابات البرلمانية لصحة الانتخابات الرئاسية ناجم عن اعتبارات سياسية غير معلنة ويعرّض العملية لخطر التعطيل".

وأوضح أن تشكيل حكومة جديدة يجب أن يكون "نتيجة تفاوض بين أصحاب الشأن الرئيسيين"، حتى يتم "تلافي تكرار" أزمة أغسطس 2022 التي اندلعت إثر تكليف حكومة، فتحي باشاغا، "على نحو أحادي الجانب".

وأردف: " لا مناص من أن تكون هذه الحكومة نتاج مفاوضات سياسية بين الأطراف الرئيسية" في الصراع الليبي. 

وفي هذا الصدد، تحدث عن استمرار الخلافات بين المؤسستين التشريعيتين في الشرق (مجلس النواب) والغرب (المجلس الأعلى للدولة) حول القوانين الانتخابية، إذ يرى الأخير أن التعديلات التي أدخلها "النواب" على هذه القوانين غير مقبولة، مُصراً على أن "نسخة بوزنيقة هي التي ينبغي أن تُعتمد".

وتابع: "إن رفض المجلس الأعلى للدولة للتعديلات التي أدخلتها لجنة (6+6) بعد بوزنيقة يشكل خياراً سياسياً يعرّض للخطر كل المكاسب التي حققها المجلسان والحلول الوسط التي توصلا إليها بشق الأنفس".

وكان رئيس المجلس الأعلى، محمد تكالة، أكد بالفعل الأسبوع الماضي، في حديث إعلامي، أن القوانين المتعلقة بتنظيم الانتخابات، المصادق عليها من طرف مجلس النواب غير مطابقة للتعديل الدستوري ومخرجات اجتماع بوزنيقة.

ردود فعل غاضبة 

ولم تلق هذه التصريحات قبولا في الشرق والغرب معاً، إذ انهال الطرفان على باثيلي والبعثة الأممية بالانتقاد، متهمين إياه بالتورط في الصراع السياسي الليبي.

واتهم عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد بوبريق، باثيلي بـ"الانحياز" لحكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، قائلا "باثيلي أصبح طرفًا في الأزمة الليبية، وفي ملف الانتخابات وتشكيل الحكومة، فقد أصبح موظفًا بحكومة الدبيبة، وما يريده الآن هو استمرار هذه الحكومة في السلطة".

وعوض اقتراحات المبعوث الأممي، قال بوبريق - في تصريحات نقلها موقع "الساعة 24" - إن "الخطوة المهمة الآن هي تشكيل حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات بتوافق مجلسي النواب والدولة، التدخل الدولي في تشكيل الحكومات الليبية، أثبت فشله في الحكومات السابقة".

بدوره، انتقد عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، في تصريحات نقلها موقع "أخبار ليبيا"، ما وصفه بإصرار المبعوث الأممي على "عودة الليبيين إلى الصراع على الحكومات، وضرورة وجود حكومة موحدة، وكلما نسير خطوة إلى الأمام، يُعيدنا إلى الخلف مرة أخرى".

وتحدث على أن البعثة الأممية "لم تقدم أي مقترح أفضل مما قدمته لجنة 6+6"، و"هناك توافق كبير لتجاوز العقبات، ولكن باثيلي أثبت أنه غير مستوعب للمشكلة الليبية، ولا أطراف الصراع". 

بدوره، قال عضو مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، في تصريحات للإعلام المحلي، إن "القوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة 6+6 ملزمة للجميع رغم تحفظ بعض الأطراف عليها"، متسائلا "هل يريد (باثيلي) أن يشرك أطرافا مسلحة في الحوار أم يقصد الدبيبة أو أطرافا أخرى فاعلة في المنطقة الغربية؟".

واتهمت أطراف ثالثة باثيلي بـ"تجاوز صلاحياته"، و"تأزيم الأوضاع"، وهي اتهامات يعتبرها البعض مشابهة لما تعرض إليه سبعة مبعوثين سابقين للأمم المتحدة إلى ليبيا، يقول المحلل السياسي الليبي، محمود إسماعيل الرملي.

ويضيف الرملي، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، أن "هناك طبقة نفعية ومتآكلة في المشهد السياسي الليبي تقف وراء تعطيل المسار القانوني، لكن رغم هذا فإن البعثة الأممية تتحمل مسؤولية الفشل المستمر في إحداث اختراق بالمشهد الليبي".

ويوضح المحلل السياسي ذاته أن "المشكل ليس دائما في شخصية المبعوث، إنما في طبيعة البعثة الأممية التي تتجاذبها أطراف دولية عديدة"، متحدثا عن أهمية تفعيل مبادرة جديدة بين البعثة الأممية والأطراف المحلية لوضع النصوص المختلف فيها والعمل على استصدار تشريعات ملزمة وحل نقاط الخلاف. 

وتأسف محمود إسماعيل على عدم قدرة البعثة الأممية على تنفيذ تعهداتها السابقة على غرار إنشاء لجنة توجيهية عالية المستوى تضم كل الطيف السياسي والليبي.

وفي أواخر فبراير الماضي، أعلن باثيلي إطلاق "مبادرة" تسعى لإنشاء هذه اللجنة من أجل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في البلاد قبل نهاية هذا العام.

لكن حينها انتفض مجلسا "النواب" و"الأعلى للدولة" ضد هذا الاقتراح، ما دفعهما إلى الدخول في مفاوضات عديدة أسفرت عن تكوين لجنة 6+6 عقدت اجتماعاتها في بوزنيقة المغربية وخرجت بالقوانين الحالية المثيرة للجدل.

  • المصدر: أصوات مغاربية/ وسائل إعلام محلية

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة